زيارة الشيخ محمد بن زايد تفتح صفحة جديدة في العلاقات الإماراتية – العمانية

زيارة الشيخ محمد بن زايد تفتح صفحة جديدة في العلاقات الإماراتية – العمانية

مسقط- وصفت أوساط سياسية خليجية زيارة الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى العاصمة العمانية، ولقاءه السلطان هيثم بن طارق بن تيمور آل سعيد، والاتفاقيات المتنوعة التي أفضت إليها، بالصفحة الجديدة في العلاقات بين البلدين الجارين، في وقت تطورت فيه الشراكة الاقتصادية بين مسقط وأبوظبي لتكشف عن توجه إماراتي هادف إلى دعم سلطنة عمان ومساعدتها على الخروج من الأزمة التي عاشتها بسبب مخلفات أزمة كوفيد وتذبذب أسعار النفط في السنوات الماضية.

واعتبرت هذه الأوساط أن الحفاوة الرسمية والشعبية التي لقيها الشيخ محمد بن زايد في سلطنة عمان تؤكد أن العلاقة بين البلدين أبعد من مجرد الاتفاقيات الاقتصادية، وأن البعد السياسي في الزيارة واضح، في ظل العلاقة الوطيدة التي تجمع بين الشيخ محمد بن زايد والسلطان هيثم.

وقال الرئيس الإماراتي “أنا سعيد بزيارة هذا البلد العزيز الذي يحظى بمكانة خاصة في قلوب الإماراتيين قيادة وشعبًا”.

وفي تصريحات سابقة بمناسبة زيارته إلى السلطنة أكد الشيخ محمد بن زايد أن العلاقات التاريخية الراسخة بين الإمارات وسلطنة عمان لها طابعها الخاص، فهي تمتد في نسيج اجتماعي وثقافي واحد.

وقال الشيخ محمد بن زايد بحسب وكالة أنباء الإمارات (وام) إن العلاقة بين البلدين “تستند إلى أواصر الأخوة العميقة والجيرة الطيبة والتداخل العائلي والأسري.. بجانب قاعدة كبيرة ومتنوعة وثرية من المصالح المشتركة”.

واعتبر متابعون للشأن الخليجي أن الزيارة لم تقف عند مستوى الاحتفاء والحفاوة، وهما عنصر أصيل في العلاقات الخليجية – الخليجية، بل ركزت أيضا على البعد الاقتصادي الذي يعود على البلدين بالنفع.

ولعل أبرز اتفاق هو اتفاق سكك الحديد الذي سيفيد البلدين؛ فبالنسبة إلى سلطنة عمان سيفتح الطريق أمامها لدخول السوق الإماراتية وإنجاح مسار التعاون التجاري، وبالنسبة إلى الإمارات سيمكنها -إلى جانب ذلك- من منفذ بحري إضافي لصادراتها ووارداتها خارج عنق الزجاجة في مضيق هرمز الذي يشهد حركية كبيرة فضلا عن التهديدات الأمنية الإيرانية.

وتم وفق هذا الاتفاق إنشاء شركة سكك حديد مشتركة جديدة بقيمة ثلاثة مليارات دولار لإنجاز وتشغيل خط سكة حديد بين ميناء صحار العماني وشبكة سكك الحديد الإماراتية، مما يقلل وقت النقل ويعزز طرق التجارة وينشّط الحركة السياحية والاقتصادية بين البلدين.

◙ اتفاق سكك الحديد سيمكن الإمارات من منفذ بحري إضافي لصادراتها ووارداتها خارج عنق الزجاجة في مضيق هرمز

وتصل سرعة قطار الركاب إلى 200 كم في الساعة ويقطع المسافة بين صحار وأبوظبي في 100 دقيقة، والمسافة بين صحار والعين في 47 دقيقة، بينما تصل سرعة قطار البضائع إلى 120 كم في الساعة ويمتلك قدرة استيعابية سنوية لنقل 22.5 مليون طن من المواد السائبة و282 ألف حاوية.

وقال سهيل المزروعي وزير الطاقة الإماراتي إن الاتفاقية الموقعة بين الإمارات وعمان لربط ميناء صحار بشبكة سكك الحديد الإماراتية ستشمل كلا من خدمات الشحن ونقل الركاب.

وذكر بيان في ختام زيارة الشيخ محمد بن زايد إلى سلطنة عمان أن البلدين يستكشفان فرصا استثمارية بقيمة 30 مليار درهم، وسيزيدان التعاون الاقتصادي الثنائي في القطاعات الإستراتيجية.

وخلال الزيارة اتفقت شركة القابضة وجهاز الاستثمار العماني على إنشاء صندوق لرأس المال المخاطر بقيمة 592 مليون درهم للاستثمار في شركات التكنولوجيا في عمان واستكشاف استثمارات بقيمة 30 مليار درهم في قطاعات الطاقة المتجددة والغذاء والزراعة والاتصالات والخدمات اللوجستية والرعاية الصحية. ولم يتم تقديم تفاصيل محددة أو إطار زمني للاستثمارات الجديدة.

ووقعت القابضة وجهاز الاستثمار العماني في وقت سابق اتفاقية شراكة استثمارية بقيمة 10 مليارات درهم.

ويعتبر اقتصاد سلطنة عمان من بين الأضعف في منطقة الخليج، وبالتالي من شأن زيادة الدعم التجاري والاستثماري من قِبل قوة إقليمية بثقل الإمارات، ثاني أكبر اقتصاد في منطقة الخليج، أن تساعد السلطنة على المضي قدما في خطط تنويع اقتصادها بعيدا عن النفط.

وتظهر مؤشرات الاستثمارات الإماراتية في عُمان وجود أكثر من 3507 شركات إماراتية في نهاية العام الماضي برأس مال تجاوز 1.5 مليار دولار وتركّز أعمالها على مجالات مختلفة تأتي في قائمتها قطاعات الإنشاءات والتجارة والخدمات.

وتعتبر عُمان ثاني أكبر شريك تجاري خليجي للإمارات، فهي تستحوذ على نحو 20 في المئة من إجمالي التجارة الخارجية الإماراتية، بينما تأتي في المركز الثالث على المستوى العربي ومن العشر الأوائل ضمن قائمة الشركاء التجاريين للإمارات.

والمسؤولون العمانيون مقتنعون اقتناعا راسخا بأن بلدهم سيكون من أهم الشركاء الاقتصاديين للإمارات إلى جانب السعودية في منطقة الشرق الأوسط، وبالتالي فإنهم يرون أنه لا بد من العمل بأقصى الطاقات من أجل رفع معدلات الاستثمار وزيادة حجم التجارة بين البلدين.

وهذه أول زيارة للشيخ محمد إلى مسقط منذ توليه رئاسة الإمارات، وهي تعكس حرصه على المضي قدما في تعزيز العلاقات مع السلطنة التي سبق أن وصف الروابط معها بأنها “أخوة متجذرة وعلاقات ممتدة لا تزيدها الأيام إلا رسوخا وقوة ومحبة”.

العرب