سجال بين الدبيبة وباشاغا مع عودة شبح الحرب إلى طرابلس

سجال بين الدبيبة وباشاغا مع عودة شبح الحرب إلى طرابلس

طرابلس – تسببت حشود عسكرية جديدة موالية لرئيس الحكومة الليبية المكلفة من البرلمان فتحي باشاغا في بعض المدن المحيطة بطرابلس والمؤدية إليها، في قلق شعبي كبير من وقوع المحظور واندلاع اشتباكات جديدة داخل العاصمة، خصوصا أنها تزامنت مع سجال حاد على مواقع التواصل بين باشاغا ورئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية المؤقتة عبدالحميد الدبيبة.

وقال شهود عيان ومدونون على مواقع التواصل إن حشدا عسكريا كبيرا تابعا لباشاغا تجمع مساء الأربعاء في مدن ومناطق عدة شرق طرابلس وغربها، في ما يبدو محاولة جديدة من رئيس الحكومة المكلفة من البرلمان للدخول إليها، بعد يوم واحد على ظهور رئيس المنطقة العسكرية الغربية الموالي لباشاغا اللواء أسامة الجويلي وهو يتفقد السرية الطبية التابعة لقواته في جنوب غربي طرابلس.

ونشر باشاغا عبر صفحته على فيسبوك نص رسالة بعثها إلى الدبيبة، وصفها بـ”إبراء ذمة”، دعاه فيها إلى “التزام مبادئ الديمقراطية التي تفرض الالتزام بالتداول السلمي للسلطة”.

وخاطب باشاغا الدبيبة في رسالته “التزاما منا بالمسؤوليات الأخلاقية والوطنية والشرعية، وحرصنا الكامل على استقرار الدولة الليبية وحماية مصالحها من كل ما ينال من استقرارها واستقلالها وأمن مواطنيها الكرام… أناشد فيكم الأخلاق بصدق دون نفاق… أن تجنحوا للسلم بعزة وشرف”.

وناشد الدبيبة الاستجابة لدعوته واحترام مصلحة الوطن وتسليم السلطة سلميا وتجسيد معاني الشرعية والديمقراطية وترسيخ أسس الدولة المدنية.

ورد الدبيبة على خطاب باشاغا عبر حسابه على تويتر قائلا “إلى وزير الداخلية الأسبق، وفّر عليك إرسال الرسائل المتكررة والتهديدات بإشعال الحرب واستهداف المدنيين، لو كان لديك حرص على حياة الليبيين، فركز جهدك لدخول الانتخابات، ودع عنك أوهام الانقلابات العسكرية فقد ولى زمانها”.

وأضاف في تغريدة أخرى “ملاحظة: لم أرد برسالة لأني مشغول.. بخدمة الليبيين”.

وتأتي هذه الرسائل في وقت تشهد العاصمة طرابلس تصعيدا عسكريا خطيرا يفاقم المخاوف من عودة شبح الاقتتال من قبل مجموعات تابعة للطرفين، التي تحتشد لدعم أو مواجهة باشاغا في حال دخوله العاصمة.

وكان باشاغا قد لوّح باستخدام القوة الثلاثاء في بيان هاجم فيه الدبيبة، قائلا “لا ظلم ولا قتال مع من اتبع الشرعية واختار الوطن دون سواه”، والذي قابله الدبيبة علنيا مهددا في أكثر من مرة، بأنه “سيستخدم القوة لمواجهة من يفكر في دخول العاصمة طرابلس”.

ومساء الأربعاء، طالبت اللجنة المشتركة المشكلة من رئاسة الأركان العامة التابعة لحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، وعدد من الحكماء والمشايخ والأعيان من مصراتة وطرابلس، “جميع الأطراف الليبية” بنبذ استخدام القوة واللجوء إلى الحوار وتحكيم العقل، وصولا إلى خارطة طريق تنهي الصراعات السياسية والأمنية الحالية.

وأكدت اللجنة، في بيان مشترك، “وحدة البلاد وحرمة الدم الليبي”، مطالبة جميع الأطراف الليبية بالحوار ونبذ لغة الرصاص وصـولا إلى خارطة طريق تنهـي الصراعات السياسية والأمنية الحالية.

وأكد المجتمعون رفض ومنع الاقتتال بأي حال من الأحوال، ودعم اللجنة المشكلة من رئاسة الأركان للتواصـل مـع جميع الأطراف.

كما شددوا على دور المجلس الرئاسي في تحمل مسؤوليته وأن يقف وقفة للتاريخ والعمل على إخراج خارطة الطريق التي تعهد بها، لإخراج البلاد مـن المأزق السياسي والأمني الـذي تمر به حاليا، على أن تتضمن وقتا محددا لإجراء الانتخابات.

وكان رئيس أركان المنطقة الغربية محمد الحداد، قد اجتمع الثلاثاء مع عدد من قيادات المجموعات المسلحة لمناقشة الأوضاع مع التحشيدات الأخيرة، حيث أكدوا في بيان لهم النأي عن الصراعات السياسية، ومنع الاقتتال بكل أشكاله، والوصول إلى حلول سلمية بعيدة عن الحرب والقتال.

وسبق أن وقّع رئيس الأركان بالمنطقة الغربية اتفاقا مبدئيا مع رئيس الأركان التابع للقيادة العامة للجيش الليبي عبدالرزاق الناظوري وقيادات المؤسسة العسكرية لإعادة توحيد المؤسسة.

إلى ذلك، حثت لجنة الحقوقيين الدولية مساء الأربعاء المجتمع الدولي على مضاعفة جهوده للتصدي للإفلات من العقاب على الجرائم في ليبيا، وذلك من خلال تعزيز قدرة وفعالية آليات المساءلة الدولية.

وقالت اللجنة الدولية إن “معالجة عقود من الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة في ليبيا تتطلب دعم جهود القضاء الليبي، من خلال التحقيقات والمحاكمات الدولية المعززة التي تحترم ضمانات المحاكمة العادلة”.

وكشفت اللجنة أن الجنائية الدولية تدرس إنجازات وتحديات بعثة تقصي الحقائق، وتستكشف بالتفصيل مزايا وعيوب إنشاء آليات مساءلة جديدة مثل آلية تحقيق دولية ومحكمة خاصة لليبيا.

وتشهد ليبيا منذ مارس الماضي أزمة سياسية تتمثل في صراع بين حكومتين، الأولى حكومة باشاغا والأخرى حكومة الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة إلا لحكومة تكلف من قبل برلمان جديد منتخب.

وأثار هذا الخلاف المخاوف من تحوله إلى حرب خاصة في ظل التحشيد المسلح المستمر بالعاصمة طرابلس من قبل قوات مؤيدة للحكومتين، كانت قد وقعت اشتباكات مسلحة بينها في السادس عشر من مايو الماضي، بعد دخول باشاغا إلى المدينة آنذاك قبل الانسحاب منها.

العرب