بيروت – تتواصل أزمة الشغور الرئاسي في لبنان وسط سجالات واتهامات متبادلة بين القوى السياسية بينما لا يبدو في الأفق نهاية قريبة لهذه الأزمة التي تطيل حالة الجمود السياسي وتعطل إصلاحات اقتصادية تشترطها الجهات المانحة للإفراج عن هبات وقروض بمليارات الدولارات، فيما حذّر حزب الله من دعوات تنادي بتدويل أزمة الشغور.
وتقول الجماعة الشيعية المدعومة من إيران في العلن إنها مع الحوار بين الكتل النيابية حول شخصية توافقية لإنهاء الشغور الرئاسي، معتبرة أن الدفع لتأويل الأزمة يفتح الباب للتدخلات الخارجية ويزيد الوضع تعقيدا.
لكن خصومها السياسيون يتهمونها بأنها هي من يعرقل المسار التفاوضي من خلال اشتراطات ومواصفات معينة للشخصية المرشحة لتولي المنصب وهي مواصفات تخدم أجندة حزب الله.
وقد يسار في النهاية إلى مرشح التسوية لإنهاء الشغور الرئاسي وذلك باجراء تعديلات تسمح لقائد الجيش بالترشح للرئاسة وهو سيناريو لجأت له القوى السياسية في أزمة سابقة حين اختارت العماد ميشال سليمان لتولي المنصب كشخصية توافقية في العام 2008 بعد نحو عامين من الشغور الرئاسي بسبب الخلافات السياسية بين المعارضة والمولاة في تلك الفترة.
ورأى قيادي بارز في حزب الله أن الدفع لتدويل أزمة الشغور الرئاسي سيزيد الوضع تعقيدا والوضع تدهورا، متهما “من يدعو لتدويل الاستحقاق الرئاسي بأنه سبب الانسداد السياسي وتدهور الأوضاع المعيشية”
وقال نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله علي دعموش “إن المدخل الطبيعي للاستقرار الداخلي ومعالجة المشاكل والأوضاع المعيشية هو الإسراع في إنجاز الاستحقاق الرئاسي وتشكيل حكومة كاملة الصلاحيات قادرة على اتخاذ القرارات وإيجاد الحلول المطلوبة للأزمات بعيدا من الشروط والاملاءات الأميركية”.
وتابع وفق ما نقلت عنه الوكالة الوطنية للإعلام “إن حزب الله دعا منذ البداية للتوافق الداخلي في الملف الرئاسي، لأن التوافق هو الحل الأسرع لانجاز هذا الاستحقاق والخروج من حال الانسداد السياسي”، مضيفا أن “السبب في الانسداد السياسي والتدهور الجديد في الأوضاع المعيشية ليس من يدعو إلى الحوار والتفاهم بين اللبنانيين، بل من يرفض الحوار ويدعو إلى تدويل الاستحقاق الرئاسي ويراهن على التدخل الخارجي ويصر على طروحات وترشيحات وخطابات تصعيدية واستفزازية تزيد من التوتر والانقسام في البلد”.
وردد دعموش التصريحات ذاتها التي يرددها الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، محملا الولايات المتحدة المسؤولية عن تردي الوضع اللبناني وكل من يعمل من المسؤولين والسياسيين على استرضاء الأميركي.
وقال “الطريق الوحيد للحل في ظل التوازنات السياسية القائمة هو الحوار والتفاهم الداخلي، أما التدويل والتدخل الخارجي فلن يحل المشكلة، بل سيؤدي إلى تعقيد الأمور وزيادة الانقسامات وتعميق الأزمات”.
وأضاف “لبنان يعيش أسوأ أزمة اقتصادية ومعيشية في تاريخه ويواجه أوضاعا صعبة في الغذاء والدواء والصحة والتعليم والكهرباء والنفايات وغيرها”، معتبرا أن “من يتحمل مسؤولية هذه الأوضاع والمآسي ومعاناة اللبنانيين بالدرجة الأولى هو الأميركي ومن يعمل على استرضاء أميركا من المسؤولين والسياسيين الذين عطلوا الحلول وأقفلوا الأبواب أمام المساعدات وأغرقوا لبنان بالأزمات وأوصلوا اللبنانيين إلى مرحلة الفقر والجوع والبطالة واليأس والهجرة”.
واتهم الولايات المتحدة بـ”ممارسة الضغط على لبنان كي لا يكون قويا، بل ضعيفا وخاضعا للشروط الأميركية والإسرائيلية”، مضيفا أن “المؤسف هو أن بعض اللبنانيين المرعوبين من العقوبات ومن غضب الأميركي لا يجرؤون على قول الحقيقة للبنانيين بأن سياسات الإدارة الأميركية في لبنان هي السبب الرئيسي في مآسيهم وتدهور أوضاعهم المعيشية وانهيار عملتهم الوطنية وتعميق الأزمات التي يعانون منها”.
وفي المقابل تتهم قوى سياسية لبنانية حزب الله بتعطيل إنهاء أزمة الشغور الرئاسي وبأنه هو من يقف وراء تمديد أزمة الشغور.
كما يواجه الحزب الشيعي الذي يمتلك نفوذا سياسيا وعسكريا قويا، اتهامات بمحاولة ارتهان لبنان للأجندة الإيرانية وبأنه يعمل على توسيع المنافذ للتغلغل الإيراني في لبنان والمنطقة.
وتقول مصادر لبنانية وغربية إن لبنان بات عالقا في صراع إقليمي وحرب بالوكالة يخوضها حزب الله على أكثر من جبهة وهي ما تسبب في عزوف دولي وعربي عن مساعدة البلاد للخروج من أزمتها.
العرب