صنعاء – صعدت جماعة الحوثي من إجراءاتها لتغيير التركيبة الديمغرافية للعاصمة اليمنية صنعاء التي تسيطر عليها منذ العام 2014، عبر الاستيلاء على أراض خاصة لمواطنين، والعبث بالتقسيم الإداري للمحافظة.
وتزعم الجماعة الموالية لإيران أن الأراضي المصادرة تتبع لوزارة الدفاع، فيما يقف أصحاب تلك الأراضي عاجزين عن الدفاع عن ملكيتهم لها، في ظل الخشية من بطش عناصر الجماعة وعدم وجود قضاء مستقل ينصفهم.
وحذرت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا من خطورة الحملة الممنهجة للحوثيين للعبث بالنسيج الاجتماعي والسلم الأهلي وقيم التنوع والعيش المشترك بين اليمنيين، من خلال استيلائها على الأراضي في صنعاء ومحيطها وتوطين عناصرها القادمين من محافظة صعدة.
وقال وزير الإعلام معمر الإرياني “تواصل ميليشيا الحوثي عمليات النهب المنظم للأراضي والمزارع المملوكة لمواطنين في العاصمة صنعاء، ومناطق حزام صنعاء، تحت غطاء مؤسسات الدولة المختطفة ‘أراضي وعقارات الدولة، الأوقاف’ والأحكام غير القانونية والباطلة الصادرة عن قضاة تابعين لها“.
وكتب الإرياني، عبر حسابه على تويتر، أن “محاولات ميليشيا الحوثي هدفها إحداث تغيير في التركيبة السكانية بالعاصمة المختطفة صنعاء، وإنشاء حزام أمني حول العاصمة التي ظلت طيلة عقود حاضنة لكل اليمنيين”.
وأكد بطلان أي إجراءات أو تصرف يقوم به الحوثيون بأراضي وعقارات الدولة أو المواطنين، وكل ما يترتب عليها، كونها صادرة عن ميليشيا انقلابية.
وطالب المسؤول الحكومي المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمبعوث الأممي هانس غروندبرغ والأميركي تيم ليندركينغ بإدانة هذه الممارسات الحوثية، داعياً إلى ممارسة ضغط حقيقي على قيادات الميليشيا لوقف عمليات النهب المنظم لأراضي المواطنين، والتي تصاعدت وتيرتها منذ بدء سريان الهدنة الأممية.
وتحدث نشطاء يمنيون في وقت سابق عن إقدام الحوثيين على مصادرة أراضي الآلاف من الأسر في العاصمة، بذريعة أنها أملاك تابعة لوزارة الدفاع. وطالت الحملة الحوثية منازل وعقارت بزعم أنها تطل على مناطق عسكرية أو أنها بنيت في مواقع عسكرية.
وتسيطر جماعة الحوثي منذ العام 2014 على العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات اليمنية، وهو ما استدعى تدخلا من قبل تحالف عربي تقوده المملكة العربية السعودية في العام 2015، لدعم السلطة الشرعية في استعادة تلك المحافظات.
وقد بدأت الجماعة في السنوات الأخيرة وضع خطط لتغيير الطبيعة الديمغرافية لبعض المحافظات ولاسيما للعاصمة صنعاء، في إطار مشروع لإحاطة نفسها بتكتلات سكانية موالية لها بالكامل.
واتخذ تنفيذ هذه الخطط نسقا تصاعديا في الأشهر الأخيرة ولاسيما منذ إعلان الهدنة الإنسانية برعاية أممية في أبريل الماضي.
النشطاء يبدون يأسا من إمكانية قيام المجتمع الدولي بممارسة ضغوط فعلية على الحوثيين، لوقف عمليات التغيير الجارية في صنعاء
واستحدثت الجماعة في يوليو الماضي ثلاث مديريات جديدة في ثلاث محافظات خاضعة لسيطرتها. وتضمن القرار الحوثي إنشاء مديرية “صنعاء الجديدة” في صنعاء، ومديرية “الوهبية” في محافظة البيضاء، ومديرية “السيل” في محافظة الجوف.
وتشكل الإجراءات الحوثية، مخالفة للمادة 145 من دستور الجمهورية اليمنية، التي تنص على أن يكون التقسيم الإداري بقانون صادر من مجلس النواب، وليس بقرارات من السلطة التنفيذية، وذلك في ظل الأوضاع الطبيعية، ووجود سلطة شرعية.
ويقول مراقبون إن استحداث مديريات جديدة، والذي جرى بمساعدة من خبراء إيرانيين، الهدف منه هو العبث بالتقسيم الإداري، في سياق الخطط المرسومة لتغيير ديمغرافي في العاصمة.
ويشير المراقبون إلى أن هذه الإستراتيجية سبق وأن اعتمدتها ولا تزال إيران، في سوريا ولاسيما في محافظة دير الزور ومحيط دمشق، وأيضا في عدد من المحافظات العراقية.
ووفقاً للتقسيمات الإدارية القانونية تنقسم الجمهورية اليمنية إلى 22 محافظة، ويبلغ عدد المديريات فيها 333 مديرية.
ويقول نشطاء يمنيون إن التهجير القسري يبقى أحد أخطر أشكال التغيير الديمغرافي التي تمارسها جماعة الحوثي، مذكرين بعمليات التهجير التي جرت في محافظات صعدة ودماج و عمران وتعز كما حدث في الوازعية.
ويبدي النشطاء يأسا من إمكانية قيام المجتمع الدولي بممارسة ضغوط فعلية على الحوثيين، لوقف عمليات التغيير الجارية في صنعاء وغيرها من المحافظات، وكأن بهذا المجتمع سلم بواقع سيطرة الجماعة على هذه الأنحاء الواسعة من اليمن.
العرب