معمر فيصل خولي
تصافح الرئيسان التركي رجب طيب إردوغان والمصري عبد الفتاح السيسي، اليوم الأحد، للمرة الأولى على هامش افتتاح كأس العالم لكرة القدم في قطر، بحسب الرئاسة التركية. وتبادلا الابتسامات بينما وقف أمير قطر الشيخ تميم بينهما فيما يشير هذا التطور إلى دور قطري محتمل في ترتيب المصافحة واستثمار افتتاح المونديال لتسجيل نقاط سياسية بينما تسعى الدوحة التي أنهت بدورها سنوات من الخلاف مع القاهرة، لإظهار أنها قادرة على لعب دور الوساطة في حل الخلافات الإقليمية والدولية.
وأظهرت الصورة التي نشرت على الموقع الرسمي للرئاسة التركية، وأكد مسؤول في الرئاسة التركية لوكالة فرانس برس مساء الأحد أنه ” التواصل الثنائي الأول” بين الرئيسين أثناء حفل افتتاح البطولة. وذكرت وكالة أنباء الأناضول الحكومية التركية أن أردوغان صافح السيسي وأجرى لفترة وجيزة محادثات معه ومع قادة آخرين.
من جانبه اعتبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المصافحة “خطوة أولى نحو مزيد من التطبيع في العلاقات بين البلدين”، وقال خلال تصريحات أدلى بها على متن الطائرة في رحلة عودته من قطر، إن “تحركات أخرى ستلي تلك الخطوة الأولى من أجل تطبيع العلاقات مع القاهرة”.
ونقل موقع “خبر ترك” عن أردوغان قوله، “أنا أنظر للأمر بهذا الشكل، لم يكن لقاء بين زعيمي مصر وتركيا، الروابط القائمة في الماضي بين الشعبين مهمة جداً بالنسبة إلينا، فما الذي يمنع من أن تكون كذلك مجدداً، وقدمنا مؤشرات بهذا الاتجاه”، مضيفاً أن “طلب أنقرة الوحيد من مصر هو تغيير أسلوبها تجاه وضع تركيا في البحر المتوسط”. وتابع أردوغان “آمل أن نمضي بالمرحلة التي بدأت بين وزرائنا إلى نقطة جيدة لاحقاً عبر محادثات رفيعة المستوى”.
في المقابل وبحسب بيان نشرته الرئاسة المصرية، قال المتحدث باسمها بسام راضي إن “الرئيس السيسي تصافح مع نظيره التركي أردوغان، إذ تم التأكيد المتبادل على عمق الروابط التاريخية التي تربط البلدين والشعبين المصري والتركي”، مضيفاً “تم التوافق على أن تكون تلك بداية لتطوير العلاقات الثنائية بين الجانبين”.
تكمن أهمية المصافحة كونها هي الأولى من نوعها بين الرئيسان بعد سنوات من التوتر والتأزم والجفاء إلى حد القطيعة والعداء وتجميد العلاقات لأسباب ليس هذا مجال الخوض في تفاصيلها أو في تحليل الأسباب التي افضت إليها ، كما تكمن أهميتها أنها جاءت عقب أسابيع قليلة من إعلان القاهرة تعثر المباحثات مع أنقرة حول إعادة تطبيع العلاقات بسبب تجدد الخلافات بين الدولتين حول الملف الليبي وشرق المتوسط وهو ما يؤشر إلى إمكانية عودة قريبة للمحادثات الاستكشافية التي توقفت والتي كان يتوقع أن تتطور لمباحثات دبلوماسية رفيعة ولقاء على مستوى وزراء الخارجية يمهد لعقد لقاء بين أردوغان والسيسي.
يضاف إلى ذلك، رمزية وأهمية حصول المصافحة الأولى في قطر التي أعادت تطبيع علاقاتها مع مصر مؤخراً، حيث جرى الحديث كثيراً عن إمكانية أن تلعب الدوحة دور الوسيط لإعادة تطبيع العلاقات بين القاهرة وأنقرة التي لا تخفي رغبتها الواضحة في تحسين العلاقات مع مصر في سياق مسار دبلوماسي أوسع يهدف إلى العودة لسياسة “صفر مشاكل” التي نجحت من خلالها في إنهاء الخلافات مع السعودية والإمارات ودول أخرى تعتبر حليفة للقاهرة.
ويرى المراقبون للشؤون الإقليمية ان المصافحة ستكون البداية لإحداث إنفراجة في العلاقات المصرية التركية المعقدة والمتشابكة، والتي تحتاج إلى تنسيق المواقف المصرية التركية في ظل أن هناك الكثير من القضايا التي بها الكثير من التباينات والإختلافات والتي لا يمكن حلها إلا من خلال التوافق المصري التركي، بعد إجراء الكثير من المحادثات الإستكشافية والتي لم تحقق النتائج المرجوة والمأمولة.
وقراءة بسيطة للمصافحة يمكن أن نتوقف أمامها في عدة نقاط أولا: بدء الإستئناف المباشر للعلاقات المصرية التركية وتوقعات بزيارات متبادلة بين قادة البلدين.. ثانيا: استئناف المفاوضات المباشرة بين البلدين التي إرتقت من تنسيقات أمنية وإستخباراتية غير معلنة، إلى لقاء دبلوماسية متبادلة على مستوى نائب وزير الخارجية في البلدين، لتكون اللقاءات التفاوضية القادمة على مستوى وزيرا خارجية البلدين.. ثالثا:ب دء التنسيق بشكل أكثر جدية في الملف الليبي وبالتالي تيسير الوصول لحل للأزمة الليبية. رابعا: الانخراط في الإجابة بموضوح على كافة المطالب المصرية بشأن الإخوان، خاصة وأن الأجواء أضحت مهيأة حاليا أكثر بكثير من سابق الأيام.
مصافحة الرئيسان المصري والتركي ما هي إلا اختراقا كبيرا في العلاقات بين البلدين وبين الرئيسين بشكل خاص عقب سنوات طويلة من القطيعة والخلافات السياسية الحادة. ومن الممكن جدا أن تكون هي الأساس لبناء علاقات جيدة ولاذابة الجليد وخلق بيئة ايجابية لتكون دافعا لعلاقات أكثر توازنا وإستقرارا لصالح منطقة الشرق الأوسط.
وحدة الدراسات التركية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية