حسابات سياسية ومخاوف أمنية تؤخران حسم معركة الرمادي

حسابات سياسية ومخاوف أمنية تؤخران حسم معركة الرمادي

_67429_az3

انطلقت منذ حوالي شهرين عملية استعادة مدينة الرمادي، عاصمة الأنبار، بمشاركة الآلاف من القوات الأمنية العراقية وطيران التحالف الدولي؛ لكن، لا تبدو علامات التفاؤل على محيّا أهالي المدينة الذين يشعرون بخيبة أمل بسبب طول المعركة، ويقولون إن هناك حسابات سياسية تؤخر استعادة مدينتهم.

ولم تعد تقنعهم كثيرا التقارير والتصريحات الرسمية التي تتحدّث عن تقدم القوات العراقية أو عن مقتل عناصر من تنظيم الدولة الإسلامية الذي مازال يحكم قبضته عليهم. وصدرت أحدث التصريحات أمس السبت، عن مصادر أمنية عراقية، أفادت أن قوّاتها نفّذت عملية عسكرية ضد تجمعات وعناصر تنظيم داعش في قضاء الكرمة شمال شرقي الفلوجة، أسفرت عن مقتل عشرة عناصر من تنظيم الدولة الإسلامية وإصابة خمسة آخرين.

من جهته، قال الجيش الأميركي إن الولايات المتحدة وحلفاءها نفذوا 20 غارة ضد تنظيم الدولة الإسلامية منها 17 في العراق وثلاث في سوريا يوم الجمعة الماضي. وأضاف أن سبعا من الضربات في العراق أصابت اثنين من الوحدات التكتيكية للدولة الإسلامية ومباني وموقعا قتاليا قرب الرمادي.

وينقل موقع “نقاش”، المعني برصد الداخل العراقي، عن قاسم العيثاوي وهو أحد مقاتلي عشائر الأنبار تذمّره من تأخر حسم المعركة، حيث يقول “الطائرات الأميركية هي التي تستطيع حسم المعركة كما فعلت في سنجار، ولا نفهم لماذا تتأخر في استعادة مدينتنا”.

واستعادت قوات كردية، في الفترة الأخيرة، مدينة سنجار، في شمال غرب العراق، لتقطع خط إمداد مهم بين الموصل ومدينة الرقة العاصمة الفعلية للدولة الإسلامية في سوريا.

ويشعر مقاتلو العشائر، الذين أعطى لهم الجيش مهام قتالية محدودة، بخيبة أمل بعدما تلقوا خبر استعادة قضاء سنجار غرب الموصل خلال يومين فقط، بينما ما زالت مدينتهم تحت سيطرة داعش على الرغم من مرور شهرين على انطلاق معركة الرمادي.

ومن الأسباب التي أخّرت حسم معركة الرمادي بين القوات العراقية وتنظيم داعش هو الخوف من غياب القانون ومن سيحكم المدينة ومن سيدير الأمن فيها، ومن سيضمن بأن لا تحدث فيها عمليات انتقامية وفوضى كما حصل في عدد من المدن التي تمت استعادتها من تنظيم داعش مثل تكريت وبيجي وشمال بابل وديالى.

من الأسباب التي تؤخر حسم معركة الرمادي بين القوات العراقية وتنظيم داعش الخوف من غياب القانون وحدوث عمليات انتقامية وفوضى

وعلى بعد 70 كيلومترا من الرمادي تتربّص قوات كبيرة من الفصائل الشيعية في منطقة الكرمة غرب الرمادي، تتابع الأمر وتنتظر التدخّل رغم أن القوات الأميركية نجحت في إبعادهم عن معركة الرمادي؛ حيث تخشى الولايات المتحدة والسكان المحليون من دخول الفصائل الشيعية إلى الرمادي بعد استعادتها مستغلة الفراغ الأمني كما حصل في تكريت وبيجي في صلاح الدين، وفي ديالى أيضا، حيث تسيطر الفصائل الشيعية على الملف الأمني بسبب ضعف الشرطة المحلية.

وتفرض قوات عراقية طوقا أمنيا حول مدينة الرمادي، مركز محافظة الأنبار، التي تتمركز فيها داعش من جميع الاتجاهات. ونقل “نقاش” عن مستشار عسكري أميركي، تأكيده للمخاوف الأميركية، بخصوص مستقبل الأنبار حيث قال “نعم لدينا بعض المخاوف لأن عشائرها منقسمة والسياسيون هناك يتبادلون الاتهامات”.

وأضاف موضّحا أسباب هذا القلق، أن “الشرطة المحلية في الرمادي تفككت بعد سقوط المدينة وعلى الحكومة بناء قوات شرطة جديدة لحمايتها ونحن نساعد على ذلك، وهناك قوات شرطة جديدة يتم تدريبها وتسليحها والجيش يحقق انتصارات في الرمادي، ولكن هناك فصائل شيعية قريبة والسكان يخافون من دخولها إلى مدينتهم بعد استعادتها”.

تشكّل العشائر الغالبية العظمى من سكان الأنبار وتضم العشرات من القبائل والعشائر وجميعها سنية ولكن الصراعات التي تشهدها المدينة اليوم قسمتهم إلى ثلاث فرق، الأولى مع الحكومة والثانية قررت التزام الحياد بين الحكومة وداعش خوفا من التنظيم المتشدد الذي يسيطر على مناطقهم، وهناك عشائر أخرى أعلنت تأييدها لداعش بشكل سري.

أثبتت المعارك التي خاضتها الحكومة العراقية ضد الدولة الإسلامية منذ عام ونصف أن طرد التنظيم المتشدد من المدن التي استولى عليها هدف مهم ويحتاج إلى جهود كبيرة، ولكن إعادة الحياة الطبيعية والقانون إلى هذه المدن مهمة أصعب ولا تمتلك الحكومة قدرة على تحقيق ذلك، كما أن الولايات المتحدة التي بقيت متفرجة على الفوضى الحاصلة في صلاح الدين، لن تسمح بتكرارها في الأنبار.

صحيفة العرب اللندنية