بارزاني يساير الصدر لكنه يترك الباب مواربا

بارزاني يساير الصدر لكنه يترك الباب مواربا

يتعاطى الحزب الديمقراطي الكردستاني ببراغماتية شديدة مع الأزمة السياسية في العراق، مع تصاعد الاحتقان بين الإطار التنسيقي والتيار الصدري، ما ينذر بالخروج عن السيطرة، لاسيما مع إصرار زعيم التيار مقتدى الصدر على موقفه من التسوية.

أربيل – يحرص الحزب الديمقراطي الكردستاني على تبني لغة دبلوماسية، متجنبا إبداء أي مواقف حاسمة حيال دعم هذا الطرف الشيعي أو ذاك، في نهج لا يخلو من براغماتية هي، وفق البعض، أقرب إلى الانتهازية في التعاطي مع الأزمة السياسية المتفجرة منذ أشهر في العراق.

ويرى مراقبون أن الحزب الديمقراطي الذي يقوده الزعيم الكردي مسعود بارزاني، لا يريد أن يصطف بشكل كلي مع أي من الفرقاء الشيعة، بانتظار اتضاح مآلات الأمور، وإن كان بارزاني يبدي ميلا إلى دعم حليفه في “إنقاذ وطن” التيار الصدري، وذلك على اعتبار أن الكفة إلى حد الآن تميل صوب الأخير في عملية لي الذراع التي تحولت إلى الشارع.

ويشير المراقبون إلى أن من الدوافع الأخرى التي تقود بارزاني إلى سلك هذا المسار هو إدراكه أن التماهي مع الإطار التنسيقي لا يخدم طموحاته في اقتطاع حصة الأسد من الكعكة الكردية، في ما يتعلق بالمشاركة في السلطة المركزية في بغداد، في ظل التحالف القائم بين الإطار وخصمه الكردي الاتحاد الوطني.

اجتماع مسعود بارزاني وهادي العامري لم يفض إلى أي اتفاق معين بشأن علاقة الإطار التنسيقي والحزب الديمقراطي

واختتم رئيس وفد تحالف الإطار التنسيقي هادي العامري في وقت متأخر من مساء الأحد مباحثات مع الأطراف السياسية الكردية بشأن الأزمة السياسية في البلاد.

وكان العامري الذي يترأس أيضا تحالف “الفتح”، الذي يشكل المظلة السياسية للميليشيات الموالية لإيران، التقى في أربيل، عاصمة إقليم كردستان، برئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني ورئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني في اجتماعين منفصلين لبحث سبل إنهاء الأزمة، قبل أن ينتقل إلى السليمانية.

وقال مسعود بارزاني في بيان إن الجانبين تبادلا وجهات النظر إزاء الوضع السياسي وآخر المستجدات والمعوقات أمام العملية السياسية. وتابع أنهما شددا على ضرورة أن تتخذ الأطراف خطوات سعيا لحل المشاكل، وتكثيف جهودها لإنهاء الأزمة السياسية.

وأكد مسرور بارزاني دعمه لجميع أشكال المفاوضات القائمة على مبدأ قبول الآخر وتعزيز الثقة بين جميع مكونات العراق، وفق بيان لحكومة الإقليم.

وفي المقابل شدد العامري الذي كلفه الإطار بقيادة المفاوضات مع القوى السياسية العراقية، على ضرورة أن ترتكن جميع الأطراف والمكونات العراقية إلى الحوار.

وحمل العامري مبادرة من الإطار التنسيقي إلى أربيل وأيضا السليمانية من أجل “جلوس جميع الأطراف إلى طاولة الحوار، لإيجاد مخرج قانوني ودستوري للمأزق السياسي الحالي بعيدا التشنج الحاصل”.

ونقلت وسائل إعلام محلية عن مصادر قولها إن هادي العامري طلب خلال لقائه بزعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني التوسط لدى مقتدى الصدر، من أجل الدخول في تفاوض ثنائي يجمع التيار الصدري والإطار التنسيقي.

وأوضح أحد المصادر أن اجتماع بارزاني والعامري لم يفض إلى أي اتفاق معين بشأن علاقة الإطار التنسيقي والحزب الديمقراطي.

وانخرط الحزب الديمقراطي الكردستاني مبكرا في تحالف مع التيار الصدري الذي تصدر نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت في أكتوبر الماضي، وذلك على أمل أن يضمن الحزب الكردي السيطرة على مختلف المناصب المتعلقة بالأكراد، بما يشمل رئاسة الجمهورية، التي رشح لها وزير داخلية الإقليم ريبير أحمد.

وتعرضت هذه الطموحات إلى ضربة قوية بعد قرار الصدر المفاجئ الانسحاب من العملية السياسية، وتقديم كتلته النيابية المؤلفة من ثلاثة وسبعين نائبا استقالتها من البرلمان.

وعمد الحزب الديمقراطي إلى التريث بانتظار الخطوة التالية للتيار الصدري، والتي لم تطل كثيرا حيث دعا الأخير أنصاره إلى النزول إلى الشارع في يوليو بداعي رفض محمد شياع السوداني مرشح الإطار، الذي أضحت له الأغلبية البرلمانية، لرئاسة الحكومة المقبلة.

وكان الحزب الكردي يعتقد أن الهدف من تحرك التيار الإمساك مجددا بتفاصيل العملية السياسية من خارجها، لكن للصدر حسابات أخرى كشف عنها لاحقا بتأكيده في وقت سابق من الشهر الجاري على وجوب حل البرلمان الحالي والدعوة إلى انتخابات تشريعية جديدة، كشرط لإنهاء الأزمة.

مطالب الصدر شكلت صدمة للحزب الديمقراطي، الذي يخشى أن لا تأتي رياح الانتخابات المقبلة وفقا لما تشتهيه سفنه، لكن الحزب فضل التريث في إبداء أي موقف قبل أن يطلّ قبل أيام ببيان أعلن فيه عن موافقة مشروطة.

ويقول المراقبون إن الحزب الديمقراطي يرى أن مجاراة الصدر في هذه الفترة أفضل، وهو يراهن على مواقف باقي القوى السياسية المتحفظة على شروط الزعيم الشيعي، وتبدي دعمه لمبادرة الإطار التنسيقي.

واجتمع العامري في السليمانية مع رئيس حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بافل طالباني، وناقشا آخر المستجدات والمبادرات الجديدة لحل المشاكل التي تواجه العملية السياسية.

وقال الحزب في بيان إن الجانبين اتفقا على مواصلة المحادثات والحوار البناء للتغلب على المشاكل. وأكد طالباني أن حزبه يرحب بأي مبادرة تجمع كل الأطراف وتهدف إلى التوصل إلى اتفاق وطني وإنقاذ البلاد من الوضع الراهن.

والسبت، التقى العامري مع رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي في بغداد، حيث بحثا الوضع السياسي في البلاد، وفق بيان لمكتب الحلبوسي.

بارزاني يدرك أن التماهي مع الإطار التنسيقي لا يخدم طموحاته في اقتطاع حصة الأسد من الكعكة الكردية

ويستبعد المراقبون أن تؤتي تحركات العامري أكلها، حيث إن الصدر مصر على التصعيد في الشارع إلى حين تنفيذ مطالبه كاملة، وذلك بغض النظر عن مواقف باقي القوى السياسية، بما في ذلك القوى الحليفة، وهذا يثير المخاوف من انفجار الوضع في العراق.

وحذر القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني هوشيار زيباري الاثنين من حرب أهلية قد تحدث في العراق ما لم يتم منعها، فيما أشار إلى أن الاحتقان السياسي بين القوى الشيعية بلغ ذروته.

وكتب زيباري في تغريدة له نشرها عبر حسابه في تويتر إن “الحروب الأهلية لا تحدث بقرارات قيادية، الحرب الكردية عام 1994 لم تبدأ بقرار من السادة مسعود بارزاني وجلال طالباني، ولكن أحداث عنف فردية ومتفرقة من قبل قيادات ميدانية كانت السبب”.

وأضاف أن “الاحتقان السياسي الحالي بين القوى الشيعية: الإطار والتيار، وصل ذروته ويجب منعه، ولنستفيد من التاريخ”.

وكان زعيم التيار الصدري حدد مساء السبت المقبل موعدا لانطلاق تظاهرة سلمية في العاصمة بغداد “لم يسبق لها مثيل” من ناحية العدد، في الوقت الذي يعتصم فيه أنصار الإطار التنسيقي أمام أسوار المنطقة الخضراء.

وقال صالح محمد العراقي الملقب بوزير الصدر “بعد جلسة نقاشية مطوّلة معه (مقتدى الصدر)، ركّز فيها على أن تكون المظاهرة القادمة سلمية ولم يسبق لها مثيل من ناحية العدد”. وأضاف “تقرّر تحديد موعد المظاهرة في يوم السبت القادم، على أن يكون التجمّع في ساحة التحرير أولا في الساعة الخامسة عصرا، ثم المسير نحو ساحة الاحتفالات”.

العرب