رغم تصدرها المشهد الاقتصادي العالمي منذ تأسيسها عام 1999، تتصدر القمة القادمة لمجموعة العشرين قضايا سياسية تنتظر المضيف تركيا وحلفاءها إبرازها أمام الدول الكبار، للضغط تجاه تنفيذ اقتراحاتها التي تخص أزمات المنطقة المحيطة بها، وعلى رأسها سوريا والعراق.
ويؤدي توافق الرؤى بين أنقرة والرياض فيما يتعلق بقضايا المنطقة؛ إلى إمكانية توحيد خطابيهما في القمة المزمع انعقادها اليوم الأحد. إضافة إلى المشاريع الاقتصادية التي يخطط لها أبرز الحلفاء في الشرق الأوسط.
الزعيم الأبرز في القمة، رجب طيب أردوغان، الرئيس التركي، استعد جيداً لأول استضافة لتركيا لمجموعة زعماء أكبر دول العالم، وقال: “سيجدون قمة مختلفة للغاية عن سابقاتها، سيشهدون قمة لن يستطيعوا نسيانها في أنطاليا”.
– سوريا والعراق.. قلق تركيا وإهمال العالم
تشكل الأزمة السورية نقطة تقف عندها تركيا والسعودية في كل مناسبة، حيث أعلن أردوغان أمام مجموعة من رجال الأعمال في أنقرة قبيل القمة بأيام، أن النزاع السوري سيكون “موضوعاً أساسياً” في قمة مجموعة العشرين.
وأبدى الرئيس التركي استعداداً لاتخاذ “خطوات أقوى” في المنطقة بعد نتائج الانتخابات العامة الأخيرة التي عززت الاستقرار في بلاده.
وأضاف، مخاطباً زعماء العالم: “إذا لم تتخذوا الخطوات اللازمة لمكافحة الإرهاب، فإن نيرانه ستنقلب عليكم. الدول التي تعتقد أنها تعيش في سلام ووئام، لا يجب أبداً أن تنسى التفكير في ما قد يحدث لها غداً”.
وسيستغل أردوغان وجود رؤساء أكثر الدول ارتباطاً بالملف السوري؛ الأمريكي باراك أوباما، والروسي فلاديمير بوتين، والعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، ضمن قادة الدول المشاركة في القمة، للخروج من القمة باتفاقات تخص المنطقة العازلة في سوريا، واستبعاد دور للأسد بمستقبل سوريا، وإيجاد طرق أنجع لمحاربة تنظيم “الدولة”.
الملك سلمان أول الواصلين
وكان العاهل السعودي أول الواصلين مساء الخميس، إلى مدينة أنطاليا التركية، وتعد زيارته لتركيا الأولى منذ توليه مقاليد الحكم في 23 يناير/كانون الثاني الماضي.
ويضم الوفد المرافق للملك سلمان، والذي قدر بأكثر من ألف شخصية: الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي ولي العهد، وزير الدفاع، وعدد كبير من الوزراء، على رأسهم وزير الخارجية، عادل بن أحمد الجبير.
وتعتبر أنقرة، الرياض أقرب المؤيدين لحلولها المطروحة لمشاكل المنطقة وأبرزها الأزمة السورية التي ألقت على كاهل تركيا قرابة مليوني لاجئ.
وتتفق أنقرة مع الرياض في تأكيدها أنه لا حل في سوريا بوجود الأسد، وقالت على لسان وزير خارجيتها في مؤتمر صحافي مشترك عقده مع نظيره التركي، منتصف الشهر الماضي، إنها متفقة مع تركيا على عدم وجود دور للأسد ضمن الحل في سوريا، وعلى دعم “المعارضة السورية”.
وأكد الوزير السعودي “أهمية التوصل إلى حل سياسي في سوريا، وتطبيق القرارات التي تم الاتفاق عليها في جنيف”.
الجبير أوضح أن للسعودية وتركيا دوراً كبيراً في إرساء السلام في المنطقة، وأن تقوية العلاقات بينهما يصب في مصلحة باقي دول المنطقة.
استعدادات أمنية
وتحسباً لأي طارئ، اتخذت إجراءات أمنية مكثفة قبيل انعقاد القمة بأسابيع، حيث أوضح والي أنطاليا، معمر توركر، أن 12 ألف عنصر من الشرطة وقوات الدرك سيتخذون التدابير الأمنية اللازمة لتأمين انعقاد القمة.
وأشار توركر إلى أن من بين التدابير، اتخاذَ إجراءات أمنية في المطار، ونصب أنظمة كاميرات وتعرف على الوجوه واللوحات، حيث تم تركيب أكثر من 350 كاميرا مراقبة في المطار ومنطقة الفنادق في “بَلَك” التي ستعقد فيها القمة.
كما ستتخذ فرق خفر السواحل التدابير اللازمة من البحر. وبيّن أنه في حال وافقت السلطات العسكرية، والمديرية العامة للطيران المدني، فسيتم اتخاذ تدابير أخرى من خلال إعلان منطقة حظر طيران.
وأوضح توركر أن جميع الخطط وُضعت لمواجهة جميع الظروف والسيناريوهات، وأن كافة التدابير الصحية اتخذت لمواجهة الحالات الصحية المحتملة، حيث تم تحديد المستشفيات للحالات الطارئة، وخُصّص فريق طبي واحد على الأقل لكل وفد مشارك في القمة، إلى جانب تخصيص 68 سيارة إسعاف وثلاث مروحيات إسعاف.
اتفاقيات اقتصادية عملاقة
ولم يبتعد المسؤولون الأتراك عن طابع مجموعة العشرين الاقتصادي، حيث ذكر أردوغان أن تركيا تبنت شعارات “المقاربة الشاملة”، و”الاستثمار”، و”التطبيق”، خلال رئاستها الدورية، مشيراً إلى أن التركيز على دور الشباب والنساء، والمنشآت الصغيرة والمتوسطة، يندرج في إطار المقاربة الشاملة.
ولفت إلى أن المقاربة تتضمن مفهوم النمو الشامل والتعاون بين الدول المتقدمة، والصاعدة، والأقل نمواً، مشيراً إلى أهمية الاستثمارات في البنى التحتية، وأن هناك هدفاً لتنفيذ استثمارات في هذا المجال، تراوح قيمتها بين 80 و100 تريليون دولار، حتى عام 2030.
وشدد الرئيس التركي على أهمية التعاون بين القطاعين العام والخاص، من أجل تنفيذ تلك الاستثمارات، مضيفاً أنه بدون تحقيق التطبيق العملي، لا يوجد معنى للشعارات الأخرى، وأن على المسؤولين إبداء إرادة جادة من أجل الخروج بنتيجة.
ووسط تأكيد أردوغان أهمية الصيرفة الإسلامية التي تعرف بـ “البنوك التشاركية” في تركيا، وعدم ترحيبه كثيراً بالعمل المصرفي (التقليدي)، ذكرت صحف تركية أن هناك توقعات بزيادة حجم التعاون بين تركيا والسعودية بعد القمة، وهو ما سيعزز حجم التجارة بين البلدين التي زادت خلال آخر 10 سنوات خمس مرات.
وبيّنت صحيفة “صباح” أن قمة العشرين ستكون بمثابة فرصة ذهبية للمملكة وتركيا، حيث سيكون هناك اتفاقات على زيادة التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والاستراتيجية.
موقع الخليج أونلاين