الجزائر – قررت الحكومة الجزائرية إنشاء بنك للبذور الزراعية ووقف استيرادها بداية من العام القادم، في خطوة وصفها مراقبون بأنها جاءت متأخرة لتحقيق الأمن الغذائي الذي يكلفها عشرة مليارات دولار سنويا.
يأتي هذا في وقت يخشى فيه مزارعون أن يؤدي القرار إلى ندرة جديدة تُسبب تراجع الإنتاج وارتفاع الأسعار، كما حدث خلال الأشهر الماضية مع بعض المواد الزراعية على غرار البطاطا.
وعبّر رئيس الوزراء الجزائري أيمن بن عبدالرحمن، خلال إشرافه على إطلاق بنك وطني للبذور الزراعية، عن نية بلاده الذهاب إلى تحقيق 80 في المئة من حاجياتها الغذائية بداية من العام القادم، وهو ما سيوفر للخزينة العمومية نحو عشرة مليارات دولار ويغنيها عن مناورات الأسواق الدولية، خاصة ما تعلق منها بالقمح والحليب.
كما أعلن بن عبدالرحمن عن إطلاق بنك وطني للبذور الزراعية ووقف استيراد البذور من الخارج، وهو ما يصب في اتجاه حماية المنتجات المحلية وتوفير نفقات للخزينة العمومية بالعملة الصعبة. لكن مزارعين يتخوفون من أن يتسبب القرار في ندرة تؤدي إلى تقلص الإنتاج وارتفاع الأسعار كما حدث خلال الأشهر الماضية، حين ارتفع سعر البطاطا التي تعد غذاء رئيسا في البلاد إلى نحو 1 دولار للكيلوغرام الواحد.
وأكد رئيس الوزراء الجزائري أن “الحكومة تسعى لتغطية الاحتياجات المحلية في مجال الإنتاج الزراعي بنسبة 80 في المئة في غضون عام 2023، وهو هدف سيجسد بالتركيز على مراكز ومعاهد البحث العلمي والمخابر الجامعية، حتى تتمكن البلاد من بلوغ الأمن الغذائي بمردود 50 قنطارا في الهكتار، وأن الاعتماد بصفة كلية على الإنتاج المحلي من البذور في الزراعة يمثل تحديا كبيرا، ينبغي على القطاع تكثيف جهوده للنجاح في تحقيقه”.
ولفت إلى أن ما وصفه بـ”الإنجاز العلمي الكبير” تحقق بسواعد جزائرية “قدمت اليوم برهانا جديدا على أن القدرات والكفاءات الوطنية بإمكانها أن تصنع مثل هذه الإنجازات”.
وأدى بن عبدالرحمن دور الواعظ في حضه على كسب رهان الأمن الغذائي، لما ردد “لا خير في أمة تلبس ما لا تخيط وتأكل ما لا تزرع”، مشددا على “ضرورة الحفاظ على الأصناف النباتية والحيوانية المحلية وحمايتها بالنظر إلى دورها في تكثيف الإنتاج الوطني”، وهي دعوة إلى حماية الأصناف المذكورة من التهجين، خاصة في ظل الفوضى التي تعرفها سوق البذور وغياب الآليات الفعّالة التي من شأنها أن تُحقّق ذلك.
وقال “إنجاز البنك الوطني للبذور الذي يعد هيكلا مهما لتحقيق الأمن الغذائي، يمثل محطة تاريخية ولبنة أخرى تأتي لتعزيز سيادتنا الوطنية من خلال تكريس مبدأ الأمن الغذائي للبلاد الذي نعتبره جزءا لا يتجزأ من أمننا الوطني، وأن مثل هذه الإنجازات الحيوية تعد مثالا آخر عن ثمرة الجهود المبذولة على المستوى الحكومي الرامية إلى تكريس هذا المبدأ”.
وكان الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون قد انتقد، في آخر تصريح له لوسائل إعلام محلية، أداء القطاع الزراعي في بلاده، بسبب ضعف المردودية في الزراعات والمحاصيل الأساسية، رغم أنه سبق له أن أشاد بتحقيق الاكتفاء الذاتي في بعض المواد والوصول إلى التصدير، وهو الأمر الذي أكد عليه رئيس الحكومة معتبرا أن الحكومة تنوي الوصول إلى سقف 50 قنطارا في الهكتار الواحد بالنسبة إلى القمح.
ورغم إنتاج ثلث الحاجيات المحلية من مادة القمح ظلت الجزائر تعاني من التبعية للأسواق الدولية في مجال الحبوب والحليب، وهو ما شكل لها هاجسا مقلقا، لاسيما في ظل تقلب الأسواق الدولية بسبب التوترات والأزمات السياسية والعسكرية كما هو الشأن في أوكرانيا.
العرب