الأزمة الاقتصادية تدفع البريطانيين إلى الندم على مغامرة بريكست

الأزمة الاقتصادية تدفع البريطانيين إلى الندم على مغامرة بريكست

لندن- أظهرت نتائج استطلاع أجراه أحد أهم المراكز البريطانية الأربعاء أن غالبية البريطانيين تعتقد أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) كان خطأ، في الوقت الذي صار فيه البريطانيون يشعرون بوطأة هذا الخروج خلال مواجهة الأزمة الاقتصادية التي تعيشها بلادهم وسط أزمة حكومية أعاقت البحث عن حلول فعّالة.

وقال رئيس “المجلس البريطاني للاستطلاعات” البروفسور جون كورتيس إنه “من السابق جدا لأوانه الحديث عن تحول حاسم في الآراء لصالح قلب نتيجة استفتاء 2016 التي أفضت إلى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي”.

لكنه أضاف إلى الصحافيين أن “المنحى اتضح منذ خريف 2021 عندما كشفَ نقصُ عدد سائقي الشاحنات للكثيرين عن الكلفة الفعلية لوقف حرية تنقل اليد العاملة في الاتحاد الأوروبي، كأحد تداعيات الانفصال عن الاتحاد”.

وتابع “قد يكون بريكست الآن أقل شعبية مما كان عليه في أي مرحلة منذ يونيو 2016”.

◘ تداعيات وباء كورونا على الاقتصاد البريطاني كانت أكثر قسوة مما سبق تصوره

وفي 2016 صوت الناخبون في المملكة المتحدة بنسبة 52 في المئة -مقابل 48 في المئة- لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي. ويظهر متوسط نتائج استطلاعات رأي مؤخرا أن قرابة 57 في المئة من البريطانيين يرغبون في تغيير ذلك، فيما يعتقد 43 في المئة منهم أن القرار صائب.

واتسع الفارق بين الفئتين هذا العام على وقع معاناة البريطانيين من أزمة ارتفاع كلفة المعيشة، فيما تشير التركيبة السكانية إلى تأييد أكبر للاتحاد الأوروبي في المستقبل مع انضمام ناخبين أصغر سنا إلى لوائح الناخبين منذ 2016.

ويرى مراقبون أن البريطانيين بدأوا يقفون الآن على حقيقة أن بريكست لم يكن سوى نوع من الشعبوية؛ إذ قبل السياسيون بمجاراة مطالب الانسحاب دون أن يعوا تأثيراته بعيدة المدى على بلادهم بقطع النظر عن استدعاء التاريخ للإيحاء بأن بريطانيا هي المركز وأنها لا تحتاج إلى من يسندها.

وأشاروا إلى أن وباء كورونا غطى على الكثير من العيوب والمشاكل التي ظهرت كمخلفات واضحة لبريكست، وأن الحكومة البريطانية اتكأت على التداعيات الصحية التي خلفتها موجات الوباء لإغفال الإصلاحات ومعالجة الملفات التي يفرضها الخروج من الاتحاد الأوروبي.

وحين انتهى الوباء وقف البريطانيون على مشاكل كثيرة لا يمكن تجاوزها، خاصة في ظل الأزمة العالمية التي تمنعهم من الرهان على تمويلات أو استثمارات خارجية، فضلا عن ارتفاع الأسعار -لاسيما أسعار الطاقة- ومخلفات أزمة الغاز الروسي، ما حدّ من أفق الحلول خصوصا أمام أزمة حكومية لا يُعرف ما إذا كانت ستنتهي باختيار ريشي سوناك رئيسا للوزراء خلفا لليز تراس التي أثارت قراراتها مخاوف المؤسسات المالية الدولية.

وتشير الإحصائيات الرسمية إلى أن تداعيات الوباء على الاقتصاد البريطاني كانت أكثر قسوة مما سبق تصوره، ولربما كانت مواجهتها ضمن سياق الاتحاد الأوروبي -لو لم يتم بريكست- أخف.

ومن غير المرجح أن يعيد حزب العمال، أكبر الأحزاب المعارضة، فتح النقاش بشأن العضوية في الاتحاد الأوروبي أو حول إعادة الانضمام إلى السوق المشتركة قبل الانتخابات القادمة خشية إثارة قلق الناخبين، وفق كورتيس.

ومن غير المتوقع إجراء الانتخابات قبل عامين، لكن يبدو أن المحافظين يواجهون في الوقت الحالي أزمة عميقة بعد انتخابهم ثالث رئيس وزراء هذا العام.

وأشار كورتيس إلى أن ريشي سوناك ساهم في وقف التراجع منذ دخوله 10 داونينغ ستريت الشهر الماضي، لكن بشكل عام ينبغي على المحافظين تخطي عقبة كبيرة أمام تقدم حزب العمال عليهم في الاستطلاعات بـ30 نقطة.

وقال مسؤول مركز الاستطلاع إن “التاريخ يشي بأن المهمة ستكون صعبة للغاية”.

وأضاف كورتيس “لم تنج أي حكومة شهدت أزمة مالية، في صناديق الاقتراع في نهاية المطاف”، وذلك عقب تسبب سلف سوناك، ليز تراس بهلع في أسواق المال بعد إعلانها عن خطة لخفض الضرائب.

وتابع “تراجعوا لأن الناس عموما قرروا أنه لا يمكن الوثوق بهم في قيادة هذا البلد”

العرب