التحول الرقمي رهان المغرب في أفق 2030

التحول الرقمي رهان المغرب في أفق 2030

الرباط – يسعى المغرب منذ سنوات إلى تسريع التحول نحو الرقمنة ودمج التكنولوجيات الحديثة في قطاع الخدمات ومنه نحو بقية القطاعات، في محاولة لمواكبة التطور التقني والخدماتي للدول المتقدمة وأيضا تسهيل الخدمات المقدمة للمواطن التي يقدمها الفاعلون السوسيو اقتصاديون في البلاد.

ومواصلة لسياسة الرقمنة التي بدأتها السلطات منذ نحو ثلاثة عقود، جاء في المذكرة التأطيرية لمشروع قانون المالية للعام 2023، والتي وجهها رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش إلى الوزارات، أن الحكومة ستعمد في السنة المالية الجديدة إلى مواصلة التدابير الموازية، التي تتوخى تسريع الورشات المتعلقة بإصلاح الإدارة، وتبسيط المساطر، حيث سيتم إطلاق إستراتيجية جديدة للتحول الرقمي في أفق سنة 2030، وذلك حسب ما جاء في المذكرة التأطيرية لمشروع قانون المالية برسم السنة المالية 2023، التي وجهها رئيس الحكومة عزيز أخنوش إلى القطاعات الوزارية.

وأوضحت المذكرة أن هذه الإستراتيجية تهدف بالأساس إلى رقمنة الخدمات العمومية، ووضع أسس انبثاق اقتصاد رقمي يخلق فرص الشغل، ويؤسس لتمركز أفضل للمغرب في هذا المجال.

الحكومة ستعمد في السنة المالية الجديدة إلى إطلاق إستراتيجية جديدة للتحول الرقمي تهدف إلى رقمنة الخدمات العمومية

وأكدت أن الحكومة المغربية تولي أهمية كبرى، من خلال الرقمنة، لتسهيل العمليات المرتبطة بقطاع العقارات، وتحسين الحوكمة، وتطوير القطاع المالي، وتعزيز انخراط القطاعين الخاص والبنكي في مجال الاستثمار.

ويرى خبراء أن التحول الرقمي سيكون محفزا لمناخ الأعمال وتوفير فرص العمل وتحديث المرافق العامة وتوفير الخدمات للمواطنين بطريقة فعالة وسريعة، ما من شأنه توفير الجهد والمال والوقت.

كما ستسهم الرقمنة في تقليص الهوة والفوارق القطاعية والاجتماعية، وتعمق الشفافية والنزاهة، فضلا عن الحد من مظاهر الفساد والرشوة والمحسوبية، وتوفر للمواطن ميزة سهولة وسرعة الوصول إلى المعلومة، بالإضافة إلى حماية أمن معاملاته وحماية معطياته الشخصية، كما ستقلص الرقمنة كذلك من الاحتيال ومن تكاليف بعض المعاملات الدورية، وتعزز قطاع الخدمات في المغرب.

وكانت السلطات المغربية أطلقت منذ سنوات ما يعرفه بـ”الأوراش المهيكلة”، وهي ورش وطنية أطلقتها الرابط من أجل ضمان التحول نحو “هوية رقمية كاملة” عالية الأمان وتدمج التكنولوجيات الحديثة في وثائق الهوية، والتي تراهن عليها السلطات للمساعدة في تسريع الانتقال الرقمي للإدارة العمومية بالمملكة، وتمكين جميع المرافق العامة والفاعلين الخواص من تقريب باقة خدماتهم من المرتفقين للعموم.

وتفيد تصريحات سابقة لوزير الصناعة رياض مزور بأن فترة التحول الرقمي ما بين عامي 1991 و2021 ساهمت في خلق نحو 1.2 مليار وظيفة جديدة في البلاد. وقد أشار الوزير إلى أن الرقمنة تتيح فرصة خلق القيمة، ضاربا المثل بوزارته التي تطمح لخلق 400 ألف فرصة عمل حاليا في مجال ترحيل الخدمات، 25 في المئة منها ذات الصلة أساسا بالمجال الرقمي.

وتضم الحكومة المغربية مندوبية وزارية خاصة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدراة، وقد أوكلت هذه الحقيبة الجديدة لغيثة مزور، المتخصصة في مجال الذكاء الاصطناعي.

وينظر محللون إلى هذه الخطوة غير المسبوقة على أنها تعكس بصورة واضحة الإرادة القوية للحكومة من أجل دعم وتطوير المجال الرقمي في المملكة، والذي سيكون له أثر إيجابي على عدد من القطاعات ويساهم في التنمية الاقتصادية للبلاد.

ويولي المغرب، إدراكا منه بالدور المهم الذي تلعبه الرقمنة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية، اهتماما خاصا بإدخال التكنولوجيات الجديدة أيضا في مختلف النظم البيئية العمومية والخاصة.

التحول الرقمي سيكون محفزا لمناخ الأعمال وتوفير فرص العمل وتحديث المرافق العامة وتوفير الخدمات للمواطنين بطريقة فعالة وسريعة

ونصت مذكرة قانون المالية للسنة القادمة على أنه سيتم العمل على مواصلة مجهود الاستثمار العمومي، خصوصا في ما يتعلق بمشاريع البنية التحتية، وتفعيل الإستراتيجيات القطاعية الطموحة التي أطلقتها المملكة، ويأتي على رأسها “الجيل الأخضر”، والتحول الصناعي، والسياحة، والصناعة التقليدية، والاقتصاد الاجتماعي، إلى جانب تشجيع الإنتاج الوطني، ودعم تنافسية الوسم “صنع في المغرب”، وتعزيز السيادة الوطنية الغذائية والصحية والطاقية.

ووفق هذا المنظور، تشكل مواجهة ندرة الموارد المائية أولوية بالنسبة للحكومة، حيث ستعمل على اتخاذ كافة التدابير الاستعجالية لتأمين التزود بالماء الصالح للشرب، موازاة مع بلورة حلول هيكلية لمواجهة هذه الأزمة، من خلال إطلاق مجموعة من المشاربع التي تتعلق على الخصوص بتحويل الماء بين أحواض سبو، وأبي رقواق، وتنزيل برنامج طموح لإنجاز محطات تحلية المياه بكل من الدار البيضاء والداخلة وأسفي وكلميم والناظور. كما يتعلق الأمر بالقيام بتوسيع الاعتماد على إعادة استعمال المياه العادمة المعالجة لأغراض سقي المساحات الخضراء، كما هو الشأن حاليا بالنسبة لمدن الرباط وطنجة وتطوان، وكذلك لسقي الأراضي الفلاحية، والاستعمالات الصناعية، وحاجيات الفنادق السياحية.

وأبرزت المذكرة أيضا أنه تفعيلا لإرادة العاهل المغربي الملك محمد السادس بخصوص الإصلاح العميق للقطاع العمومي، ونظرا للدور المحوري الذي يلعبه هذا القطاع من خلال مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي، وفي تحقيق الاستثمارات المهيكلة للاقتصاد الوطني، وخلق فرص الشغل، إلى جانب مساهمته في ميزانية الدولة، ستعمل الحكومة على تنزيل القانون الإطار المتعلق بإصلاح المؤسسات والمقاولات العمومية ورقمنتها، وتفعيل الوكالة الوطنية للتدبير الإستراتيجي لمساهمات الدولة وتتبع فاعلية أداء المؤسسات والمقاولات العمومية. وذلك بهدف تعزيز دور الدولة المساهمة، وعقلنة تدبير المحفظة العمومية، والرفع من مردوديتها.

العرب