كان يوم الثالث من تشرين الاول 2022 نهاية لازمة سياسية عصفت بالعراق بعد الانتخابات الأخيرة التي أجريت في العاشر من تشرين الاول عام 2021 واتسمت بالكثير من الأحداث والصراعات السياسية التي أفضت إلى مواجهات عنيفة انتهت إلى إيجاد صيغ فعالة لكيفية التعامل مع المشهد السياسي العراقي واتفاق الأحزاب والكتل السياسية على مخارج واقعية تساهم في الحد من تفاقم الأحداث في البلاد، وأمام العديد من اللقاءات والحوارات التي جرت مع أطراف العملية السياسية كانت الرؤى جميعها تسعى إلى تحقيق حالة من الاتفاق السياسي الذي أفضى إلى عقد جلسة للبرلمان العراقي وانتخاب رئيسا للجمهورية وتكليف الكتلة الكبيرة بتشكيل الحكومة العراقية المقبلة.
وأمام هذه التطورات الميدانية والتحولات السياسية التي تنتظر الاعلان عن الكابينة الوزارية الجديدة نكون أمام العديد من التساؤلات حول كيفية إدارة الدولة على ضوء الأزمات العديدة التي تعاني منها البلاد وتؤثر على حياة العراقيين ومنها كيفية إيجاد أدوات فعالة لمكافحة الفساد المالي والإداري وتقليل نسبة البطالة بين أفراد الشعب بعد أن وصلت نسبة الفقر في المجتمع العراقي وحسب تصريح وزارة التخطيط إلى 25% مع اعتماد العراق ثامن دولة عربية ضمن خط الفقر وعلى المستوى العالمي تصدر التسلسل (79) وهذا يشكل عاملا رئيسيا في الدور القادم للحكومة العراقية وكيفية مواجهته والحد من نسبة التضخم الذي وصل إلى 36% ، إذن ستكون هناك الكثير من الحاجيات الأساسية التي على الحكومة المقبلة أن تراعيها وتلتزم بتنفيذها لرفع المستوى الاقتصادي للمواطن وتحسين حالته المعاشية وتحقيق العدالة الاجتماعية وزيادة التنمية المجتمعية مع وجود إرادة سياسية لتوثيق العلاقات مع دول الجوار وتعزيز موقع العراق على المستوى العربي والإقليمي والدولي وتمتين حالة الأمن والاستقرار بوضع إمكانيات الدولة وقدرتها على ضبط السلاح المنفلت ومحاسبة الفصائل المسلحة التي تخرج عن تنفيذ إرادة وتوجهات الدولة .
وهذا لا يمكن تحقيقه إلا بتغليب الطموحات والأهداف الشعبية على الرغبات والمنافع السياسية لعدد من الأحزاب والكتل السياسية وبهذا يمكن أن تتحقق عملية إعادة جزء من الثقة بين المواطنين والحكومة بعد حالة من اليأس والإحباط والقنوط الذي انتاب الكثير من أبناء الشعب العراقي، كما ان النجاح القادم يمكن أن يكون واضحا اذا ما أسفر عن مشاركة الجميع في رسم ملامح ومستقبل البلاد وكانت المشاركة الفعلية الجميع في صنع القرار السياسي بعيدا عن المحاصصة الطائفية والتوافقات السياسية واعتماد معايير حقيقية وواقعية في منع حدوث الصراعات والمناكفات بين الأحزاب وقيادتها وان تكون إدارة مجلس الوزراء من قبل رئيس الحكومة وليس بتأثير ودفع من قبل الأحزاب والكتل السياسية حفاظا على مستقبل البلاد وتحقيقا لمبدأ السيادة وتنفيذ القوانين والأنظمة واحترام الرأي الآخر وتعزيز مفهوم الديمقراطية البرلمانية التي تساهم في مناقشة جميع الآراء والاستماع لوجهات النظر العديدة وبصورة شفافة تحقيقا للمصلحة العليا بما يعزز الرؤية السياسية الواعية والمدركة لحقيقة الأوضاع التي يمر بها العراق وان يكون الأساس في التعامل هو السعي لبناء دولة المواطنة التي تحمي حقوق المواطن وتحترم إرادته وطموحاته وأهدافه في حياة كريمة.
وحدة الدراسات العراقية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية