بيروت- تمتنع ست نساء من كل عشر يتعرضن لاعتداءات جنسية في لبنان عن التبليغ عنها لأسباب متعلقة بصون “الشرف”، وفق ما أفادت منظمة “أبعاد” المحلية السبت مطالبة خلال تظاهرة أمام البرلمان بتشديد العقوبات على جرائم العنف الجنسي.
ودعت إلى التظاهرة منظمة “أبعاد” في إطار حملة بعنوان “لا عرض ولا عار” لمناسبة اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة في 25 نوفمبر.
وقالت غيدا عناني من المنظمة التي تطلق سنوياً حملات ضد العنف ضد المرأة، “للأسف لا تزال جرائم الاعتداء الجنسي في لبنان تُربط بموضوع العرض والشرف والعار”.
وشدّدت في بيان على ضرورة أن يتم النظر إلى هذه الجرائم “خارج السياق النمطي المجتمعي والتعامل معها بحزم”.
◘ المرأة في لبنان تعيش ظروفا صعبة على عكس الصورة الخارجية المرسومة عنها، كامرأة متحررة، وهي صورة تعبر فقط عن نسبة محدودة من اللبنانيات
وتظاهر العشرات من النساء، بينهن ناجيات من اعتداءات جنسية، أمام مقر البرلمان في وسط بيروت، مطالبات بـ”تشديد العقوبات على جرائم العنف الجنسي”.
وكتب منظمو الحملة شعارات باللون الأحمر على ثياب وقطع قماش بيضاء علقّوها قرب البرلمان وبينها “أريد قانوناً يأخذ لي حقي ويعاقب المغتصب” و”العدالة للناجيات”.
وأفادت “أبعاد”، وفق دراسة أجرتها، أن ست من أصل عشر نساء يتعرضن لاعتداءات جنسية لا يبلغنّ عنها “جراء العرض والشرف”.
كما أفادت الدراسة أن أكثر من 70 في المئة من النساء اللواتي شملتهن الدراسة اعتبرن أن المجتمع يجد في الاعتداء على المرأة اعتداء “على عرض العائلة أولاً”.
وفي 2017، حقّقت المنظمات الحقوقية انتصاراً بإلغاء البرلمان اللبناني مادة قانونية مثيرة للجدل تعفي المغتصب من العقوبة إذا تزوج بضحيته وذلك بعد حملة مدنية.
ولا تزال منظمات حقوقية تطالب بإلغاء مادتين أخريين، إحداهما تنص على أن “من جامع قاصرا دون الخامسة عشرة من عمره يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة”، وأخرى تعاقب بالسجن فترة قصيرة أو بغرامة من “أغوى فتاة بوعد الزواج ففضّ بكارتها”.
وتقول تقارير مختلفة إن المرأة في لبنان تعيش ظروفا صعبة على عكس الصورة الخارجية المرسومة عنها، كامرأة متحررة، وهي صورة تعبر فقط عن نسبة محدودة من اللبنانيات.
وتشير هذه التقارير إلى أن تعدد مدونات الأسرة، واعتمادها على البعد المذهبي والطائفي، يحول دون حماية النساء من العنف على قاعدة النوع الاجتماعي بصفة عامة ومن ظاهرة الاغتصاب بصفة خاصة، حيث يجد مخارج للتغطية على المتهمين.
وهذه الظواهر زادت حدتها بسبب تواطؤ الطبقة السياسية الحاكمة في البلاد التي من مصلحتها الحفاظ على الوضع الراهن الذي يساعد على تماسك الطوائف والمجموعات العرقية الداعمة لمختلف الأحزاب، والتي تعتبر المحدد الرئيسي لدخول البرلمان.
وليس لبنان سوى واحد من النماذج العربية التي تظهر إلى أيّ مستوى بلغ فيه المسّ من حقوق النساء بالعنف أو الاغتصاب أو التهميش الاجتماعي.
وتظهر مؤشرات هيئة الأمم المتحدة للمرأة أن 37 في المئة من النساء العربيات تعرضن لشكل من أشكال العنف في حياتهن. وهناك مؤشرات على أن النسبة قد تكون أعلى.
فقد تعرضت 133 مليون امرأة على قيد الحياة اليوم لتشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية. وفي مصر 92 في المئة من النساء والفتيات بين 15 و49 عاما تعرضن للختان.
وهناك 700 مليون امرأة على قيد الحياة اليوم تزوجن تحت سن 18 عاما. و14 في المئة من الفتيات العربيات يتزوجن تحت سن 18 عاما.
ويقول خبراء في قضايا المرأة إنه لا توجد في العالم العربي إحصاءات دقيقة يمكن أن تقدم أرقاما واضحة عن العنف ضد النساء، ولأجل ذلك تظل الأرقام المنشورة منقوصة، وإن كانت ترسل إشارات قوية عن انتشار الظاهرة.
العرب