موقف المليشيات الشيعية من اعلان ضم سنجار

موقف المليشيات الشيعية من اعلان ضم سنجار

مسعود-بارزاني-سنجار

في خطوة قد تكون لها تداعياتها على المشهد السياسي والأمني في العراق، أعلن رئيس إقليم كردستنان العراق مسعود البرزاني في مؤتمره الصحفي الذي عقده في مدينة سنجار في 13 تشرين الثاني/نوفمبر الحالي عن ضمها إلى إقليمه بعد أن استطاعت قوات البيشمركة من تحرير المدينة من سيطرة تنظيم الدولة في العراق وبلاد الشام.

وشدد بارزاني بالقول لن يتم رفع اي علم اخر غير علم اقليم كردستان في سنجار “والسكان العرب الذين لم تتلطخ ايديهم بدماء الاكراد الايزيديين هم اخوتنا” في اشارة الى الاحتفاظ بالمدينة، وضمها الى اراضي اقليم كردستان، الذي يحكمه الاكراد منذ عام 1991، حيث انها كانت تتبع قبل استيلاء التنظيم عليها في العام الماضي الى محافظة نينوى الشمالية. واكد قائلا “سنجار تحررت بدماء البشمركة، واصبحت جزءا من كردستان”.

وأكد بارزاني على ان لتحرير سنجار اهمية كبيرة، وسيؤثر كثيرا في عملية تحرير الموصل، ولا شك في ان تحقيق الانتصار في اي مكان له تأثير في المناطق الاخرى. موضحا ان البيشمركة انتقمت ببطولة من داعش، ولم تسبق اي جهة البيشمركة في تحرير سنجار. واضاف انه سيتم العمل مع الحكومة المركزية من اجل تحويل سنجار الى محافظة.. داعيا جميع الاطراف والمجتمع الدولي إلى اعادة اعمار سنجار. وشدد على ان الاكراد الايزيديين سكان سنجار جزء اساسي من الشعب الكردي، وتحرير مدينتهم درس لمن يحاول الاعتداء على الشعب الكردي، حيث ان البيشمركة قد انتقمت لما ارتكبه مسلحو داعش من جرائم ضد الاكراد الايزيديين. وشدد بارزاني على ان لتحرير سنجار اهمية كبيرة، وسيؤثر كثيرا في عملية تحرير الموصل، ولا شك في ان تحقيق الانتصار في اي مكان له تأثير في المناطق الاخرى. موضحا ان البيشمركة انتقمت ببطولة من داعش، ولم تسبق اي جهة البيشمركة في تحرير سنجار. واضاف انه سيتم العمل مع الحكومة المركزية من اجل تحويل سنجار الى محافظة.. داعيا جميع الاطراف والمجتمع الدولي إلى اعادة اعمار سنجار. وشدد على ان الاكراد الايزيديين سكان سنجار جزء اساسي من الشعب الكردي، وتحرير مدينتهم درس لمن يحاول الاعتداء على الشعب الكردي، حيث ان البيشمركة قد انتقمت لما ارتكبه مسلحو داعش من جرائم ضد الاكراد الايزيديين.

فعلى المستوى الرسمي العراقي رفض رئيس الوزراء العراقي قرار بارزاني برفع علم كردستان على قضاء سنجار المحرر من تنظيم “داعش” داعيا إلى رفع العلم العراقي بديلا. ومن جهته، دعا رئيس البرلمان العراقي، سليم الجبوري، إلى أن يكون الولاء للوطن، محذراً من أن هجرة السنة والشيعة لمناطقهم أدى إلى خلو المناطق المختلطة من سكانها الأصليين.

أما موقف المليشيات الشيعية والقوى السياسية المرتبط بإيران من إعلان الضم، كان أكثر نقمة من على المستوى الرسمي حيث احتدم الصراع بين الأكراد والمليشيات الشيعية العراقية بشأن المدينة إذ اعتبر زعيم ميليشيا عصائب أهل الحق العراقية قيس الخزعلي، أن منطقة سنجار محتلة من قبل قوات البيشمركة، بعد انهاء سيطرة تنظيم الدولة عليها مؤخراً وقال الخزعلي في تصريح له في15 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، “أن سيطرة البشمركة على سنجار هو بمثابة احتلال أكثر تعقيدا من احتلال تنظيم الدولة”. ومن جهته قال ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي ان القوات الامنية ستستعيد قضاء سنجار في محافظة نينوى من سيطرة قوات البيشمركة خلال الايام القليلة المقبلة. وأكدت النائب عن دولة القانون ابتسام الهلالي في تصريح صحافي ان تحرير قوات البيشمركة لقضاء سنجار من عصابات “داعش” لايعني بان القضاء اصبح جزءا من كردستان.. مؤكدة ان الايام القليلة المقبلة ستشهد حلا لازمة سنجار وسيطرة القوات الامنية على القضاء بشكل كامل. واضافت ان تحرير قوات البيشمركة لقضاء سنجار “داعش” لايفرق عن تحرير قوات الجيش للقضاء وذلك كون سنجار منطقة عراقية ومهمة تحريرها من الارهاب من واجبات الجميع.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل قامت المدونات والمواقع الإلكترونية على صفحة”الفيس بوك” و”تويتر” والمدونات التابعة لمليشيات الحشد الشعبي في التقليل من دور البيشمركة في تحرير مدينة سنجار، والتحذير من دور البيشمركة والأكراد المستقبلي. قالت المليشيات الشيعية إن الأكراد تولوا إعلان النصر بينما المعركة خاضها الأمريكيون وصفت صفحات لها على مواقع التواصل الاجتماعي الحديث عن تحرير قوات البيشمركة الكردية لمدينة سنجار من يد تنظيم الدولة هو مجرد “أكذوبة” تفتقر إلى الأدلة المادية، وقالت إن المهمة أنجزتها القوات الأمريكية بالكامل ونسبت الفضل فيها للأكراد إعلاميا للتأثير على معنويات الفصائل الشيعية.
ودعت حسابات تدار من قبل فصائل الحشد الشعبي على موقعي “فيسبوك” و”تويتر”؛ القيادات الميدانية الكردية إلى تقديم مشاهد للمعارك التي خاضوها ضد تنظيم الدولة في مدينة سنجار، أو عرض جثث قتلى التنظيم؛ التي قالت وسائل الإعلام الكردية إنها تجاوزت 200 جثة.
وخصص حساب “طوزخرماتو” على موقع “فيسبوك”؛ أغلب منشوراته للتشكيك بالرواية الكردية في معركة سنجار، ومنها معلومات قال فيها إن الجيش الأمريكي أبلغ القوات الكردية بخبر الهجوم على المدينة قبل ساعات من تنفيذ العملية، وأن دور الأخيرة كان يقتصر على الظهور الإعلامي، ولم يكن لهم عمل حقيقي خلال المعركة.

واعتبر الحساب أن قوات البيشمركة هي ذاتها التي انسحبت قبل أكثر من سنة من أمام تنظيم الدولة، وأن الطيران الأمريكي وحده من حال دون وقوع كارثة كبرى كادت تحل بالإقليم الكردي في شمالي العراق؛ في حالة لو استمر زحف التنظيم بعد سيطرته على شنكال وأجزاء من كركوك.

إلى ذلك، قال المدون الشيعي “أبو غضب الصدري” إن الطائرات الأمريكية نفذت قصفا غير مسبوق على مدينة سنجار قبل دخول القوات الكردية؛ التي قال إن جيشا من الأمريكيين كان ينتظرها بعيدا عن عدسات التصوير للتدخل في حالة حصول أي أمر مفاجئ.

وأضاف “الصدري” التابع لمليشيا سرايا السلام، إحدى فصائل الحشد، أن عملية سنجار كانت أمريكية خالصة، وأن القطعات الكردية تولت الدور الإعلامي فقط، وتحدث عن قيام المقاتلين الأكراد بتفجير بعض المنازل، وإطلاق الرصاص بالهواء من أجل التصوير فقط، وذكر أن اشتباكا واحدا لم يحصل على أرض الواقع، بين عناصر التنظيم والمقاتلين الأكراد. وزعم “الصدري” أن معلوماته مستخلصة من مصادر داخل قوات البيشمركة.

وفي سلسلة تغريدات على موقع “تويتر”، اعتبر حساب “رافضية وافتخر” أن “الأمريكان عمدوا من قبل إلى تلميع القوات الكردية في معارك كوباني ومناطق في كركوك، وعادوا اليوم ليعيدوا تمثيلية التحرير ولكن في منطقة أخرى وهي سنجار”.

وقال الحساب إن هذه الانتصارات “المزعومة” التي ينسبها الأمريكان لقوات البيشمركة هو لإعطائها شرعية في التمدد إلى العديد من المناطق خارج الإقليم الكردي، ولحث الدول الأوربية على زيادة دعمها وتسليحها وتدريبها لهذه القوات، مضيفا أن الحكم الشيعي هو المستهدف في النهاية من تعاظم قوة البيشمركة.

واعتبر “السيد هادي الموسوي” أن أخطر عدو يواجه أتباع أهل البيت من بعد التنظيم هم الأكراد الذين قال إن تأثيرهم بدأ يزداد مؤخرا. وأضاف: “خطورتهم آخذة بالتعاظم، وعلى أولياء الأمور الانتباه إلى هذا الأمر قبل فوات الأوان”.

ونوه الموسوي عبر حساب “البشائر”؛ إلى أن التحذير من الأكراد ليس وليد اليوم، وقال إن علماء المذهب من أمثال الطوسي والكليني وابن ادريس الحلي؛ قد حذروا قبل مئات السنوات منهم، مستشهدا ببعض الأحاديث التي قال إنها تنص على وجوب الحذر من الأكراد والامتناع عن التعامل معهم.

وحذر الموسوي من أسلوب “الشيطان الأمريكي وقوى الاستكبار العالمي الرامي لتصوير الأكراد بأنهم الطرف الوحيد القادر على هزيمة تنظيم الدولة وتحرير الأرض منه، وهو ما يعني في الوقت ذاته أن الحشد الشعبي عاجر عن أداء هذه المهمة، وهنا يكمن بيت القصيد الأمريكي الكردي، على حد تعبيره.

أقل ما يمكن أن يرد على هذا الهجوم غير مبرر من قبل المليشيات وإعلامها الإلكتروني بالقول لاشك ان هناك فرق شاسع بين من يقاتل من اجل كرامة الانسان وعزته بغض النظر عن قوميته ومذهبه كقوات البيشمركة , وبين من كان اساس تكوينه مبني على عُقد تاريخية تنطلق من عقيدة الكره والحقد على الاخرين , وسلب حرية الانسان وكرامتة كما هو حال مليشيات الحشد الشعبي. فمؤسسة البيشمركة التي بنيت على مباديء الحرية والفضيلة وغرس مباديء الفروسية فيهم سلما وحربا يمثلون في طوزخورماتو السد المنيع للوقوف بوجه تجاوزات عناصر مليشيات الحشد الشعبي على المدنيين, ومنعهم من ممارسة هوايتهم في القتل والسلب واهانة المكون السني العربي في المدينة, الأمر الذي لم يرق لهذه المليشيات التي ردت على هذه الممارسات سواء في طوزخورماتو او في أي منطقة سنية عربية في العراق.

هذه المليشيات المتعطشة للدماء والتي تلاحقها الهزائم في جبهات القتال, فرغم دعم الحكومة العراقية لهذه المليشيات وتسليحهم بمختلف الاسلحة الثقيلة الحديثة من الدول الغربية وخاصة من الولايات المتحدة الأمريكية المخصصة اساسا للجيش العراقي, ورغم التسليح الايراني وتوظيف مستشارين عسكريين لهم , ودعم طيران التحالف الامريكي الغربي تحركاتهم البرية, اضافة للدعم الروسي الذي دخل مؤخرا على خط المشهد العراقي, علاوة على الدعم الاعلامي الكبير الذي تتمتع به هذه المليشيات وتسخير جميع المؤسسات الاعلامية العراقية لها وبث اخبار كاذبة عن انتصارات وهمية لها رغم كل انواع الدعم هذه, فقد فشلت هذه المليشيات في تحقيق أي نصر حقيقي ضد تنظيم الدولة “داعش” في كل محاور القتال, والحفاظ على القليل من الانتصارات التي حققتها هنا وهناك. كل هذا الفشل والاحباط دفعهم لارتكاب انتهاكات مريعة ضد المدنيين العزل لتعويض هزائمهم العسكرية.

هذه المليشيات التي تنتقد تصريح رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البرزاني وتحذر من الدور الخطير المستقبلي لكرد العراق، ارتكبت جرائم ضد إنسانية بحق المكون السني العربي وقيامهم بانتهاكات في مجال حقوق الانسان وصلت الى الحد الذي لم يعد ممكنا التستر عليها من قبل قاداتها فاعترفوا بها. لكنهم برروها على انها حالات فردية لا تمثل توجها عاما لهذه المليشيات, الا ان توجهات المرجع السيستناني قبل ايام في ابعاد بعض القادة الميدانيين لهذه المليشيات وكذلك تجميد السيد مقتدى الصدر لسرايا السلام التابعة له بسبب الانتهاكات التي تقوم بها تلك السرايا وبيانات المنظمات المعنية بحقوق الانسان عن وجود هكذا جرائم, اوضحت بما لا يدع مجالا للشك بان الممارسات التي تقوم بها هذه المجاميع تصل لمستوى جرائم حرب وجرائم الابادة الجماعية وضد الإنسانية، هي ثقافة عامة تتسم بها هذه المجاميع وليست فردية كما يدعي المدافعون عنها.

وهنا يمكن ليس الخطر من البيشمركة الكردية وإنما من هذه المليشيات إذا تحولت الى قوة عسكرية اكثر سطوة وتسليحا من المؤسسة العسكرية العراقية يجعل من أي حديث عن سلم اهلي في العراق مستقبلا ضربا من المستحيل، فخطورة هذه المليشيات انها تحوز على تأييد بعض الاطراف الفاسدة في الحكومة العراقية، رغم انها عصابات خارجة عن القانون وغير دستورية.

وعليه يمكن القول أن مرحلة ما بعد تنظيم الدولة في العراق وبلاد الشام “داعش” في العراق لن تتسم بالسلم الاهلي والاستقرار طالما بقيت هذه المليشيات موجودة في العراق وتستهين بالانسان العراقي ودمائه، وخطورتها لا تقتصر على المكونين السني العربي والكوردي, بل تتجاوزهما لتشمل المكون الشيعي الذي يفترض ان ينعم بالقليل من الهدوء والاستقرار لبناء انسانه واعمار مناطقه , لا ان يظل في دوامة المنافسات السياسية المسلحة الدامية من خلال هذه المجاميع المدفوعة من دول اقليمية لا تمت للمصلحة العراقية بصلة.

ومن اجل عدم دخول العراق في دوامة جديدة من سفك الدماء بعد التخلص من داعش , فمن الواجب على المكونات العراقية خاصة (العرب السنة والكرد) مطالبة المجتمع الدولي ومؤسساته بتضمين هذه المليشيات (بدر وعصابات اهل الحق) ضمن المنظمات الارهابية والتي يفترض ان يحاكم قاداتها وزعمائها تماما كما فعلت المعارضة السورية قبل أيام حينما دعت المجتمع الدولي والمنظمات الدولية بادراج منظمات معينة في سوريا ضمن قائمة المنظمات الارهابية والدعوة الى اجتثاثها.

والسؤال الذي يطرح في هذا السياق ما معنى هذا التحرير في السياسة الأمريكية تجاه العراق وانعكاساته على إقليم كردستانه؟

أن اليأس الأمريكي من الجيش العراقي قد وصل ذروته في هذه الأيام، حيث ظهر اعتماد الولايات المتحدة على قوات “البيشمركة” الكردية بشكل كامل في المعارك الكبرى أمام تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، هذه القوات التي يُشرف على تدريبها أكثر من 3500 خبير عسكري أمريكي يشيدون بقدراتها القتالية.

قررت هذه القوات خوض معركة فاصلة مع تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” في مدينة سنجار التي تقع على خط رئيسي لإمدادات التنظيم من 3 محاور في العراق، في الوقت الذي فشلت فيه حكومة العبادي في بغداد في خوض أي معركة حقيقية مؤثرة أمام داعش حتى الآن.

ويمكن القول أن الولايات المتحدة تأمل في تكرار سيناريوهات المعارك السابقة للأكراد أمام داعش، والتي يُعد أبرزها معركة عين العرب كوباني، التي يعتبرها البعض تذكرة مرور للأكراد إلى أحضان الولايات المتحدة، بعد أن نجحت قواتهم في طرد عناصر داعش نهائيًا من المدينة، مكبدين تنظيم الدولة أكبر هزيمة له على الإطلاق.

كذلك ترى الولايات المتحدة أن الوقت مواتيًا لخوض جولة جديدة من معاركها أمام تنظيم الدولة على الأرض، حيث تنظر تقديرات الأمريكان إلى التنظيم أنه أضعف مما كان عليه في السابق بسبب الانهاك الذي حدث نتيجة اتساع رقعة أرضه مع تزايد ضغط الهجمات الجوية عليه، حيث يشترك الأكراد والأمريكان في رؤيتهم لداعش الآن والتي تقول إن تنظيم داعش اليوم يخوض حربًا دفاعية سلبية وليس كما عهدوه في السابق، إذ لم يعد في مقدوره الحفاظ على مراكزه العسكرية التي سيطر عليها عن طريق تبني استراتيجية الهجوم.

كما يُقدم الأكراد أنفسهم للولايات المتحدة في هذه المعركة باعتبارهم الفصيل الموحد الأقدر على هذه المواجهة المصيرية، بعد فشل الجيش العراقي في خوض أي معارك ناجحة مع تنظيم الدولة (داعش)، حيث ثبت فشل مشروع تبني الجيش العراقي في المواجهات مع تنظيم الدولة، بعد أن أُعيدت هندسة الجيش على أسس طائفية جعلت الجيش يقاتل كمليشيات غير موحدة الهدف، بينما الحالة نقيضها في القوات الكردية التي تُقاتل خلف عقيدة عسكرية موحدة، وهو ما لمسته الولايات المتحدة أثناء إشرافها على تدريب وحدات من قوات الأكراد.

وحدة الدراسات العراقية

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية