استقالة الحلبوسي اختبار لردة فعل الصدر إزاء عودة البرلمان

استقالة الحلبوسي اختبار لردة فعل الصدر إزاء عودة البرلمان

بغداد- قالت أوساط سياسية عراقية إن إعلان رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي عن استقالته يهدف إلى اختبار ردة فعل زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بشأن انعقاد جلسة جديدة للبرلمان في وقت يرفض فيه التيار الصدري جملة وتفصيلا مسألة عودة البرلمان إلى العمل لأيّ سبب.

وأشارت الأوساط السياسية العراقية إلى أن استقالة الحلبوسي أو بقاءه على رأس البرلمان عنصر ثانوي في الأزمة السياسية في البلاد على العكس من قضية رئيس الجمهورية، وكذلك رئيس الحكومة الخلافية التي كانت من أسباب الوصول إلى الوضع الراهن، ولم تستبعد أن يكون قرار الحلبوسي مجرد استقالة تكتيكية تهدف إلى المناورة باختبار موقف الصدر ومدى قدرته على تحريك الشارع من جديد لمنع عودة البرلمان.

فادي الشمري: الإطار التنسيقي والكتل النيابية التي ستشارك في جلسة التصويت على استقالة الحلبوسي سيصوتون في أغلبهم ضدها

وأكدت هذه الأوساط أن خطوة الحلبوسي لن تفهم سوى في سياق خطة خصوم الصدر في الإطار التنسيقي الذين يريدون عودة البرلمان ومناقشة التعديلات على القانون الانتخابي وتشكيل حكومة تتولى الإشراف على الانتخابات، وهذا كله يأخذ وقتا ويسمح بتعديلات وخطط من شأنها أن تغيّر المشهد الانتخابي القادم، فضلا عما يتبعها من تحييد للتيار الصدري والدفع به إلى الهامش والإيحاء بأن العملية السياسية يمكن أن تسير دونه.

وأثار قرار الحلبوسي بالاستقالة “النهائية” جدلا في الساحة السياسية العراقية وسط إجماع على أن الخطوة مفاجئة وأنها تتناقض كليا مع الترتيبات الجارية في المشهد، خاصة في ظل تنسيق متقدم بين رئيس البرلمان وكتلته وبين الإطار التنسيقي وكتل أخرى لتشكيل تحالف سياسي وبرلماني واسع يمكنه تمرير التفاهمات بشأن اختيار رئيس جديد للعراق ورئيس للحكومة وتقاسم الحقائب الوزارية، والهدف الأساسي من ورائه التأكيد على أن الصدر ليس هو من يتحكم في المشهد، وأنه يمكن في غيابه إدارة العملية السياسية دون أيّ مشاكل.

وإلى حد وقت متأخر من مساء الثلاثاء لم يبادر التيار الصدري إلى توضيح قراره مما يجري من ترتيبات أمام أنظاره، لا في شكل بيان رسمي، ولا بتصريحات أو تغريدات للصدر أو لبعض الشخصيات المعروفة بقربها منه، ما يظهر أن التيار لا يفكر بالتصعيد إلى حين اتضاح الهدف من الاستقالة وتقدم التفاهمات بين الإطار التنسيقي وحلفاء الصدر السابقين سواء من السنة أو من الأكراد.

وكان قد أعلن في بغداد عن تشكيل تحالف إدارة الدولة الذي ضم قوى الإطار التنسيقي والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني والاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة بافل طالباني وتحالف السيادة بزعامة الحلبوسي وقوى سنية أخرى للتمهيد لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة بإدارة جماعية توافقية.

وقال الحلبوسي خلال جلسة في ملتقى الرافدين للحوار “أنا لم أناقش أحدا حول قرار استقالتي وهذا القرار كان يراودني وخاصة بعد اختلاف تركيبة البرلمان العراقي الحالي بسبب انسحاب نواب التيار الصدري ويجب أن تكون العلاقات طبيعية مع النواب الحاليين”.

◙ خطوة الحلبوسي لن تفهم سوى في سياق خطة خصوم الصدر في الإطار التنسيقي الذين يريدون عودة البرلمان

وأضاف “المناخ العام السياسي الحالي في العراق مربك للغاية واستقالتي لن تعرقل عقد جلسة للبرلمان العراقي والخيار الآن للنواب في انتخاب رئيس جديد للعراق ولن أستخدم فرض وجودي على النواب استعدادا للبدء بنقاش عقلاني للمرحلة المقبلة يحكمها الدستور العراقي”.

لكن مراقبين عراقيين يقولون إن الحلبوسي يريد إعادة انتخابه رئيسا للبرلمان من تحالف محوره الإطار التنسيقي ليشعر بأنه في قلب الترتيبات الجديدة بدل أن يبدو وكأنه مرتهن للكتلة الصدرية التي كان لها الفضل في تصعيده، وأن هذه المناورة بالاتفاق مع الإطار التنسيقي، وهو ما يفسر إعلان الإطار رفض الاستقالة ودعوة الحلبوسي إلى العدول عنها.

وأعلن تيار الحكمة، إحدى قوى الإطار التنسيقي في العراق، الثلاثاء أن الإطار سيصوت ضد استقالة الحلبوسي في جلسة الأربعاء.

وقال فادي الشمري، عضو المكتب السياسي للتيار الذي يتزعمه عمار الحكيم، إن “قوى الإطار التنسيقي وقياداته تحترم خيارات شركائها السياسيين في تحالف ائتلاف إدارة الدولة”.

وأضاف الشمري أن “الإطار التنسيقي والكتل النيابية التي ستشارك في جلسة التصويت على استقالة الحلبوسي سيصوتون في أغلبهم ضدها، أي أن التصويت سيكون بمثابة تجديد ثقة الأعضاء برئيسهم”.

◙ استقالة الحلبوسي تهدف إلى المناورة باختبار موقف الصدر ومدى قدرته على تحريك الشارع من جديد لمنع عودة البرلمان

ولا يعرف إن كانت الانفراجة السياسية التي تلوح في الأفق من خلال تشكيل ائتلاف إدارة الدولة قد قرأت حسابا لأزمة اختيار رئيس الجمهورية، وهل أنها ستستمر في التعهدات التي قطعها التحالف في البرلمان السابق لفائدة بارزاني بأن يكون رئيس الجمهورية من حق حزبه أم أن انفتاحها على الاتحاد الوطني الكردستاني في الائتلاف الجديد يعني دعم خيار التجديد للرئيس الحالي برهم صالح الذي يحوز على ثقة واسعة في الداخل والخارج.

ويعطي التجديد لبرهم صالح الفرصة لاستمرار شخصية عراقية جامعة في المهمة التي عمل عليها خلال السنوات الماضية من أجل التقريب بين مختلف الفرقاء وتبديد الهواجس ذات البعد الطائفي والعرقي.

وبرهم صالح هو الشخصية الكردية الوحيدة التي نجحت في كسر عُقد الماضي وتجاوزت قصص المظلومية والثأر وحاورت مختلف الطوائف والأعراق على قاعدة المشترك الوطني العراقي، وهو المسار الذي سيقود إلى الحفاظ على وحدة العراق ويحقق مكاسب لجميع الفرقاء بدل الصراع بصورته الحالية الذي يهدد بتقسيم البلاد.

ودعا الإطار التنسيقي القوى الكردية إلى حسم مرشحها لرئاسة الجمهورية وتشكيل الحكومة وإدارة الدولة.

وذكر بيان صحافي أن الإطار التنسيقي عقد الاثنين اجتماعا وناقش آخر مستجدات الوضع السياسي في العراق واستحقاقات المرحلة المقبلة ورحب بدعوة البرلمان إلى عقد جلسة تعيد الحياة إلى المؤسسات الدستورية في البلاد.

وجدد الإطار التنسيقي استعداده للذهاب إلى انتخابات مبكرة بعد استكمال مقدماتها من حكومة مكتملة الصلاحيات وإقرار موازنة اتحادية وتعديل قانون الانتخابات وتنظيم المفوضية العليا المستقلة للانتخابات.

العرب