في حين دعا زعيم تيار الحكمة والقيادي في قوى الإطار التنسيقي عمار الحكيم رئيس البرلمان محمد الحلبوسي إلى سحب استقالته، فإن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر تجاهل كل الدعوات للانضمام إلى ائتلاف «إدارة الدولة» الجديد الذي لم يعلن عنه رسمياً بعد.
وقال الحكيم خلال مشاركته في ملتقى الرافدين، أمس (الثلاثاء) «نتمنى أن يسحب الحلبوسي استقالته قبل الجلسة ولا نتمنى أن يُطرح موضوع مثل هذا النوع؛ فرئيس مجلس النواب مورد احترام وتقدير الجميع». وكان الحلبوسي فجّر قنبلة الأحد حين وضع في صدارة جدول أعمال مجلس النواب في جلسته الأولى غداً بعد أشهر من التأجيل استقالته من منصبه في حين كانت الفقرة الثانية هي انتخاب النائب الأول لرئيس المجلس. وبينما برر الحلبوسي في تصريحات له لدى مشاركته في متلقى سياسي في بغداد، بأن سبب تقديم الاستقالة يعود إلى أنه كان جزءاً من تحالف سياسي يدعو إلى تشكيل حكومة أغلبية وطنية (في إشارة إلى تحالف «إنقاذ وطن» مع الصدر ومسعود بارزاني) بينما أصبح اليوم جزءاً من وضع جديد، وهو تشكيل ائتلاف يدعو إلى حكومة توافقية، فإن أطرافاً سياسية عديدة وفي المقدمة منها قوى الإطار التنسيقي ترى أن استقالة الحلبوسي مجرد مناورة سياسية لإحراج قوى الإطار بإعادة انتخابه بأغلبية كبيرة.
الحكيم، الذي عدّ أن رفض التيار الصدري مرشح الإطار التنسيقي محمد شيّاع السوداني لمنصب رئيس الحكومة المقبلة منحصر في التصريحات الإعلامية فقط، ولا يوجد موقف رسمي بهذا الشأن، فإنه عدّ في الوقت نفسه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بمثابة «أخ وصديق»، معرباً عن استعداده للذهاب إلى الحنانة، حيث مقر الصدر للتفاهم معه ودعوته إلى المشاركة في هذا التحالف الجديد. وفي الوقت الذي تتخذ قوى الإطار التنسيقي مواقف متشددة من إمكانية التجديد لرئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي، فإن الحكيم أشاد بالكاظمي قائلاً «لا شك أن الكاظمي بنى علاقات إقليمية ودولية مهمة وأعاد العراق إلى دور حيوي في بناء هذه المنظومة وهذا شيء مشهود له ونجح في تهدئة الشارع العراقي».
وبالعودة إلى استقالة الحلبوسي، يقول سياسي سني تحدث «الشرق الأوسط»، شريطة عدم الإشارة إلى اسمه أو هويته، إن «عرض الحلبوسي استقالته من رئاسة البرلمان خطوة في غاية الذكاء، خصوصاً بعد أن كانت قوى الإطار التنسيقي تستعد لإقالته بعد استئناف جلسات البرلمان بسبب تحالفه مع الصدر ومساهمته مع زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني في تمزيق البيت الشيعي عبر المضي مع الصدر في مشروع يرى الشيعة أنه سوف يفقدهم الأغلبية في البرلمان، وهذا ما لا يمكن لهم أن يسمحوا به». ويضيف السياسي السني، أن «قوى الإطار التنسيقي عملت على تشجيع خصوم الحلبوسي في المحافظات الغربية على التمرد ضده، وربما تحديد بديل لرئاسة البرلمان، غير أن ما قام به الحلبوسي بعد تشكيل هذا التحالف هو أنه أجهض، ليس فقط مخطط إقالته إنما سوف يجبر من أراد إقالته بالأمس أن يجدد له اليوم لأن قبول الاستقالة تعني انهيار التحالف الجديد قبل أن يعلن رسمياً».
إلى ذلك، قال قيادي في الإطار التنسيقي، إن خطط الإعلان عنا التحالف الجديد تعثرت بعد الخطوة المفاجئة لرئيس البرلمان. وذكر القيادي، الذي طلب عدم الكشف عن هويته لحساسية المفاوضات، لـ«الشرق الأوسط»، أن «الإطار التنسيقي عاد إلى المربع الأول بعد حركة الحلبوسي، ورغبة قادة في الإطار التفاهم مع الصدر قبل تشكيل الحكومة». وأوضح القيادي، الذي كان حاضراً في اجتماع للإطار لمناقشة خطوة الحلبوسي، أن «قادة الأحزاب الشيعية محبطون من تعقد المناورات ووصولها مرحلة جديدة من الانسداد».
أما أستاذ الإعلام في الجامعة العراقية الدكتور فاضل البدراني، فيرى في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن «من الواضح أن خطوة الحلبوسي بالاستقالة ذكية وجريئة وجاءت لحظتها الحرجة على الإطار التنسيقي الذي كان يلوّح مراراً بسحب الثقة عن الحلبوسي». وأضاف البدراني، أن «الإطار التنسيقي حين وصل لخطوة متقدمة في إعلان تحالف من أغلب القوى السياسية بالبرلمان أصبح في حاجة ماسة إلى وجود رئيس البرلمان الذي وجه مفاجأة وصدمة في الوقت نفسه، وبالتالي فإن الإطار التنسيقي سيكون داعماً لتأييد رفض الاستقالة ولا خيار سوى التجديد». وأوضح البدراني، أن «الإطار التنسيقي سيحاول أن يكون لاعباً سياسياً مُرّن هذه المدة لتفادي محددات وعقبات خلافه مع التيار، وبنفس الواقع هناك عقبات محتملة مع السيادة والديمقراطي».
الشرق الاوسط