السوداني ينفتح على عقود الغاز والنفط المبرمة مع الصين وروسيا

السوداني ينفتح على عقود الغاز والنفط المبرمة مع الصين وروسيا

بغداد- لم تمنع التصريحات الأميركية الداعمة لرئيس الوزراء العراقي الجديد محمد شياع السوداني من أن تنفتح الحكومة العراقية الجديدة في علاقاتها الخارجية على عقود الغاز المبرمة مع الصين وروسيا، في خطوة يقول مراقبون إنها تظهر التزام السوداني بالصفقات الرئيسية المخطط لها منذ فترة طويلة بين بغداد وبكين وموسكو بغض النظر عما قد تبديه الولايات المتحدة من معارضة.

ويتزامن هذا الموقف مع دعوة السوداني إلى زيادة حصة العراق في أوبك ومراعاة ظروفه، خاصة وأن البلد في حاجة إلى المزيد من الأموال في مهمة إعادة الإعمار، وهو ما يثير تساؤلات أبرزها: ما سبب ورود هذا المطلب في الوقت الذي يتمسك فيه تحالف أوبك+ بخفض الإنتاج؟ وهل أن في هذه الخطوة محاولة لاسترضاء واشنطن؟

ويشير المراقبون إلى أن الحكومة التي تساندها الأحزاب المدعومة من إيران تجد نفسها ضِمْن المسار نفسه الذي تمضي فيه طهران مراهنةً على الصين وروسيا بالرغم من الاتصال الذي جمع السوداني بوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الذي أظهر رغبة واشنطن في تعزيز التعاون مع الحكومة الجديدة.

◘ السوداني دعا منظمة أوبك إلى إعادة النظر في كمية الإنتاج والصادرات المخصصة للعراق من أجل زيادة هذه الكمية والصادرات لكونه من بين أكبر المنتجين في المنظمة

وقال بلينكن إن “الولايات المتحدة حريصة على العمل مع حكومة العراق وشعبه لتكريس احترام حقوق الإنسان وزيادة الفرص الاقتصادية وتعزيز استقلال قطاع الطاقة في العراق ومعالجة أزمة المناخ”. لكن هذا التصريح لم يترك أي أثر لدى رئيس الوزراء العراقي.

ولم يبد وزير النفط العراقي المعين حديثا حيان عبدالغني أي مؤشرات على التخلي عن اتفاقية “النفط مقابل المشاريع” التي وقعها العراق والصين سنة 2019، وهي الاتفاقية التي فتحت الباب واسعا أمام الصين لدخول العراق الذي كان أكبر مستفيد في العام الماضي من مبادرة الحزام والطريق الصينية، إذ تلقى تمويلا قدره 10.5 مليار دولار لمشاريع ذات صلة بالبنى التحتية، منها إنشاء محطة لتوليد الكهرباء ومطار.

وذكرت تقارير محلية أنه ما إنْ تولّى عبدالغني مهامه حتى بدأت شركة الاستكشافات النفطية العراقية والمؤسسة الوطنية الصينية للنفط البحري مسوحات زلزالية متعددة كجزء من المرحلة الأولى من مراحل التنقيب عن النفط والغاز البحري على نطاق واسع.

ووفقا لبيان منفصل لمدير عام الشركة العراقية علي جاسم حمود، شرعت المؤسسة الصينية في تنفيذ عقد دراسة مشتركة للمسوحات السيزمية والجيوفيزيائية ثنائية الأبعاد لاستكشاف التجمعات الهيدروكربونية العراقية.

وخلال الشهر الماضي وقعت شركة هندسة وإنشاءات البترول الصينية عقدا بقيمة 386 مليون دولار لبناء منشأة بقطارين لمعالجة النفط في منطقة القرينات لتطوير الإنتاج في الجزء الجنوبي من الرميلة التي تعدّ أكبر حقل نفط في العراق. ومن المزمع أن يتعامل كل قطار مع حوالي 120 ألف برميل من النفط.

ويقول المراقبون إن العلاقات الوطيدة التي تربط بين الصين وإيران ساعدت بكين على ضمان موطئ قدم في العراق بسبب النفوذ الإيراني السياسي والعسكري على الأحزاب الحاكمة، وفي ظل رغبة الإيرانيين في تقليص النفوذ الأميركي العسكري والاقتصادي في العراق الذي أصبح ملعبا خاصا بهم، ولأجل ذلك تدفع طهران العراق إلى مواصلة الاعتماد على الشركات الروسية.

وأشار سيمون واتكينز، المحلل الاقتصادي في موقع أويل برايس، إلى أن وزير النفط العراقي الجديد لا يظهر أي مؤشّر على التراجع عن قرار سلفه الذي يسمح لشركة النفط الروسية العملاقة لوك أويل بالمضي قدما في استكشاف حقل إريدو النفطي الضخم وتطويره، على الرغم من الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير الماضي وما قد يسببه هذا الموقف من توتر في العلاقات مع واشنطن التي تريد غلق الأبواب أمام الشركات الروسية.

ورغم الخلافات السابقة بين الحكومة العراقية والشركة الروسية، التي هددت سابقا بالانسحاب من مشروع غرب القرنة 2، مضت الحكومة العراقية الجديدة قُدما في قرارها الذي يسمح للشركة الروسية بالعمل على مواصلة الاستكشافات في حقل إريدو.

وستجد حكومة السوداني نفسها في وضع صعب إذا تمسكت بالرهان على الشركات الصينية والروسية، وهو أمر من الطبيعي أن يغضب الشركات الغربية الكبرى، وخاصة الأميركية التي كان لها نفوذ كبير على النفط العراقي.

وفي خطوة تعكس سعيا للتقرب من واشنطن، دعا رئيس الحكومة العراقية منظمة أوبك إلى إعادة النظر في كمية الإنتاج والصادرات المخصصة للعراق من أجل زيادة هذه الكمية والصادرات لكونه من بين أكبر المنتجين في المنظمة، وهي زيادة إن تمت فلا شك أنها ستدفع دولا أخرى إلى المطالبة بزيادة حصصها، ما يعني ضرب خطة التخفيض والتحكم في الأسعار التي يتمسك بها تحالف أوبك+.

وأقرّ أوبك+ في أكتوبر الماضي تخفيض الإنتاج ابتداء من نوفمبر الجاري، في خطوة لاقت معارضة وانتقادا شديدين من الولايات المتحدة ودول غربية.

وعزا السوداني طلبه إلى كون العراق يشهد تزايدا في عدد السكان وكان محروما من رفع معدلات الإنتاج والتصدير منذ ثمانينات القرن الماضي إلى اليوم، وتضرر بشكل كبير جراء عدم الحصول على حصته كاملة، والآن هو بحاجة إلى الحصول على أموال لإعادة الإعمار.

وأكد السوداني أن العراق “حريص على استقرار أسعار الطاقة. لا نريد للأسعار أن ترتفع فوق 100 دولار ولا في نفس الوقت أن تنخفض بالشكل الذي يؤثر على مستوى العرض والطلب”.

العرب