التمثيل الغربي المتدني في لقاء برلين يترك الملف الليبي بيد تركيا ومصر

التمثيل الغربي المتدني في لقاء برلين يترك الملف الليبي بيد تركيا ومصر

برلين- يفسح التمثيل الغربي المتدني في اجتماع برلين حول ليبيا، مع غياب الدول المغاربية وروسيا والصين، المجال أمام تركيا ومصر للسيطرة على الملف الليبي، خاصة في ظل انشغال المجتمع الدولي بأزمة الطاقة والحرب الروسية – الأوكرانية.

وشاركت في الاجتماع الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وتركيا ومصر، بالإضافة إلى الأمم المتحدة.

ولم تُدع إلى الاجتماع روسيا والصين ودول المغرب العربي (الجزائر وتونس والمغرب) والإمارات، ولا جمهورية الكونغو (رئيسة اللجنة رفيعة المستوى التابعة للاتحاد الأفريقي المعنية بليبيا)، ولا حتى الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية، ناهيك عن ليبيا صاحبة الشأن.

أنطونيو غوتيريش: أنا أشجع هذا بشدة، مسار برلين كان أفضل أداة دولية لدينا، وللأسف لم نتمكن من ترجمة ذلك إلى حل مكتمل

وهذه الدول والمنظمات شاركت في مؤتمر برلين الثاني، الذي عقد على مستوى وزراء الخارجية، ومعظمها شاركت في قمة مؤتمر برلين الأول (باستثناء المغرب وتونس).

بينما اجتماع برلين الأخير عقد على مستوى تمثيل دبلوماسي أقل شمل المبعوثين الخاصين لهذه الدول إلى ليبيا أو سفرائها وممثليها، ما يؤكد أنه لم يرق إلى درجة مؤتمر على شاكلة مؤتمري برلين 1 و2.

وشارك في الاجتماع المبعوثون الخاصون إلى ليبيا من الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وإيطاليا، وممثلون عن تركيا ومصر، إضافة إلى السفيرة البريطانية كارولين هورندال، ووكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية روزماري دي كارلو. كما حضرت الاجتماع وزيرة خارجية الدولة المضيفة أنالينا بيربوك.

وتراجع الاهتمام الدولي بالملف الليبي منذ بدء الأزمة الأوكرانية رغم تعقد الملف، خاصة بعد انتهاء ولاية حكومة عبدالحميد الدبيبة في 24 ديسمبر وتعيين البرلمان لحكومة جديدة برئاسة فتحي باشاغا.

وتدعم تركيا، التي توصف بأنها ولية الغرب الليبي، استمرار حكومة الدبيبة في حين ترفض مصر، ولية الشرق، بشكل علني بقاء الدبيبة وتؤيد وصول حكومة باشاغا أو تعيين حكومة جديدة، بينما اختارت بقية الدول المؤثرة في الملف وجيران ليبيا مراقبة الوضع دون تدخل.

وتدفع مصر مستعينة بقطر نحو تشكيل سلطة جديدة بعد فشل باشاغا في دخول العاصمة وانتزاع السلطة من الدبيبة.

وعكست المعارك الأخيرة التي اندلعت خلال نهاية الشهر الماضي في طرابلس استمرار دعم تركيا للدبيبة بعد أن أحبطت هجوم ميليشيات مؤيدة لباشاغا على العاصمة.

وحتى لو كان الاجتماع الذي جرى في برلين مؤخرا اجتماعا تمهيديا لمؤتمر برلين 3 كما تشير بعض المصادر فإن غياب دول مؤثرة في الأزمة مثل روسيا قد يعطل تحقيق الهدف من انعقاد المؤتمر الذي تشير الأنباء إلى أنه سيخصص لبحث تشكيل سلطة تنفيذية جديدة.

◙ تحركات لإجراء تعديل على سلطة الدبيبة مع احتفاظه بمنصبه، مقابل حصول عقيلة صالح على رئاسة المجلس الرئاسي

وتلفت تقارير إعلامية محلية إلى أن التحركات الجارية من أنقرة إلى الدوحة والقاهرة وبرلين تستهدف إجراء تعديل حكومي على السلطة التنفيذية للدبيبة مع الاحتفاظ بمنصبه، شريطة حصول عقيلة صالح على رئاسة المجلس الرئاسي تمهيدًا لإجراء انتخابات برلمانية أولاً خلال أشهر.

ومعروف عن عقيلة صالح أنه أحد أهم حلفاء مصر في ليبيا إذا لم يكن الأهم على الإطلاق، في ظل الفتور الذي يطبع علاقة القاهرة بالقائد العام للجيش المشير خليفة حفتر.

ويمثل عدم دعوة روسيا والصين إلى الاجتماع -بالرغم من أنهما عضوان دائمان في مجلس الأمن، وموسكو لديها حضور عسكري قوي في ليبيا من خلال شركة فاغنر الأمنية- مؤشّرا آخر على مدى عمق الانقسام الدولي بين فريقين رئيسيين في مجلس الأمن، بسبب تداعيات الحرب في أوكرانيا.

وهذا الانقسام بين المعسكر الغربي والمعسكر الروسي – الصيني من شأنه أن يؤزم الوضع في ليبيا ويعقّد مهمة المبعوث الأممي الجديد عبدالله باتيلي، رغم أن موسكو وبكين لم تعترضا عليه باعتباره ممثلا عن أفريقيا، كما أن مشاركتهما في مؤتمر برلين 2 كانت منخفضة، ما يعكس تحفظهما على هذا المسار.

وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قد أبدى تحمّسه لسعي ألمانيا إلى عقد مؤتمر جديد بشأن ليبيا. وقال خلال مؤتمر صُحفي عقده في مقر الأمم المتحدة في نيويورك مساء الأربعاء، تعقيبا على إشارة وزارة الخارجية الألمانية إلى أنها تدرس إمكانية إعادة إحياء مؤتمر برلين، “أنا أشجع هذا بشدة، مسار برلين كان أفضل أداة دولية لدينا، وللأسف لم نتمكن من ترجمة ذلك إلى حل مكتمل”.

وحدد غوتيريش ثلاثة تحديات رئيسية تحول دون إحراز تقدم في الملف الليبي، وهي “ضمان السلم بين أطراف الأزمة شرق ليبيا وغربها، ووقف أعمال العنف، إلى جانب دعم كل الأطراف الخارجية المنخرطة في الصراع لعملية التسوية حتى يجري إجراء انتخابات مشروعة يقبلها الجميع”.

العرب