ما هي الأسباب التي تدفع أردوغان نحو تقديم موعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية “الحاسمة”؟

ما هي الأسباب التي تدفع أردوغان نحو تقديم موعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية “الحاسمة”؟

بحسب التقويم الرسمي فإن الثامن عشر من يونيو/حزيران المقبل هو الموعد المقرر لإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية في تركيا والتي توصف بأنها انتخابات “تاريخية وحاسمة” حيث يسعى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لضمان 5 سنوات إضافية لحكمه المستمر منذ نحو 20 عاماً، في حين ترى فيها المعارضة التركية “فرصة تاريخية” لإنهاء حكم أردوغان وحزب العدالة والتنمية.

وعلى الرغم من أن الموعد الرسمي للانتخابات لم يتبق عليه سوى قرابة 5 أشهر فقط، إلا أن كافة التكهنات والترجيحات تشير إلى أن أردوغان يتجه نحو تقديم موعد الانتخابات ولو لأسابيع قليلة وذلك لأسباب مختلفة منها السياسي والاقتصادي والحزبي، وهي خطوة في حال إقرارها يتوقع أن يتم الإعلان عنه خلال الأيام المقبلة على أبعد تقدير.

ويحتاج البرلمان التركي قانونياً إلى قرابة 60 يوماً لإتمام الإجراءات القانونية للإعلان عن موعد جديد للانتخابات وهي نفس المدة تقريباً التي تحتاجها اللجنة العليا للانتخابات لإتمام الإجراءات الفنية، وفي حين يجري الحديث عن أن شهر أبريل/نيسان المقبل هو التاريخ المحتمل للانتخابات المبكرة، فإن الشهر الجاري سيكون حاسماً نحو الإعلان عن تقديم الانتخابات أو ابقائها بموعدها المقرر.

وقبل أسابيع، كشف مصدر تركي لـ”القدس العربي” عن أن حزب العدالة والتنمية الحاكم بالتنسيق مع حليفه حزب الحركة القومية يخططان لتقديم موعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وأوضح المصدر المقرب من حزب العدالة والتنمية والذي رفض الكشف عن اسمه أن الحزب يقوم بكافة الاستعدادات والخطط اللازمة من أجل احتمال إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية بشكل مبكر، لافتاً إلى أن الاستعدادات لا تتعلق بتاريخ محدد وإنما باحتمال قوي حول إمكانية إجرائها بشكل مبكر، متوقعاً إجراءها في أبريل/نيسان.

وفي أحدث مؤشر على ذلك، تحدث عمر جليك المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم عن إمكانية إجراء “تعديل طفيف” على موعد الانتخابات، وقال جليك في مؤتمر صحفي رداً على سؤال في هذا الخصوص: “نريد إجراء الانتخابات في 18 يونيو.. لكن بما أن هذا الموعد يتزامن مع موسم العطلة الصيفية حيث يسافر الناس فإننا نبحث تقديم الموعد قليلا”، وأضاف: “تغيير الموعد لن يصل إلى حد الانتخابات المبكرة… لم يتخذ المجلس الأعلى للحزب قرارا نهائيا بعد. إننا نبحث الأمر”.

وفي مؤشر آخر، التقى أردوغان قبل أيام مع زعيم حزب الحركة القومية دولت بهتشيلي حليفه بالحكم، وعقب ذلك قالت وسائل إعلام تركية إن أردوغان وبهتشيلي اتفقا خلال اللقاء على تقديم موعد الانتخابات، وذهب موقع “دي دبليو” الاخباري في تركيا للقول إن الموعد الذي جرى الاتفاق عليه لإجراء الانتخابات هو 30 أبريل/نيسان المقبل.

وكانت التكهنات تشير إلى إمكانية إجراء الانتخابات بشكل مبكر أكثر من التكهنات الحالية، إلا أن رغبة أردوغان في إجراء الانتخابات وفق القانون الجديد المعدل يفرض إجراءها عقب السادس من أبريل/نيسان المقبل وهو تاريخ مرور عام على تعديل قانون الانتخابات حيث يشترط مرور عام كامل على القانون لكي يصبح حيز التنفيذ.

ويمكن لحزب العدالة والتنمية أن يطلب تقديم موعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة من خلاله بشكل مباشر أو من خلال حليفه حزب الحركة القومية، وهو ما يجري في إطار قانوني من خلال البرلمان الذي يطلب التصويت على المقترح بأغلبية كافية يمتلكها أحزاب “تحالف الجمهور” الذي يضم بشكل أساسي العدالة والتنمية والحركة القومية، وهو ما يجعل تحديد تاريخ الانتخابات متاحاً بيد الحزب.

وعلى الرغم من أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحليفه زعيم حزب الحركة القومية دولت بهتشيلي وكبار المسؤولين بالحكومة والحزب الحاكم يؤكدون مراراً وبشكل قطعي أن الانتخابات ستجري في موعدها المقرر، إلا أن مراقبين يجمعون على أن ذلك جزء طبيعي من اللعبة السياسية بشكل عام والحياة السياسية التركية بشكل خاص، وأن ذلك لا يمنع على الإطلاق تقديم مبررات لتقديم موعد الانتخابات كما جرى في الانتخابات السابقة.

وتشير التطورات إلى أن العدالة والتنمية يضع في حساباته إمكانية إجراء الانتخابات بشكل مبكر ويقوم بكافة الاستعدادات اللازمة لذلك، إلا أن التقدير النهائي سيكون بناء على قياس ارتدادات التطورات السياسية والاقتصادية والأمنية التي تمر بها البلاد ونتائج استطلاعات الرأي التي تجريها مراكز متخصصة تابعة للحزب على نطاق واسع، وبناء على تقدير كافة المعطيات السابقة سيحدد الحزب التاريخ الذي يرى أنه أنسب لإجراء الانتخابات.

وتدخل في هذه الحسابات الكثير من المعطيات المتعلقة بدرجة أساسية بانعكاس الإجراءات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة في الأسابيع الأخيرة من قبيل زيادة الحد الأدنى للأجور ورواتب موظفي الدولة وتسهيلات القروض والسكن للأشخاص والشركات وغيرها من الإجراءات الاقتصادية وقياس مدى أثرها في تعزيز رضى الناخبين عن السياسات والأوضاع الاقتصادية بشكل عام، وهو عامل حاسم في تحديد توجهات الناخبين وبالتالي تحديد “الموعد الأنسب” لإجراء الانتخابات.

كما أن أوساطا في داخل الحزب الحاكم ترى في تقديم موعد الانتخابات ولو لشهر واحد سيكون ضرورياً من أجل تجنب انعكاسات سلبية لتنقلات الناخبين بين دوائرهم الانتخابية سواء بين محافظات داخل البلاد أو بين داخل وخارج البلاد وذلك لتصادف موعد الانتخابات المقرر حالياً مع قرب الإجازة الصيفية وتنقلات المواطنين من المدن الكبرى إلى مدنهم الأصلية ومن داخل تركيا وخارجها والعكس، حيث يعيش ملايين الأتراك في أوروبا وتلعب أصواتهم دورا مهماً في الانتخابات المقبلة التي يقول مراقبون إن “كل صوت فيها سيكون مهماً وربما فارقاً أيضاً”.

كما تبرز أهمية التقديم في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية في حال إجرائها، حيث يتوقع أن لا يتم حسم الانتخابات الرئاسية من الجولة الأولى وبالتالي الذهاب نحو جولة ثانية ستكون -على الموعد الرسمي للانتخابات- في وسط العطلة الصيفية وهو ما يعني إرباكا كبيرا في حساب أصوات الناخبين، وهو ما قد ينعكس سلباً على حظوظ المرشحين.

يضاف إلى ذلك، فإن تقديم موعد الانتخابات يمكن أن يربك حسابات المعارضة التركية التي لم تعلن بعد استراتيجيتها لخوض الانتخابات المقبلة ولم تحدد مرشحها للانتخابات الرئاسية، ولا يعرف حتى الآن ما إن كانت ستخوض الانتخابات بمرشح واحد توافقي للانتخابات الرئاسية أم أنها ستفشل في ذلك وستتجه لخوض الانتخابات الرئاسية بأكثر من مرشح والتوحد خلف المرشح الذي سيحصل على أعلى نسبة من الأصوات.

في المقابل، فإن “تحالف الجمهور” الذي يضم بشكل أساسي العدالة والتنمية والحركة القومية أعلن مبكراً عن توافقه على خوض أردوغان الانتخابات الرئاسية المقبلة إلى جانب التوافق حول آلية خوض الانتخابات البرلمانية، وهو ما يجعل أي تقديم لموعد الانتخابات يصب في مصلحة تحالف الجمهور المستعد للانتخابات على عكس “تحالف الأمة” المعارض الذي لم يتوافق بعد على المرشح الرئاسي بالحد الأدنى.

القدس العربي