الفساد في العراق أخطر من الحرب والتمزق

الفساد في العراق أخطر من الحرب والتمزق

أغنى الدول النفطية في العالم وأكثرها فقراً في الوقت نفسه، هكذا جعل الفساد من العراق محطة عالمية له على رغم جهود الحكومات المتعاقبة بعد 2003 لمواجهة تداعياته الخطيرة التي أنهكت مفاصل الدولة العراقية والبنية التحتية لبلاد الرافدين.

يوم الأربعاء الماضي، كشف المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني عن تشكيل “الهيئة العليا لمكافحة الفساد” في ما وصف بأنه “تشكيل استثنائي” على رغم أن هذه اللجنة مشابهة للجنة التي شكلها رئيس الحكومة السابق مصطفى الكاظمي برئاسة الفريق الركن أحمد أبو رغيف.

آليات غير تقليدية

وذكر المكتب في بيان له أنه “بتوجيه مباشر من رئيس مجلس الوزراء، وبهدف مكافحة الفساد طبقاً للمنهاج الوزاري وبآليات غير تقليدية تتجاوز السلبيات السابقة، شكلت (هيئة النزاهة) الأربعاء تشكيلاً استثنائياً بعنوان (الهيئة العليا لمكافحة الفساد)، بغية تسريع مواجهة ملفات الفساد الكبرى واسترداد المطلوبين بقضايا الفساد والأموال العامة المعتدى عليها”.

القرار يأتي عقب تأكيد رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني أن أولوية ولايته هي “مكافحة الفساد” الذي وصفه بـ”تهديد خطير للدولة العراقية، أخطر من كل التهديدات التي مرت على العراق طيلة الفترة الماضية”.

وأقدمت السلطات العراقية على التحقيق في سرقة 2.5 مليار دولار من أموال الهيئة العامة للضرائب في مصرف “الرافدين” الحكومي، وصدرت مذكرات اعتقال بحق المتورطين فيها.

إلى ذلك، اعتبرت كتلة ائتلاف “دولة القانون” أن “الهيئة العليا لمكافحة الفساد” المشكلة من قبل رئيس الوزراء ستكون مختلفة عن سابقاتها. وقال النائب عن الكتلة ثائر مخيف، في تصريح صحافي إن “رئيس الوزراء جاد بمحاربة الفساد ومحاسبة الفاسدين، بعيداً من كل الضغوط والمجاملات السياسية”.

وأوضح مخيف أن “هناك دعماً سياسياً وبرلمانياً كبيراً لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني لمحاربة الفساد والفاسدين، خصوصاً أن البرنامج الحكومي يتركز على هذه الفقرات التي ينادي بها الشعب العراقي والمرجعية الدينية منذ سنوات”.

وضع استثنائي

عضو لجنة “النزاهة النيابية” عالية نصيف صرحت بأن “الفساد في العراق استثنائي ويحتاج إلى علاج استثنائي”، مبينة أن “رئيس الوزراء لم يبتعد عن الدوائر الرقابية في مواجهة الظاهرة حيث شكل هيئة عليا من (هيئة النزاهة)، لأن هناك خطوطاً حمراء خاصة بفساد الدرجات الخاصة والهيئات الاقتصادية”.

وأضافت نصيف في تصريح صحافي أن “هناك ملفات فساد كبيرة، منها تهريب النفط الذي يجري من قبل جهات وضباط لديهم ارتباطات ومصالح، وكذلك ملف الأمانات الضريبية والعقارات وملف فساد العقود والخروقات التي تحصل، وكلها تحتاج إلى إجراءات استثنائية”.

وتابعت أن “رئيس الوزراء اتخذ إجراءات استثنائية حيث يتجه وفق خطين: خط الخدمات والآخر محاربة الفساد، وهذه الخطوات ستمكنه من العبور بالبلد إلى بر الأمان”.

في المقابل، اعتبر النائب السابق وائل عبداللطيف أن الوعود التي أطلقتها الحكومة العراقية الجديدة لا يمكن أن تتحقق من دون مواجهة “الحيتان” والرؤوس الكبيرة المسؤولة عن الفساد.

ورأى عبداللطيف في تصريح صحافي أن “رئيس الوزراء محمد شياع السوداني مطالب باعتقال مجموعة من حيتان الفساد الذين يجب أن يكونوا معروفين لدى الشعب، حيث إن محاسبة مدير عام أو نائب مدير هنا أو هناك لن يؤثر واقعياً في محاربة الفساد”.

وأقر عبداللطيف بأن الفساد اليوم متجذر في الدولة العراقية، والدولة هي التي تقوده كما ظهر في شبكة تهريب النفط التي كشف عنها في محافظة البصرة، ليتبين أن جميع أفرادها من المراتب العسكرية المهمة في الدولة، مؤكداً أن الفساد بات يهدد بانهيار الدولة العراقية في حال استمراره بهذا الشكل في المستقبل القريب.

انتصارات شعبية

بدوره، يكشف الباحث السياسي نبيل جبار التميمي عن أن القوى السياسية وقعت في تحالفها الأخير الذي شكلت عبره الحكومة الحالية ورقة سياسات انعكست على شكل منهاج وزاري للحكومة، وتضمنت الورقة في أحد بنودها إلزام الحكومة بناء أدوات فعالة في مكافحة الفساد خلال مدة أقصاها 90 يوماً من تاريخ تشكيلها، لهذا نعتقد أن السوداني يحاول الإيفاء أولاً بالتزامه في المنهاج الوزاري باستكمال السياسات المتفق عليها، وكما يسعى إلى تحقيق انتصارات شعبية.

وحول أسباب ربط هذه اللجنة أو الهيئة بـ”هيئة النزاهة” نفسها، فسر التميمي الأمر بتفادي الخلل الذي حدث في اللجنة السابقة التي شكلها رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي والتي تم رفض تشكيلها من قبل المحكمة الاتحادية بعد قبولها الطعون المقدمة بالضد من تشكيلها كلجنة غير دستورية. ويبقى التساؤل، بحسب التميمي، عن مدى جدية القوى السياسية في مكافحة الفساد، بخاصة أن الشبهات تحوم حول هذه القوى السياسية نفسها.

اندبندت عربي