توقع محافظ البنك المركزي التونسي مروان العباسي أن ترتفع نسبة التضخم في مستوى قياسي جديد إلى 11% خلال سنة 2023، مؤكدا أن أغلب المؤشرات الاقتصادية سلبية تفرض إصلاحات ضرورية. فما الأسباب التي أدت إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية؟ وهل من وجاهة لربطها بانسداد الأفق السياسي في البلاد؟
وتمضي الأزمة الاقتصادية نحو التفاقم أكثر، منذرة التونسيين بعام أقسى سيثقل أوضاعهم المعيشية واقتصاد بلادهم بنسبة قياسية أعلى من التضخم. ذاك ما أكده محافظ البنك المركزي التونسي مشددا على أن الأوضاع الاقتصادية في البلاد ستكون صعبة إذا لم يتم الاتفاق مع صندوق النقد الدولي.
أزمة مركبة
وبالعودة إلى جذور الأزمة، أرجع الكاتب والمحلل السياسي محمد ذويب أسباب الأزمة التي تعيش فيها تونس -في حديثه لبرنامج “ما وراء الخبر”- إلى مخلفات “العشرية السوداء” التي كانت ثقيلة على التونسيين، إضافة إلى آثار الأزمة العالمية ومخلفات فيروس كورونا وكذا حرب روسيا على أوكرانيا، ثم تعاطي حكومة نجلاء بودن الذي لم يرتق -كما قال الضيف- إلى مستوى تطلعات التونسيين، خاصة في المسائل الاقتصادية التي فشلت في حلها.
واعتبر أن الأزمة سياسية أيضا وليست اقتصادية واجتماعية فقط، مشددا على أن الأحزاب التي حكمت في العشرية السابقة ليس بإمكانها أن تجد حلا مناسبا للأزمة لأنها تشكل جزءا من الأزمة، وهذا لا يعفي رئيس الجمهورية من واجبه في الحوار مع بعض الأحزاب التي لم تتورط في تلك الأزمة.
في المقابل، رأى الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي أن تونس وصلت إلى مرحلة حافة الانهيار الاقتصادي بسبب الإدارة “الغريبة” لقيس سعيّد وإضعافه لمؤسسات الدولة وعدم قدرته على الإلمام بالملف الاقتصادية وكذا فقدانه أي توجه لإنعاش الاقتصاد، وهذا ما جعل البلاد على حافة الإفلاس.
وأضاف أن تونس شهدت إضرابات في قطاعات حية يطالب أصحابها بتحسين وضعيتهم، في الوقت الذي يعمل سعيّد على تعليق الفشل السياسي على معارضيه والأنظمة السابقة.
انسداد سياسي
وفيما يبدو محاولة لاحتواء الاحتقان الاجتماعي، أكدت رئيسة الحكومة التونسية بودن خلال لقائها مع الأمين العام لاتحاد الشغل ورئيس اتحاد الأعراف على ضرورة تنقية المناخات العامة والعمل المشترك لإيجاد الحلول الملائمة. ولكن رغم الدعوات المحلية والدولية للحوار يستمر الانسداد السياسي في البلاد على وقع دعوات سياسية معارضة وأخرى نقابية لتحركات احتجاجية في المستقبل القريب.
وبلغة الأرقام، توقع محافظ البنك المركزي التونسي أن تكون الأوضاع الاقتصادية صعبة إذا لم يتم الاتفاق مع صندوق النقد الدولي. مشيرا إلى أن التضخم سيرتفع من 8.3% عام 2022، إلى نحو 11% أثناء العام الحالي.
وبين تشدد ومرونة، تصدر بين حين وآخر تصريحات عن الرئيس سعيّد الذي قال إن تونس تتسع للجميع، لكنه في المقابل نفى أن تكون هناك أزمة متهما المعارضة بالاستثمار في الحديث عنها، داعيا إلى ضرورة تطهير الدولة ممن قال إنهم استولوا على مقدراتها، رافضا أي تهديد للسلم الأهلي والاجتماعي في البلاد.
تحركات احتجاجية
وعلى وقع انتقادات سياسية وحقوقية لممارسات السلطات التونسية، دعت جهات معارضة لتحركات احتجاجية في المستقبل القريب، بينها جبهة الخلاص الوطني التي أعلن رئيسها أحمد نجيب الشابي الدعوة لتنظيم مظاهرة في شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة، بالتزامن مع ذكرى الثورة التونسية في 14 يناير/كانون الثاني الجاري.
أما على مستوى النقابيين في البلاد، فأكد نقابيون في الاتحاد العام التونسي للشغل -كبرى المنظمات النقابية في تونس- أن المنظمة بصدد التشاور لإطلاق مبادرة إنقاذ في ظل أزمة خانقة تشهدها البلاد.
وأشار قياديون في المنظمة خلال مجلس جهوي بمدينة القيروان أن الاتحاد بدأ مشاورات مع هيئة المحامين والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، مشيرين إلى أن الهدف منها التوصل لبلورة مبادرة تخرج البلاد من أزمتها عبر خارطة طريق واضحة. وأكدت تلك القيادات أن المنظمة النقابية لن تدخر جهدا في هذا الاتجاه وستقدم المقترحات وبدائل الإنقاذ.
المصدر : الجزيرة