انسحاب الصدر من السياسة يعطي إشارة المواجهة الشيعية – الشيعية

انسحاب الصدر من السياسة يعطي إشارة المواجهة الشيعية – الشيعية

بغداد- كان إعلان زعيم التيار الصدري مقتدي الصدر انسحابه من المشهد السياسي وحل الفصائل الموالية له بمثابة إشارة إلى أنصاره للتحرك بسرعة واقتحام القصر الجمهوري ومحاصرة مقر الحكومة، في خطة مرتبة لإحداث حالة من الفوضى العارمة، وهو ما قاد إلى مواجهة محدودة بين الصدريين وميليشيات حليفة لخصومهم وكان الأمر سيتطور أكثر لولا تدخل الجيش العراقي.

يأتي هذا في وقت يفقد فيه الصدريون دعما مذهبيا وروحيا في مواجهة خصومهم بعد استقالة المرجع الديني كاظم الحائري بشكل مفاجئ لاعتبارات قال إنها تتعلق بتقدمه في العمر.

وقالت أوساط سياسية عراقية إن حظر الجولان الذي فرضه الجيش مساء الاثنين لن يحل المشكلة، فالوضع لا يمكن تطويقه بقرار من أيّ جهة كانت خاصة أن الخصوم مشحونون سياسيا ومذهبيا ومستعدون لمواجهة مفتوحة.

وأشارت هذه الأوساط إلى أن المعركة لا يمكن أن تتحكم فيها الحكومة ولا القوات العراقية ولا الجيش، وأن حسمها سيكون بالمواجهة بين الميليشيات المتقابلة، فمن جانب التيار الصدري نجد سرايا السلام ومن الجانب الآخر الحشد الشعبي وقائمة طويلة من الفصائل المنضوية تحت لوائه.

وقال الصدر في بيان عبر تويتر “إنني الآن أعلن الاعتزال النهائي وغلق كافة المؤسسات”، منتقدا زعماء الشيعة السياسيين الآخرين لعدم استجابتهم لدعواته للإصلاح.

ولم يخض في تفاصيل عن إغلاق مكاتبه، لكنه أضاف أن بعض مؤسساته الثقافية والدينية ستبقى مفتوحة.

وغالبا ما كان الصدر يعود إلى نشاطه السياسي بعد إعلانات مماثلة، على الرغم من أن الأزمة السياسية الحالية في العراق يبدو أنها عصية على الحل مقارنة بفترات الشلل السابقة.

وسبقت إعلان الصدر انسحابه من المشهد استقالة بالغة الأهمية للمرجع الديني كاظم الحائري من المرجعية وتسليمها للمرشد الإيراني علي خامنئي، وهو الذي كان يعتبر نفسه الوصي الفقهي على تراث محمد باقر الصدر ومحمد صادق الصدر، في خطوة قال مراقبون عراقيون إنها يمكن أن تضعف الصدر وأتباعه، حيث كان الحائري بمثابة غطاء ديني ومذهبي لهم.

◙ إعلان الصدر انسحابه من المشهد سبقته استقالة بالغة الأهمية للمرجع كاظم الحائري الوصي على تراث آل الصدر

والملاحظ أن الحائري وجّه انتقادات حادة للصدريين، وللصدر نفسه، في خطابه الأخير الذي أعلن فيه عدم الاستمرار في التصدي للمرجعية بسبب المرض والتقدم في العمر. وقال “من يسعى لتفريق أبناء الشعب والمذهب باسم الصّدْرَيْن (محمد باقر ومحمد صادق)، أو يتصدّى للقيادة باسمهما وهو فاقد للاجتهاد أو لباقي الشرائط المشترطة في القيادة الشرعيّة فهو – في الحقيقة – ليس صدريّاً مهما ادعى أو انتسب”.

وقال المراقبون إن توقيت استقالة الحائري يربك الصدر أولا، ويربك مريديه أكثر، وهم الذين لن يجدوا مرجعية يحتمون بها في الوقت الذي يجد خصومهم من الإطار التنسيقي أنفسهم مسنودين بمرجعية علي السيستاني في العراق وفي نفس الوقت مرجعية خامنئي في إيران.

ويمكن لأي من المرجعيتين في العراق أو إيران أن تصدر فتاوى ضد أنصار الصدر في حال استمر التصعيد الحالي، وهو ما يعني تقديم مسوغ ديني ومذهبي لخصومهم لتصفيتهم.

ودعا رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي زعيم التيار الصدري للمساعدة في دعوة المتظاهرين من أنصاره للانسحاب من المؤسسات الحكومية وسط بغداد.

وقال الكاظمي في بيان إن ” اقتحام المتظاهرين للمنطقة الخضراء ودخول مؤسسات حكومية يؤشر لخطورة النتائج المترتبة على استمرار الخلافات السياسية”.

وأمر الكاظمي بوصفه القائد العام للقوات المسلحة بدخول جميع القطعات العسكرية في حالة الإنذار القصوى.

وذكرت قيادة عمليات بغداد أن الكاظمي دعا إلى تواجد جميع القادة والآمرين العسكريين على رأس قطعاتهم العسكرية والتحاق كافة المجازين.

وفي أول ردود الفعل الخارجية، قال البيت الأبيض إن الاضطرابات التي يشهدها العراق بعد انسحاب الصدر من الحياة السياسية “تثير القلق”، ودعا إلى “الحوار” للتخفيف من حدة الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد.

وأبلغ المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي الصحافيين بأن واشنطن لا ترى حاجة لإجلاء العاملين في سفارتها بالعراق في الوقت الحالي.

واشتبك شبان موالون للصدر خرجوا إلى الشوارع بعد إعلان الصدر انسحابه من السياسة مع أنصار جماعات مدعومة من طهران. وتبادل الطرفان الرشق بالحجارة خارج المنطقة الخضراء ببغداد التي تضم العديد من مقرات الوزارات والسفارات.

وقال مراسلون إن دويّ إطلاق النار تردد في أنحاء وسط بغداد، وقتل ثمانية من أنصار مقتدى الصدر وفق آخر حصيلة رسمية مساء الاثنين.

ووقعت الاشتباكات بعد ساعات من إعلان الصدر انسحابه من السياسة، ما دفع أنصاره، الذين يعتصمون منذ أسابيع داخل مقر البرلمان في المنطقة الخضراء، إلى التظاهر واقتحام المقر الرئيسي لمجلس الوزراء.

العرب