سلسلة اقتحامات للمصارف اللبنانية وقرار بإغلاق البنوك

سلسلة اقتحامات للمصارف اللبنانية وقرار بإغلاق البنوك

بيروت – اشتدّت أزمة احتجاز الودائع بعد ثلاث سنوات على الأزمة المالية والاقتصادية في لبنان، حتى انفجرت الجمعة باقتحام مودعين ثمانية مصارف على الأقل في مناطق مختلفة من البلاد، وذلك استمرارا لسلسلة من الحوادث من هذا النوع هذا الأسبوع، وسط حالة إحباط بسبب الانهيار المالي المتفاقم دون نهاية تلوح في الأفق.

وسرعان ما تفلّت الوضع الأمني أمام المصارف، حيث شهدت بيروت والضاحية سلسلة اقتحامات لمودعين بقوّة السلاح، استطاع عدد منهم الحصول على وديعته، ما استدعى بيانا عاجلا من جمعية المصارف أعلنت فيه “إقفال المصارف لثلاثة أيام بدءا من الاثنين”.

وذكرت الجمعية في بيان، نشره إعلام محلي، أن “مجلس إدارة جمعية مصارف لبنان اتخذ قرارا بإقفال المصارف أيام التاسع عشر – العشرين – الحادي والعشرين من سبتمبر، استنكارا لما حصل من اعتداءات على المصارف والموظفين، ولاتخاذ التدابير التنظيمية اللازمة”.

وشهد لبنان الجمعة اقتحام ثمانية مصارف، على الأقل، في أماكن مختلفة من البلاد، وسط أنباء عن هجمات أخرى متعددة.

ففي الغازية جنوب البلاد، اقتحم رجل مسلح بنك “بيبلوس” وسكب بنزين بداخل الفرع مهددا بإحراقه، حيث كان يسعى للحصول على مدخراته المجمدة.

وحصل الرجل على نحو 19 ألف دولار، أعطاها لأحد الأشخاص، ثم سلم نفسه للقوات الأمنية.

ونقلت وكالة رويترز عن مصدر أمني قوله إن السلاح الذي كان بحوزته يُعتقد أنه لعبة.

وفي حادثة مماثلة ثانية بعدها بساعات، احتجز مسلح آخر رهائن داخل بنك لبنان والمهجر “بلوم” فرع الطريق الجديدة بالعاصمة بيروت، حيث كان يهدف أيضا إلى الحصول على أمواله.

وتعالت الهتافات المساندة للرجل، الذي تم تعريفه باسم عابد سوبرة، من جانب حشد كبير خارج البنك، وهو مشهد تكرر في العديد من هذه الحوادث.

وقال أحد السكان، ويدعى رابح كوجوك، إن سوبرة تاجر وإنه معرض للسجن لأن هناك دائنين يطالبونه بأموال، بالرغم من أنه يملك أموالا في البنك.

وفي حادث ثالث، دخل مسلح بمسدس خرطوش فرعا لبنك لبنان والخليج في منطقة الرملة البيضاء في بيروت لاستعادة مدخرات تقدر بنحو 50 ألف دولار، حسبما قال موظف في البنك، مضيفا أن الوضع لا يزال مستمرا وأن هناك موظفين وعملاء عالقين بالداخل.

كما شهد كل من “فرنسا بنك” في بيروت، وبنك عودة في الضاحية الجنوبية، والبنك اللبناني الفرنسي بالمريجة، حوادث مماثلة، بحسب جمعية المودعين اللبنانيين وشهود عيان.

وبحسب جمعية المودعين، فإن مودعين سيطروا على ثمانية مصارف بمدن متفرقة في لبنان.

ودعا وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي إلى اجتماع طارئ لمجلس الأمن الداخلي المركزي، الثانية ظهرا، للبحث في الإجراءات الأمنية التي يمكن اتخاذها في ضوء الأحداث المستجدة على المصارف.

وأشار شقيق المودع الذي اقتحم المصرف في محلّة الرملة البيضاء إلى أن شقيقه مدمّر إثر الوضع المعيشي، ولديه سبعة أولاد، وكان يعمل متعهّدا قبل تأزّم الوضع، مع العلم أن أمواله التي يدفعها له المصرف بالتقسيط لا تكفيه.

ولفت إلى أن شقيقه يحاول فقط إخافة من يتواجد داخل المصرف لكي يحصل على أمواله، لأنّه بات عاطلا عن العمل.

وتعليقا على الاقتحامات التي تحصل في بيروت، أكد رئيس “جمعية المودعين” حسن مغنية في تصريحات إعلامية أنّ “إضراب المصارف حتى الأربعاء ليس الحلّ، لأنّ العشرات من عمليات الاقتحام قد تحصل الخميس، وستتوجّه أعداد أكبر من المودعين نحو السلاح لسحب الودائع، والمطلوب خلية أزمة للمعالجة”.

ويرى مراقبون أن هذه الحوادث ستكون متكررة خلال الفترة المقبلة حتى تصبح روتينية وسط انهيار اقتصادي وصف بأنه الأسوأ.

وتفرض المصارف اللبنانية منذ خريف 2019 قيودا مشددة على سحب الودائع تزايدت شيئا فشيئا، حتى أصبح من شبه المستحيل على المودعين التصرّف بأموالهم، خصوصا تلك المودعة بالدولار الأميركي، مع تراجع قيمة الليرة أكثر من 90 في المئة أمام الدولار.

ولم يتم تقنين وضع ضوابط لرؤوس الأموال، لكن المحاكم بطيئة في إصدار أحكام لصالح المودعين الذين يحاولون الحصول على مدخراتهم عن طريق رفع دعاوى قضائية ضد البنوك، مما دفع البعض إلى البحث عن طرق بديلة للحصول على أموالهم.

وصنّف البنك الدولي أزمة لبنان الاقتصادية من بين الأسوأ في العالم منذ عام 1850.

وكان المشهد ذاته حصل الأربعاء الماضي في بيروت بعدما اقتحمت مودعة أحد فروع بنك لبنان والمهجر في بيروت، مشهرة سلاحا تبين لاحقا أنه بلاستيكي، من أجل الحصول على جزء من وديعتها.

وتحولت المودعة سالي حافظ إلى “بطلة” بحسب ما وصفها روّاد مواقع التواصل الاجتماعي الذين تناقلوا قصتها، وصورة لها تحمل فيها مسدسا وتقف على مكتب أحد موظفي المصرف.

وتكرر المشهد ذاته الخميس في مدينة عاليه، الواقعة على بعد نحو 20 كيلومترا من بيروت. وذكرت الوكالة الوطنية للإعلام أن أحد المودعين دخل ظهرا إلى فرع مصرف “بنك ماد” مطالبا “بأخذ وديعته، لكن بعد تدخل الأجهزة الأمنية، تم توقيفه”.

وفي الحادي عشر من أغسطس الماضي، اعتُقل رجل بعد أن اقتحم بنكا في بيروت لسحب أموال من أجل علاج والده المريض، لكن أخلي سبيله من دون توجيه اتهام له بعد أن أسقط البنك دعواه القضائية ضده.

العرب