فيما رفض نواب عراقيون مهاجمة القوات الأمنية لناشطي الاحتجاجات والاعتداء عليهم داعين لمحاسبة الأمنيين عن ذلك، قرر المتظاهرون في محافظات البلاد توحيد احتاجاتهم بفعالية كبيرة في العاصمة من أجل تحشيد أوسع يهدف إلى زيادة الضغوط على السلطات لتنفيذ إصلاحات حقيقية واتخاذ خطوات جدية لمكافحة الفساد والمتورطين في نهب المال.
خلال مؤتمر صحافي في بغداد اليوم طالب نواب كتل مختلفة الحكومة العراقية بالتحقيق مع مسؤولي وعناصر الأمن الذين اعتدوا على المحتجين الثلاثاء الماضي بعد ضربهم وترهيبهم بالعنف اللفظي والجسدي لدى محاولتهم تنظيم وقفة احتجاج عند مدخل المنطقة الخضراء المحمية بوسط العاصمة ضد البرلمان لوضعه العراقيل أمام تنفيذ الإصلاحات.
ودعا النواب الحكومة إلى احترام المادة 38 من الدستور التي تنص على الحق في حرية التظاهر وشددت النائبة عن حركة التغيير الكردية سروة عبد الواحد على ضرورة كشف جميع الملابسات التي رافقت هجوم القوات الأمنية على المتظاهرين مع كشف الجهات التي تجاوزت بالضرب عليهم.
أما النائب فائق الشيخ علي من التيار المدني الديمقراطي فقد أشار إلى أنّ النواب يتابعون حاليا جميع الاجراءات التي قامت بها القوات الأمنية من تجاوز وضرب للمتظاهرين.. مؤكدا ضرورة احترام حرية التظاهر وفقا للسياقات القانونية.
ومن جهته أشار النائب جوزيف صليوا رئيس قائمة الوركاء المسيحية إلى أنّ التسويف وتهميش مطالب المتظاهرين يجبرهم على اتخاذ اجراءات اخرى لكنه لم يوضح هذه الاجراءات.
ومن جهتها ناقشت لجنة حقوق الانسان النيابية الاعتداءات ضد المتظاهرين من قبل الاجهزة الأمنية وقالت في بيان صحافي تسلمت “إيلاف” نسخة منه انها تتابع بقلق بالغ تعرض المتظاهرين وخصوصاً الناشطين منهم إلى أعتداءات من قبل الاجهزة الأمنية في الفترة الاخيرة علماً أن التظاهر السلمي حق مكفول لجميع العراقيين وفق الدستور وحسب ما نصت عليه في المادة 38 منه.
وطالبت اللجنة الحكومة بتحمل مسؤولياتها في الحفاظ على المتظاهرين واتخاذ الاجراءات الصارمة بحق الاجهزة الأمنية التي تتعرض للمتظاهرين. ودعت منظمي التظاهرات إلى الحفاظ على الممتلكات العامة وعدم خروج التظاهرات عن مسارها الذي تهدف له وهو المطالبة بالإصلاحات.. واكدت عليهم ضرورة أبلاغها بأسماء المعتقلين والجهات التي تعتقلهم مستقبلاً وبصورة مباشرة ليتسنى لها اتخاذ الاجراءات اللازمة وبالسرعة الممكنة.
لكن المتحدث باسم وزارة الداخلية سعد معن قال ان المتظاهرين الذين حاولوا دخول المنطقة الخضراء كانوا يسعون إلى دخول مجلس النواب نافيا اعتقال ايا منهم.
وقال معن في تصريح متلفز إن المنطقة الخضراء مستهدفة أمنيا ولم يكن هناك اذن لدخول المتظاهرين اليها مشيرا إلى أنّ الاجهزة الأمنية منعت محاولات المتظاهرين من الدخول إلى مجلس النواب لكنها قامت بتوفير باصات لغرض نقل المتظاهرين إلى ساحة التحرير بعد رغبتهم باستمرار تظاهرتهم.
وحول ارتداء بعض العناصر الأمنية الزي المدني مع اخفاء ملامح وجوههم أشار معن إلى عدم صحة هذا الكلام.. وقال ان قوات خاصة تابعة للواء 56 الذي يتولى حماية المنطقة الخضراء هي من قامت بحماية المتظاهرين ونقلهم إلى اماكن مؤمنة.
وكانت قوات الأمن هاجمت الثلاثاء عشرات المتظاهرين بالقرب من المنطقة الخضراء المحمية مقر الرئاسات العراقية الثلاث والسفارات الاجنبية وسط العاصمة اثر توجههم إلى تنظيم وقفة احتجاجية امام مقر مجلس النواب لمطالبته بالكف عما يقولون انها حمايته للفساد وعرقلة الإصلاحات. وقد اعتقلت السلطات لعدة ساعات العشرات من المحتجين قبل ان تطلق سراحهم ولكن بعد ان اعتدت عليهم بالضرب والشتائم.
المحتجون يدعون الحكومة للكشف عن اجراءاتها ضد المعتدين
ومن جهتهم اتهم المحتجون الحكومة بالتسويف في عملية التحقيق بالاعتداء عليهم وقالوا في بيان اليوم ان “السلطة التنفيذية زعمت انها شرعت بتحقيق في حادثة الاعتداء الهمجي على متظاهرينا السلميين لكننا لم نلمس فعلا واضحا اذ لم يتم الاستماع إلى أقوال الضحايا او تدوينها ما يشير إلى محاولة واضحة للتسويف و”لفلفة” التحقيق عليه نطالب بإصرار بالكشف علانية عن نتيجة التحقيق ومجرياته خلال 48 ساعة والا فإننا مضطرون لاتخاذ مانراه مناسبا لحماية حقوقنا الدستورية وفق القانون”.
وكان القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء حيدر العبادي قد امر بفتح تحقيق فوري بشأن ما قال انها دعاوى الاعتداء على المتظاهرين ومحاسبة المتجاوزين على حق التظاهر السلمي. وأشار المكتب الاعلامي للعبادي إن “القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي أمر بفتح تحقيق فوري بشأن دعاوى الاعتداء على بعض المتظاهرين في بغداد الثلاثاء ومحاسبة المتجاوزين على حق التظاهر السلمي.
مظاهرة احتجاج موحدة في العاصمة
ومن جهتهم قرر متظاهرو الاحتجاجات في المحافظات العراقية نقل تظاهراتهم الاسبوعية الجمعة المقبل إلى العاصمة بغداد وذلك لمزيد من الحشد والضغط على الحكومة لتنفيذ إصلاحات حقيقية.
وأشاروا إلى أنّ هدف هذه التظاهرة الموحدة هو لتحشيد الأصوات في مكان واحد حيث سيتم نقل المتظاهرين من محافظاتهم إلى بغداد بالتنسيق مع منظمي الاحتجاجات. وسيكون تجمع المتظاهرين ظهر غد الجمعة في شارع المتنبي وسط العاصمة من ثم الانطلاق في التظاهرة إلى ساحة التحرير الشهيرة وسط العاصمة.
ويطالب المتظاهرون في بغداد و10 محافظات اخرى هي: بابل وكربلاء والنجف والديوانية والمثنى وذي قار وواسط وميسان والبصرة وديإلى بأصلاحات حقيقية منتقدين الإجراءات التي يقوم بها رئيس الوزراء حيدر العبادي وطريقة تطبيقها.. ويؤكدون على ضرورة الكشف عن سراق الأموال العامة والمتلاعبين بالعملة العراقية ممن يسموهم بحرامية المصارف.
يذكر ان العراق يشهد منذ حوالي ثلاثة اشهر تظاهرات احتجاج واسعة يطالب خلالها المحتجون بدعم من مرجعية السيستاني بمكافحة الفساد ومحاسبة الفاسدين وانهاء تسييس القضاء وتوفير الخدمات لا سيما المياه والكهرباء.
د.أسامة مهدي
موقع إيلاف