تقترب بغداد وأربيل من التوصل إلى اتفاق سياسي لتشريع قانون النفط والغاز بعد تأجيلات مستمرة منذ 2005، وبعد إقرار القانون خطوة في التفاهمات السياسية بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان العراق، إذ أعلن الحزب الديمقراطي الكردستاني عن اتفاق على تشريع قانون النفط والغاز، مشيراً إلى أن القانون سيحل إحدى أبرز المشكلات العالقة بين بغداد وأربيل.
ويعتقد مراقبون أن القانون سيكون حلاً جذرياً للخلاف حول الثروة النفطية بين بغداد وأربيل، بل وينظم جميع ملفات الطاقة في عموم العراق.
حتمية الحوار
قال النائب عن الحزب ماجد شنكالي في تصريح صحافي، إن “كلا الحزبين الكرديين لديهما مصالحهما، والخلاف بينهما مسألة طبيعية جداً بشرط ألا تؤثر الخلافات في مصالح إقليم كردستان”.
وأضاف أن “الطريق الأمثل هو الجلوس والحوار والتوصل إلى صيغة تفاهم بين الحزبين والتوجه إلى بغداد موحدين في شأن حسم النقاط الخلافية، بخاصة حصة الإقليم من الموازنة”، مشيراً إلى أن “الجميع متفق على قانون النفط والغاز وسيشرع خلال الفترة المقبلة”.
وذكر أن “هذا القانون سيحل إحدى أهم المشكلات العالقة بين بغداد وأربيل وهي عائدات النفط”، موضحاً أن “الحزبين الكرديين متفاهمان حول آلية تمرير الموازنة”.
ولفت شنكالي إلى أن “هناك توجهاً لتعديل الكابينة الوزارية لحكومة إقليم كردستان”، لافتاً إلى أنه “ستبدل أسماء الكابينة الوزارية بعد تفاهم الحزبين الكرديين الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني”.
إلى ذلك، قال النائب عن “تحالف الفتح” رفيق الصالحي في تصريح صحافي إن “الاتفاق المبرم داخل ائتلاف إدارة الدولة ينص على تشريع عديد من القوانين الخلافية، وأهمها تشريع قانون النفط والغاز الذي تأخر لأكثر من دورة نيابية، وسيرى النور لأهميته للبلاد ووضعها الاقتصادي، حيث إن تشريع هذا القانون سيحل جميع المشكلات بين بغداد وأربيل حول ملف النفط”، مؤكداً أن “الفصل التشريعي المقبل سيشهد عرض القانون للقراءة الأولى على أن يتم إقراره خلال الدورة النيابية الحالية”.
تناحر سياسي
بدوره، اعتبر الباحث السياسي صالح لفتة أن قانون النفط ينتظر المناقشة منذ 2005، مؤكداً حاجة العراق إلى قانون يكفل التوزيع العادل للثروات وتقليل الخلافات بين المركز والإقليم والمحافظات المنتجة، خصوصاً في الأوضاع الدولية التي شهدت ارتفاع أسعار النفط عالمياً، بالتالي فإن العراق بحاجة إلى واردات إضافية من وراء إقراره.
وأكمل لفتة “حتى حكم المحكمة الاتحادية بعدم دستورية قانون النفط والغاز لإقليم كردستان ومخالفة العقود التي أبرمتها حكومة الإقليم مع بعض الشركات النفطية العالمية للاستثمار في الحقول الموجودة في شمال العراق لم يقرب وجهات النظر بين المركز والإقليم، حيث لا تزال الخلافات الرئيسة بين بغداد وإقليم كردستان غير محسومة على رغم الدعوات الكثيرة عبر الأمم المتحدة والولايات المتحدة للسعي إلى تقليص وحل الخلافات النفطية”.
ويضيف الباحث “صياغة بنود قانون النفط والغاز ليست صعبة، لكن التناحر السياسي الشديد هو من يعيق الاتفاق”، مشيراً إلى أن “حل الخلافات لا يتم بالتصريحات المتفائلة أو المتشنجة أو التهديد من قبل أي طرف والتنظير بمدى حاجة العراق للقانون، بل بالجلوس إلى طاولة المفاوضات وحل النقاط التي تؤخر إقرار القانون وتقديم التنازلات من قبل كل طرف من أجل مصلحة العراق.
ويلفت إلى أن “الثروات الطبيعية من نفط وغاز هي ملك لجميع العراقيين، وأي استغلال أو عقد أو اتفاق يجب أن يخضع لقوانين الحكومة الاتحادية في كل شبر من العراق، والحكومة الاتحادية هي من تتولى مسؤولية إدارة الثروات الطبيعية، وهي صاحبة الحق القانوني والدستوري في إبرام العقود النفطية مع أية جهة، ووضع الواردات ضمن خزينة الدولة الاتحادية، وإلا شجعت تلك الإجراءات الفردية التي يقوم بها إقليم كردستان مناطق أخرى على المطالبة باستثمار ثرواتها بنفسها بمعزل عن المركز، وكما هو معلوم فليست كل محافظات العراق غنية بالنفط والغاز”.
حل جذري
في المقابل، يكشف أستاذ الاقتصاد الدولي نوار السعدي أن “قانون النفط والغاز يعد من أبرز القوانين التي من شأنها حلحلة الأزمة بين بغداد وأربيل، لا سيما بعد التحركات الأخيرة التي سبقت وأعقبت تشكيل حكومة محمد شياع السوداني وإجراء زيارات متبادلة بين الجانبين.
وأضاف “في ظل انفتاح سياسي ملموس، وتعاون لحسم الملفات العالقة بين بغداد وأربيل، حصلت تفاهمات مشتركة تطوي مرحلة طويلة من الخلافات، وشهدت الساحة العراقية في الآونة الأخيرة تحركات سياسية بين الإقليم والحكومة الاتحادية من أجل حسم ملف قانون النفط والغاز، الذي يعد من أبرز القوانين التي من شأنها الإسهام في حل كثير من المشكلات المتعلقة بقطاع الطاقة بين أربيل وبغداد”.
وأوضح “ينص قانون النفط والغاز في العراق الذي ينتظر التشريع في البرلمان منذ عام 2005 على أن مسؤولية إدارة الحقول النفطية في البلاد يجب أن تكون مناطة بشركة وطنية للنفط، ويشرف عليها مجلس اتحادي متخصص بهذا الموضوع”.
لكن منذ عام 2003، تختلف بغداد وأربيل عاصمة إقليم كردستان العراق على موضوع إدارة حقول الإقليم النفطية، حيث تقول بغداد إن الإقليم لا يصرح بمبالغ تصدير النفط الحقيقية، ولا يسلم تلك المبالغ إليها، بينما تقول كردستان إن الصادرات من الحقول النفطية في أراضيها يجب أن تخضع لإدارتها، سواء من ناحية منح التراخيص للاستكشافات الجديدة، أو إدارة الحقول الموجودة أصلاً، أو التحكم في الإنتاج والتصدير للوجهات التي تختارها، أو التعاقد على الشراء والتطوير، بحسب السعدي.
وذكر أنه وفقاً للجنة النفط والغاز في البرلمان العراقي، فإن هناك بعض المقترحات، منها تأسيس شركة نفط في إقليم كردستان ترتبط بشكل مباشر بوزارة النفط الاتحادية في كل عملياتها الاستخراجية والإنتاجية، كما تتضمن المقترحات أيضاً إنشاء شركة أخرى معنية باستثمار الغاز، وثالثة لاستثمار المصافي الحكومية.
ويعتقد السعدي أن “القانون سيكون حلاً جذرياً للخلاف حول الثروة النفطية بين بغداد وأربيل، بل وينظم جميع ملفات الطاقة في عموم العراق، لكن على لجنة النفط والغاز أن تعمل مع اللجنة القانونية، إضافة إلى اللجنة العليا المشكلة بين حكومتي المركز والإقليم وشركة (سومو) على إتمام الصيغة الملائمة لوضع الحلول لجميع النقاط الخلافية في الملف”.
اندبندت عربي