فيينا- اتفق أعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وشركاؤهم في إطار تحالف أوبك+ الأربعاء على خفض كبير في حصص الإنتاج، ومن شأن هذه الخطوة أن ترفع أسعار النفط وقد تعزز خزائن موسكو المتضررة من العقوبات وتثير غضب واشنطن.
ويقول خبراء إن تحالف أوبك+ نجح في تجاوز الضغوط الأميركية بالرغم من محاولات البيت الأبيض للتأثير بشكل مباشر من خلال جولة الرئيس جو بايدن في الشرق الأوسط وعقده قمة مع زعماء الخليج الذين صاروا يتعاملون مع الأمر وفق مصالح بلدانهم وليس وفق رغبة الولايات المتحدة.
إيبيك أوزكاردسكايا: من المعلوم أن روسيا مستعدة لخفض الإنتاج، ويمكن أن يُنظر إلى هذه الخطوة على أنها تصعيد آخر للتوترات الجيوسياسية
وأثبت التحالف من خلال هذا القرار أنه لا يزال متماسكًا بالرغم من تعدد الضغوط، كما أنه يتعامل بحرص مع روسيا كعضو رئيسي بعيدا عن توتر علاقتها مع الغرب وبمنأى عن العقوبات الأميركية والأوروبية.
وقال مندوب إيران في “أوبك” أمير حسين زماني نيا “إن المنظمة التي تضم 13 دولة وحلفاءها العشرة بقيادة روسيا اتفقوا خلال اجتماعهم في فيينا على خفض الإنتاج بمقدار مليوني برميل يوميا اعتبارا من نوفمبر”. وهذا أكبر خفض منذ ذروة تفشي جائحة كورونا عام 2020.
ويمكن أن تؤدي هذه الخطوة إلى ارتفاع أسعار النفط الخام، ما سيزيد من احتداد التضخم الذي وصل إلى مستويات قياسية في العديد من البلدان ويساهم في تباطؤ الاقتصاد العالمي.
كما يمكن أن تمنح روسيا دفعا معنويا قبل حظر الاتحاد الأوروبي لمعظم وارداته من نفطها في وقت لاحق من هذا العام وسعي مجموعة الدول السبع للحد من ارتفاع أسعار النفط.
وبلغت أسعار النفط الأربعاء أعلى مستوياتها منذ ثلاثة أسابيع بعد اتفاق مجموعة أوبك+ على خفض الإنتاج.
وأفاد بيان صادر عن البيت الأبيض الأربعاء بأن الرئيس الأميركي جو بايدن “يشعر بخيبة أمل من قرار أوبك+ قصير النظر” والقاضي بخفض إنتاجه النفطي بشكل كبير.
وأضافت الرئاسة الأميركية “في ضوء قرار اليوم (الأربعاء)، ستتشاور إدارة بايدن مع الكونغرس بشأن أدوات وآليات إضافية لتقليص تحكم (تحالف الدول المنتجة للخام) في أسعار الطاقة”.
وزار بايدن السعودية للمرة الأولى رئيسًا للولايات المتحدة في منتصف يوليو الماضي. وكان هدفه إقناع المملكة بضخ المزيد من النفط للحد من ارتفاع أسعار الوقود. لكنه لم يحصل على وعود واضحة عدا تمسك السعوديين بتحالف أوبك+.
◙ تحالف أوبك+ يثبت من خلال قراره خفض الإنتاج أنه لا يزال متماسكًا رغم الضغوط والخلافات الأميركية – الروسية
وبعد انقضاء أيام قليلة على الزيارة قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان “نستمع إلى شركائنا وأصدقائنا من كافة أنحاء العالم، وخاصة الدول المستهلكة للنفط، غير أنه في نهاية الأمر يتبع أوبك+ وضع السوق ويوفر إمدادات الطاقة بحسب الحاجة”.
وقال كريغ إيرلام المحلل في منصة “أواندا” قبل الاجتماع “مع تنفس المستهلكين الصعداء بعد إجبارهم على دفع أسعار قياسية في محطات البنزين، لن تلقى تخفيضات الأربعاء ترحيبا”.
وإثر سُؤاله كيف سيكون رد فعل الولايات المتحدة على التخفيض؟ شدد وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي على أن أوبك مجرد “منظمة فنية”.
أما ألكسندر نوفاك، نائب رئيس الوزراء الروسي المسؤول عن الطاقة الذي يخضع لعقوبات أميركية، فالتزم الصمت عند وصوله لحضور أول اجتماع حضوري للمجموعة في مقرها بفيينا منذ مارس 2020.
وقام تحالف أوبك+ بخفض كبير في الإنتاج يقدّر بنحو 10 ملايين برميل يوميا في أبريل 2020، ما أنهى الانخفاض الهائل في أسعار النفط الناجم عن عمليات الإغلاق خلال تفشي كوفيد – 19.
كريغ إيرلام: مع تنفس المستهلكين الصعداء بعد إجبارهم على دفع أسعار قياسية في محطات البنزين، لن تلقى تخفيضات الأربعاء ترحيبا
وباشر التحالف زيادة الإنتاج في العام الماضي بعد تحسن السوق، وعاد الإنتاج إلى مستويات ما قبل الجائحة هذا العام ولكن على الورق فقط إذ يواجه بعض الأعضاء صعوبات في محاولة الوفاء بما تعهدوا به من حصص.
واتفقت المجموعة في الشهر الماضي على خفض رمزي صغير قدره 100 ألف برميل يوميا من أكتوبر، كان الأول منذ أكثر من عام.
وعلى مدى أشهر دعت الدول المستهلكة أوبك+ إلى زيادة الإنتاج على نطاق أوسع بهدف خفض الأسعار، لكن التحالف واصل تجاهل تلك النداءات.
وقالت إيبيك أوزكاردسكايا، المحللة في “بنك سويسكوت”، “من المعلوم أن روسيا مستعدة لخفض الإنتاج، ويمكن أن يُنظر إلى هذه الخطوة على أنها تصعيد آخر للتوترات الجيوسياسية” بين موسكو والغرب.
ويأتي قرار أوبك+ قبل انتخابات الكونغرس النصفية في الولايات المتحدة الشهر المقبل، ولن تخدم زيادة الأسعار في محطات الوقود حظوظ الحزب الديمقراطي الحاكم.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيار الثلاثاء “سنواصل اتخاذ خطوات لحماية المستهلكين الأميركيين”، رافضة التعليق على نقاشات أوبك مباشرة.
وارتفعت الأسعار لتقارب 140 دولارا للبرميل عقب الغزو الروسي لأوكرانيا في أواخر فبراير الماضي، لكنها انخفضت إلى ما دون 90 دولارا في الآونة الأخيرة.
وبعد الارتفاع في وقت سابق من هذا الأسبوع، وسط التكهن بخفض أوبك+ للإنتاج، تأرجح مؤشر خام برنت بحر الشمال الأربعاء عند نحو 92 دولارا للبرميل.
العرب