أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم الأربعاء حالة الحرب في المقاطعات الأوكرانية الأربع التي ضمتها بلاده، ويشمل ذلك فرض الأحكام العرفية فيها، في حين تواصل السلطات الموالية لموسكو إخلاء مدينة خيرسون من السكان تحسبا لهجوم أوكراني وشيك.
وقال بوتين في كلمة ألقاها خلال ترؤسه مجلس الأمن القومي الروسي إنه أصدر توجيهات بإنشاء مقرات للدفاع الإقليمي في ما وصفها بالأقاليم الروسية، في إشارة إلى مقاطعات خيرسون وزاباروجيا (جنوب)، ولوغانسك ودونيتسك بإقليم دونباس (شرق) التي وقع قرار بضمها إلى روسيا نهاية الشهر الماضي.
وأضاف أنه أوعز للحكومة الروسية بتشكيل مجلس تنسيقي برئاسة رئيس الوزراء، ومنح صلاحيات أكبر لحكام المناطق والأقاليم الروسية لضمان الأمن وتنظيم عمل المصانع والمؤسسات لدعم العملية العسكرية.
كذلك، أعلن الرئيس الروسي أنه وقع أمرا بتسليم الرواتب للعسكريين في الوقت المحدد. واتهم بوتين كييف برفض أي عرض للتفاوض والاستمرار في قصف المدنيين، وفق تعبيره.
وتأتي تصريحاته غداة إعلان المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن المناطق الأوكرانية الأربع التي ضمتها روسيا مؤخرا تحت المظلة النووية.
ميدانيا، أعلنت السلطات الموالية لروسيا في خيرسون أن القوات الأوكرانية أصبحت على مشارف المدينة، وذلك وسط أنباء عن إطلاقها هجوما لاستعادتها من القوات الروسية.
وقال كيريل ستريموسوف، نائب القائم بأعمال حاكم خيرسون، إن عشرات الآلاف من القوات الأوكرانية باتت على مشارف المقاطعة، مضيفا أن السلطة المحلية تملك معلومات تفيد بهجوم وشيك للقوات الأوكرانية على المنطقة.
وأكد ستريموسوف نقل السلطات المحلية في المقاطعة إلى الضفة اليسرى من نهر دنيبرو الذي تقع مدينة خيرسون على ضفته الغربية، كما أكد نحو 40% من سكان المدينة والمقاطعة غادروا المنطقة.
وبالتزامن، أعلن حاكم خيرسون الموالي لروسيا فلاديمير سالدو أن أكثر من 5 آلاف مدني غادروا المقاطعة خلال اليومين الماضيين، مشيرا إلى خطة لإجلاء ما يصل إلى 60 ألفا خلال الأيام الستة المقبلة.
وقال سالدو إن الهدف من عمليات الإجلاء حماية السكان المدنيين، كما برر القرار بإمكانية حدوث فيضان في المنطقة في ظل ما وصفها بالمخططات الأوكرانية لتدمير سد محطة كاخوفكا الكهرمائية، مؤكدا أن القوات الروسية ستقاتل “حتى الموت” كي تظل المدينة في قبضتها.
وبثت وسائل إعلام روسية صورا لمدنيين يعبرون النهر، مشيرة إلى أن المغادرين يتجهون نحو الضفة الأخرى لنهر دنيبرو إلى مدينتي أولشكي وغولا.
ومنذ الصيف، تشن القوات الأوكرانية هجوما مضادا في مقاطعة خيرسون التي سقطت عاصمتها بيد القوات الروسية في الأيام الأولى من الحرب التي اندلعت يوم 24 فبراير/شباط الماضي.
وضع صعب
وكان قائد العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا الجنرال سيرغي سوروفيكين أكد -أمس الثلاثاء- صعوبة الوضع في خيرسون، ولم يستبعد اتخاذ ما وصفها بقرارات صعبة.
وفي أول تصريح إعلامي بعد تعيينه في منصبه، أشار سوروفيكين إلى أن الجيش الأوكراني يستعد لشن هجوم صاروخي على سد محطة كاخوفكا الكهرمائية، مما يهدد بتدمير البنية التحتية ووقوع خسائر كبيرة في صفوف المدنيين، على حد تعبيره.
وقال الجنرال الروسي إن قوات بلاده لا تسعى لتحقيق تقدم سريع حفاظا منها على أرواح الجنود والمدنيين.
ووفقا لوكالة رويترز، اضطرت القوات الروسية في خيرسون للتراجع لمسافة تتراوح بين 20 و30 كيلومترا على مدى الأسابيع القليلة الماضية، مشيرة إلى أن ذلك يعني أنها مهددة بأن تصبح عالقة على الضفة الغربية لنهر دنيبرو.
وكانت القوات الروسية منيت مؤخرا بانتكاسات، بخسارتها معظم الأراضي التي كانت تسيطر عليها في مقاطعة خاركيف (شمال شرق) ومدينة ليمان وبلدات أخرى في منطقة دونيتسك بإقليم دونباس (شرق).
وفي تطورات ميدانية أخرى، دوت اليوم انفجارات في كييف ومدن أوكرانية أخرى جراء قصف روسي جديد.
من جانبه، أعلن الجيش الأوكراني -اليوم الأربعاء- إسقاط 13 طائرة مسيّرة إيرانية الصنع في ميكولايف (جنوب) خلال ساعات الليل والصباح، مؤكدا أنه دمر 223 طائرة مسيرة إيرانية الصنع منذ منتصف سبتمبر/أيلول الماضي.
وتؤكد أوكرانيا أن مسيرات إيرانية تنفجر ذاتيا في أهدافها استخدمت في الضربات الروسية المكثفة التي تجددت أمس، واستهدفت خاصة منشآت الطاقة الحيوية في كييف ومناطق أخرى، مما أدى لانقطاعات واسعة للكهرباء.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أمس إن الضربات الجوية الروسية دمرت نحو 30% من محطات الطاقة الأوكرانية منذ 10 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، مؤكدا أنه لم يعد هناك مكان للمفاوضات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
كما قال الناطق باسم قوات أوكرانيا بالجبهة الشرقية للجزيرة إن الجيش الأوكراني تصدى لمحاولات القوات الروسية اقتحام مدينة باخموت في دونيتسك.
وفي الجانب الآخر، أعلن حاكم مقاطعة بيلغورود الروسية سقوط قذيفة أوكرانية على منشأة للبنية التحتية في المدينة.
المحطة النووية
ميدانيا أيضا، قال فلاديمير روغوف رئيس الإدارة الموالية لروسيا في مقاطعة زاباروجيا (جنوب شرق) إن القوات الروسية أحبطت بعد قتال استمر ساعات محاولة للجيش الأوكراني للسيطرة على المحطة النووية الخاضعة لسيطرة الروس، وهي الأكبر من نوعها في أوروبا.
وأضاف روغوف أن القوات الأوكرانية نفذت محاولة إنزال بعد قصف مدينة إينيردغودار التي تضم المحطة النووية، مؤكدا إفشال المحاولة.
وتتبادل كييف وموسكو الاتهامات بتعريض المحطة للخطر عبر تنفيذ عمليات عسكرية في محيطها.
وفي تطور آخر، أعلن عمدة سيفاستوبول بشبه جزيرة القرم الأوكرانية -التي ضمتها روسيا عام 2014- أن الدفاعات الجوية الروسية أسقطت -اليوم الأربعاء- طائرة مسيّرة بالقرب من مطار بيلبيك بالمدينة.
وكانت هجمات بطائرات مسيرة استهدفت سابقا مواقع في القرم، بينها مقر قيادة أسطول البحر الأسود الروسي.
وفي وقت سابق من الشهر الجاري، تعرض جسر كيرتش الذي يربط البر الروسي بالقرم لتفجير اتهمت موسكو الاستخبارات الأوكرانية بتنفيذه، لتقوم القوات الروسية لاحقا بقصف مكثف بالصواريخ والطائرات المسيرة لأجزاء واسعة من أوكرانيا.
المصدر : الجزيرة + وكالات