إقبال محدود على الانتخابات: الوضع المعيشي يسيطر على اهتمام التونسيين

إقبال محدود على الانتخابات: الوضع المعيشي يسيطر على اهتمام التونسيين

تونس- لم تشهد الانتخابات التشريعية التي جرت السبت الإقبال الذي كانت السلطات التونسية تراهن عليه لاختيار برلمان جديد، حيث بلغت إلى حدود السادسة مساء 8،8 في المئة وهو رقم ضعيف.

وأعلن رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس فاروق بوعسكر أن نسبة الإقبال الأولية في الانتخابات البرلمانية بلغت 8.8 في المئة فقط، وأن نحو 803 آلاف شخص أدلوا بأصواتهم وفقا للأرقام الأولية الرسمية.

ويأتي هذا في وقت يؤكد فيه مراقبون محليون أن تراجع نسبة المشاركة قياسا بمحطات انتخابية سابقة، مثل الاستفتاء على الدستور الذي جرى في يوليو الماضي، لا علاقة له بدعوات المقاطعة التي وجهتها المعارضة الرئيسية في البلاد، معتبرين أن العزوف سببه تفكير الناس في الوضع المعيشي الصعب الذي تمر به تونس وفشل الطبقة السياسية في التعاطي معه منذ ثورة 2011.

وتعود محدودية الإقبال أيضا إلى ضعف الحملات الانتخابية التي جاءت في ظرف زمني كان الناس مهتمين فيه بشكل بالغ بلقاءات الكرة التي تعرضها الشاشات من مونديال قطر، مع مشاركة منتخب تونس، وكذلك نجاحات المنتخب المغربي، وهو اهتمام استمر إلى حد يوم الاقتراع.

وحافظ المترشحون للانتخابات على الأسلوب التقليدي في إدارة الحملات الانتخابية، من خلال الظهور في التلفزيون الرسمي لدقائق معدودة، مع تحركات محدودة في الشارع خاصة أن هؤلاء المترشحين يعتمدون على إمكانياتهم الذاتية، وليس كما كان يحصل في السابق من خلال الحضور الكبير للمال السياسي بمشاركة الأحزاب التي تقدر على التحشيد والوصول إلى الناس أكثر من المبادرات الشخصية المحدودة.

وبدت الحملة الانتخابية التي استمرت ثلاثة أسابيع باهتة، كان ظهور المترشحين خلالها محدودا ومن دون أن يطغى عليها أيّ طابع تنافسي، بينما غاب عنها السجال الانتخابي في وسائل الإعلام.

ويقول أستاذ العلوم السياسية حمزة المؤدب إن “هذا التصويت إجراء شكلي لاستكمال النظام السياسي الذي فرضه قيس سعيّد بتركيز السلطات بين يديه”.

ويضيف أن “التونسيين يعلمون أن البرلمان لن يكون له وزن سياسي وسيتم تجريده من كل السلطات”، وإنه “لا يوجد جو انتخابي (…) إنه ليس بحدث”.

◙ محدودية الإقبال تعود إلى ضعف الحملات الانتخابية وتزامنها مع مونديال قطر، فضلا عن عزوف شعبي عن السياسة

ولم تكن المشاركة المحدودة أمرا مفاجئا، فقد سبق أن توقعها مراقبون ونشطاء على مواقع التواصل، ما دفع الرئيس قيس سعيد خلال إدلائه بصوته في الانتخابات بأحد مراكز الاقتراع في العاصمة تونس، إلى دعوة المواطنين للمشاركة بالانتخابات التشريعية المبكرة، لاختيار أعضاء مجلس النواب.

وخاطب قيس سعيد المواطنين قائلا “هذه فرصتكم التاريخية فلا تفوّتوها حتى تستردوا حقوقكم المشروعة في العدل والحرية”.

وأضاف “لتكونوا على موعد مع التاريخ، لنصنع معا تاريخا جديدا، توكلوا على الله واعملوا لأجل أن نقطع الطريق على من نهبوا البلاد ونصّبوا أنفسهم أوصياء بطريقة اقتراع بائدة”.

وتابع “تم تحديد موعد بدء الانتخابات التشريعية رغم العقبات، ورغم هجوم من وصفهم بـ’مرتدي الأقنعة’،” مؤكدا أنهم “خارج مسار التصحيح”.

وحذر النواب الجدد قائلا “ليتذكر هؤلاء أنهم سيبقون تحت رقابة ناخبيهم إن لم يعملوا صادقين من أجل تحقيق ما وعدوا به ناخبيهم”.

وشدد على أنه “بالإمكان سحب الوكالة منهم (النواب) كما ينص على ذلك القانون الانتخابي”.

وقالت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إنه بحلول الثالثة عصرا (14:00 بتوقيت جرينتش) أدلى نحو 7.2 في المئة ممن يحق لهم التصويت بأصواتهم.

وقال رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، في مؤتمر صحفي بالعاصمة تونس، إن “656 ألفا و915 ناخبا، شاركوا في الاقتراع” لحدود الساعة الثالثة.

وفي تصريحات سابقة قال بوعسكر إن “9 ملايين و163 ألفا و502 ناخب مسجّل في السجل الانتخابي”.

وكان استفتاء في يوليو الماضي قد شهد تصويت 13.6 في المئة من الناخبين بحلول الساعة الثالثة والنصف بعد الظهر، قبل أن تصل نسبة المشاركة النهائية إلى 30 في المئة تقريبا فقط.

وأفاد نائب رئيس الهيئة وليد الجديدي بأن الإعلان عن النتائج الأولية سيكون بعد 48 ساعة من انتهاء العملية الانتخابية.

وترشح للانتخابات 1055 شخصًا غالبيتهم غير معروفين، وتمثل نسبة النساء أقل من 12 في المئة.

وذكر “المرصد التونسي للانتقال الديمقراطي”، أن نصف المرشحين أساتذة (نحو 26 في المئة) وموظفون حكوميون بمستوى متوسط (نحو 22 في المئة).

ويظل الشغل الشاغل لـ12 مليون تونسي، بمن فيهم تسعة ملايين ناخب مسجل، ارتفاع تكاليف المعيشة مع تضخم من نحو 10 في المئة واستمرار الفقدان المتكرر لبعض المواد الغذائية على غرار الحليب والسكر.

العرب