مضى (365) يوما على إجراء الانتخابات المبكرة في العاشر من تشرين الاول/ أكتوبر عام 2021 بعد أن اقرتها حكومة السيد مصطفى الكاظمي واستجابة للاحتجاجات والتظاهرات الجماهيرية التي انطلقت في الاول من تشرين الاول عام 2019 في العاصمة العراقية بغداد والمحافظات الوسطى والجنوبية وتحقيقا للمطاليب الجماهيرية في تشكيل حكومة عراقية تستجيب لأهداف وتضحيات أبناء الشعب العراقي وتكون بعيدة عن التوافقات السياسية والمحاصصة الطائفية وترسم صورة ميدانية واضحة لكيفية التعامل مع المواطنين وتنفيذ العديد من الالتزامات التي تعمق حالة الاستجابة لما نادت به الجماهير من بعد وطني في رفض التدخلات الدولية والإقليمية والشروع بمحاسبة الفاسدين وتفكيك شبكات نهب الأموال العامة وتبيض الأموال ومكافحة المخدرات وإحالة المتسببين في استشهاد الشباب الثائر أثناء الاحتجاجات الشعبية إلى المحاكم المختصة .
بعد مضي سنة على هذه الأحداث ما الذي حصل والى اين وصل المشهد السياسي العراقي وماهي آفاق المستقبل والرؤية السياسية لقيادة الدولة؟ ما لمسناه وشاهدناه هو مزيد من الافتراق السياسي والصراع الحزبي والمناكفات الإعلامية والتصعيد باتجاه المواجهات العسكرية بعيدا عن آمال وطموحات الشعب العراقي وعدم قدرة الأحزاب والكتل السياسية على إيجاد قاسم مشترك لتشكيل الحكومة واختيار رئيس للجمهورية وهذا ما شكل منعطفا خطيرا هدد السلم الأهلي والتماسك المجتمعي واوقف الكثير من المشاريع التنموية والاستراتيجية وتنفيذ الخطط الاقتصادية والابتعاد عن أوجه التنمية الاجتماعية وإيجاد فرص عمل حقيقية للشباب وتقليل نسبة البطالة والفقر في المجتمع العراقي.
هذه الصراعات السياسية أضرت بالبلاد وأعطت صورة مؤسفة وسلبية عن حقيقة ما يدور على الساحة العراقية بعدم وجود اتفاق لتحديد المهام الحقيقية التي على الحكومة المقبلة أن تعمل جاهدة على تنفيذها والالتزام بها أمام المواطنين ، وأن عمق الخلافات السياسية كان لها دورا مهما في حالة الاحباط واليأس التي لامست شعور المواطن العراقي الذي بدى خائفا على المستقبل القادم لأبنائه وأصبح يراقب بخوف وانشداد نفسي ما ستؤول إليه الأحداث في بلده خاصة وأنه عايش ليلة مرعبة من المواجهات المسلحة في الثلاثين من شهر آب الفائت والتي أدت إلى سقوط عدد من الضحايا واضرت بسمعة العراق وموقفه الدولي والدبلوماسي في علاقته مع بلدان العالم.
ان الاستمرار في عدم تشكيل حكومة عراقية بعد الانتخابات الأخيرة إنما يشكل حالة سلبية تلقي بظلالها على مستقبل البلاد وكيفية مواجهة الأزمات والمحن التي يعيشها المواطن في كافة المجالات وتعطيل عمل المؤسسات الحكومية والوزارات الخدمية والفراغ الدستوري العملي الذي لا تستطيع من خلاله الحكومة الحالية من القيام بواجباتها لافتقادها الصلاحيات المنصوص عليها في الدستور كونها تعتبر ( حكومة تصريف أعمال ) وهذا ما آخر إقرار الميزانية المالية السنوية للدولة العراقية وإقرار المشاريع التنموية فلا زالت العوائد المالية من تصدير النفط والتي تقدر ب(91) مليار دولار مجمدة لا تستطيع الحكومة الحالية التصرف بها أو استخدامها لأغراض تنموية واجتماعية .
إننا أمام حالة من الابتعاد السياسي والاختلاف الفكري وعدم وجود آليات حقيقية وبرامج سياسية لافاق مستقبلية تصون وحدة وسلامة العراق وتحافظ على امنه الوطني والقومي من التدخلات والاعتداءات العسكرية المستمرة ، ولا يمكن مواجهة هذه الأزمات إلا بالإسراع بتشكيل حكومة عراقية تلبي الطموحات الشعبية تتفق عليها جميع الأطراف يكون هدفها إسعاد المواطن العراقي وتلبية احتياجاته والنهوض بواقع البلد وتحسين حالته الاقتصادية والاجتماعية والعبور به نحو الضفة التي تؤمن حياة أبناء الشعب العراقي.
وللخروج من الأزمة العراقية الراهنة فإنه من المقرر أن تعقد جلسة مجلس النواب إما في نهاية هذا الأسبوع أو بداية الأسبوع القادم لاختيار رئيس جمهورية العراق كخطوة حقيقية للخروج من المأزق العراقي الحالي.
وحدة الدراسات العراقية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية