ماذا سيفعل أوبك+ الآن: يتمسك بخفض الإنتاج أم يستجيب للضغوط

ماذا سيفعل أوبك+ الآن: يتمسك بخفض الإنتاج أم يستجيب للضغوط

لندن- يجد التحالف النفطي أوبك+ نفسه في وضع حرج قبل أسبوع على اجتماعه المصيري الذي يفترض أن يتخذ قرار الاستمرار في خفض الإنتاج والتحكم في الأسعار كما تريده دول مؤثرة مثل السعودية، أو إبقاء الوضع ضبابيا ما يوفر لهذا التحالف متسعا من الوقت لاتخاذ القرار حسب التطورات وحجم الضغوط من كارتل كبار المستهلكين.

وما يزيد الوضع تعقيدا أن الاجتماع ينعقد قبل يوم واحد على الحظر الأوروبي المزمع فرضه على النفط الروسي وضمن مساع لتحديد سقف للأسعار يكون ملزما لروسيا، وهو مسار إن تم تطبيقه قد يُحدث أزمة كبيرة في سوق النفط، خاصة إذا تمسكت موسكو بتنفيذ تهديداتها بوقف تزويد أوروبا بالنفط والاكتفاء بإمداداتها لجنوب شرق آسيا.

وهناك تحد آخر يبدو الآن محدودا، لكنه قد يشهد تطورا، ويتعلق بمدى قدرة التحالف على التحكم في رغبة بعض الأعضاء في زيادة الإنتاج، وهو ما عكسته تلميحات وزراء ومسؤولي بعض أعضاء أوبك+ مثل العراق الذي يرى أن حصته الحالية لا تعكس حجم احتياطاته.

وهذا ما يجعل من الصعب التنبؤ بقرار الاجتماع القادم لأوبك+ الذي سيُعقد في الرابع من ديسمبر المقبل، وما إذا كان الأعضاء سيستمرون في خفض الإنتاج بكميات أكبر، خاصة في ظل هبوط الأسعار خلال الأيام القليلة الماضية.

◘ ولي العهد السعودي سيضغط من أجل المزيد من خفض الإنتاج لوضع حد أدنى للسعر قدره 100 دولار

وخسر خام برنت 2.66 دولار، أي بنسبة 3.1 في المئة، ليجري تداوله عند 80.97 دولار للبرميل صباح الاثنين بعدما انخفض في وقت سابق أكثر من 3 في المئة إلى 80.61 دولار، أدنى مستوياته منذ الرابع من يناير الماضي، وذلك بالتزامن مع مخاوف من موجة جديدة لفايروس كورونا في الصين ، وهو ما ضاعف الطلب على الوقود.

ويعتقد أليستر نيوتن، المحلل السياسي والدبلوماسي البريطاني السابق، أن السعودية على وجه الخصوص ستضغط من أجل المزيد من خفض الإنتاج بما يتفق مع ما يُعتقد على نطاق واسع أنه تعليمات صارمة من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لوضع حد أدنى للسعر قدره 100 دولار.

ويستبعد نيوتن في تقرير لموقع “عرب دايجست” أن يتأثر موقف أوبك+ بأي عامل من العوامل والمخاوف السابقة بشكل يدفعه إلى التخلي عن فكرته الرئيسية القائمة على خفض الإنتاج للتحكم في الأسعار.

ويقلل المراقبون من تأثير الحظر النفطي الذي سيفرضه الاتحاد الأوروبي على روسيا، مشيرين إلى أن الأمر سيستغرق بعض الوقت لمعرفة مدى فاعلية هذا الحظر وتأثيره على أسعار النفط الخام بشكل عام. هذا فضلا عن الخلافات داخل الاتحاد الأوروبي بشأن سقف الأسعار المقترح.

وذكرت رويترز في وقت سابق أن زعماء الاتحاد الأوروبي فشلوا في التوصل إلى اتفاق حول تحديد سقف لسعر النفط الروسي لأن اقتراح مجموعة الدول السبع بشأن سقف يتراوح بين 65 و70 دولارا للبرميل يعتبر منخفضا جدّا بالنسبة إلى بعض أعضاء الاتحاد الأوروبي ومرتفعا جدا حسب رأي الآخرين.

ولا تقف خلافات الأوروبيين عند موضوع النفط، فهناك خلافات حادة أيضا في ملف الغاز الروسي وسقف الأسعار، وهو ما يجعل تأثير التحرك الأوروبي بوجهيه عاجزا عن التأثير في وضعية النفط سواء تعلق الأمر بالإمدادات أو الأسعار.

وعند الحديث عن سقف أسعار الغاز قال الاتحاد الأوروبي لتجار الطاقة هذا الأسبوع “حتى التدخل القصير ستكون له عواقب وخيمة وغير مقصودة ولا رجعة فيها من ناحية الإضرار بثقة السوق بأن قيمة الغاز معروفة وشفافة”.

وهناك من يرى أن الولايات المتحدة تستطيع أن تخترق وحدة قرار أوبك+ من بوابة السعودية، خاصة بعد الإعلان عن منح الحصانة لولي العهد، وهي خطوة هدفها بالأساس كسب ثقته وتهدئة مخاوفه، وقد صار ماسكا بمختلف الملفات. لكن لم تُبْد السعودية والأمير محمد بن سلمان شخصيّا أيّ اهتمام بهذه الحصانة، لاسيما في ظل استمرار الحملات على السعودية في وسائل الإعلام الأميركية وبمشاركة دوائر أميركية مؤثرة.

وما يجعل ولي العهد السعودي متمسكا بقرار خفض الإنتاج والتحكم في الأسعار عند مستوى 100 دولار هو أن الأمر يخدم خططه الإصلاحية ويمول المشاريع العملاقة التي أعلن عنها لتحضير المملكة لمرحلة ما بعد النفط، وأي تنازل يمكن أن يقدمه للولايات المتحدة ولكارتل المستهلكين سيعني أنه يوجه ضربة لتلك المشاريع والخطط الكبرى.

وليس هناك أي سبب يجعل الأمير محمد بن سلمان يرغب في المخاطرة بعلاقته التي وُضعت بعناية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في هذا الوقت، خاصة أن السكوت على استهداف روسيا قد يفسح المجال لاستهداف تحالف أوبك+ نفسه استهدافًا أشدّ.

وسيكون من المهم أن تتواصل السعودية مع بقية الأعضاء للتوصل إلى خطة لأوبك+ تكون قادرة على الصمود في وجه تطورات الأحداث، وخاصة أن لا شيء يمنع أن يكون استهداف روسيا مقدمة لاستهداف السعودية ثم التحالف النفطي ككل.

ولا شيء يمنع واشنطن وحلفاءها الأوروبيين من تعميم قرار تحديد سقف لأسعار النفط أو الغاز في المستقبل إذا نجحت خططهم التي تستهدف روسيا، وحينها لن يقدر أوبك+ على مواجهة هذه الخطط.

وكانت الخزانة الأميركية قد سعت لطمأنة أعضاء أوبك+ بأن الخطوات التي تتخذها مجموعة الدول السبع لتحديد حد أقصى لسعر النفط الروسي “لن تتكرر مع منتجي مجموعة أوبك”، وأن “الولايات المتحدة تواصلت مع ممثلين لمنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) لطمأنتهم بأنه لن يتم فرض تلك القيود عليهم”.

العرب