الأزمات المتلاحقة تدفع العالم نحو نظام اقتصادي جديد

الأزمات المتلاحقة تدفع العالم نحو نظام اقتصادي جديد

لندن – يمر العالم منذ نحو عامين بأزمات متعاقبة من حروب وأزمات سياسية ومناخية، فاقمتها جائحة كورونا التي لا زالت الدول تدفع ثمن تداعياتها، والحرب الروسية على أوكرانيا التي عمقت أزمة الطاقة وزادت من ارتفاع الأسعار ومشكلات الأمن الغذائي.

ويصف ميريك دوسيك العضو المنتدب عن منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا في المنتدى الاقتصادي العالمي الفترة الحالية حيث الأزمات المتعددة والمتلاحقة على الاقتصاد العالمي بأنها عملية “تحول”.

وجاء ذلك قبل الاجتماع السنوي للمنتدى لعام 2023، والذي سيعقد في الفترة من السادس عشر إلى العشرين يناير الجاري في دافوس بسويسرا تحت شعار “التعاون في عالم مجزأ”.

ويرى دوسيك أن “نقص الإمدادات قد وصل في أسواق الطاقة إلى مستويات قياسية، لأكثر من عام على مستوى العالم، في حين أدت الحرب الروسية على أوكرانيا إلى تعميق مشكلات توازن العرض والطلب”.

القلق العميق بشأن انعدام أمن الطاقة يجب أن يوفر الزخم لتسريع التحرك نحو نموذج طاقة أكثر استدامة

ويشدد العضو في المنتدى الاقتصادي على أهمية عمل البنوك المركزية جنبا إلى جنب، لتحفيز مرونة أسواق العمل وإعادة موازنة سلاسل التوريد، للانتقال الاقتصادي السلس نحو مرحلة أكثر استقرارا.

والاجتماع المرتقب سيعقد لمواجهة التوقعات الاقتصادية الصعبة، على أن ينعكس ذلك في التركيز على الضرورات المزدوجة لاتخاذ القرارات الصحيحة للاقتصادات والشركات والمجتمعات لتجاوز هذه الأوقات، مع الحفاظ في نفس الوقت على القدرة على القيام باستثمارات كبيرة في
المستقبل.

وتعرض الاقتصاد العالمي لضغوطات على خلفية أزمات متعددة، بينها الغذاء، وأمن إمدادات الطاقة، وكلفة المعيشة والتضخم المرتفع، والمناخ.

وقد وصل نقص الإمدادات في أسواق الطاقة إلى مستويات قياسية، لأكثر من عام على مستوى العالم، في حين أدت الحرب الروسية على أوكرانيا إلى تعميق مشكلات توازن العرض والطلب.

وأدت هذه الأزمات إلى ارتفاع الأسعار بشكل هائل في أسواق الطاقة، لاسيما الغاز الطبيعي.

وارتفعت أسعار الغاز في 2022 إلى مستويات قياسية دفعت إلى خروج احتجاجات في عديد من العواصم الأوروبية رفضا لارتفاع الأسعار التي أفقدتهم المدخرات المالية.

واعتبر دوسيك أن “الأزمات المتقاربة المتعددة ذات الأسباب المترابطة تؤثر على الملايين في جميع أنحاء العالم، وخاصة أولئك الذين يعيشون في المناطق الأكثر ضعفًا”.

وأضاف “مثلما تترابط أسباب هذه الأزمات، كذلك تتشابه حلولها، ويجب علينا التعاون بشأن تحديد التدابير التي لن تخفف من مخاطر استمرار في هذه الأزمات فحسب، بل الأهم من ذلك أنها تمكننا من التعبير عن تنفيذ أجندة جديدة للنمو والوظائف والأمن في المستقبل”.

وأوضح دوسيك أن تسريع الانتقال إلى الطاقة النظيفة، وتعميم الابتكارات التكنولوجية، إضافة إلى إدخال آليات دبلوماسية فعالة لعالم أكثر تنافسية “من بين مجالات العمل التي يمكن أن تساعد العالم على الخروج من فترة عدم اليقين التي يمر بها حاليا وتحقيق مزيد من المرونة”.

وتابع “سيكون تحرك البنوك المركزية جنبا إلى جنب مع مرونة أسواق العمل، من بين العوامل التي تحدد نوع النظام الاقتصادي الذي سينتج عن هذا التحول”.

ودعا أيضا إلى تنفيذ سياسات حكومية فعالة تعترف بالظروف الحالية لضمان تحقيق “الإصلاح السياسي المطلوب”.

وأردف “أولاً وقبل كل شيء، يجب أن تدعم السياسة الانتقال إلى مصادر طاقة أكثر استدامة بهدف فصل النمو الاقتصادي عن استهلاك الطاقة، وكذلك تقليل انبعاثات الكربون لمواجهة تغير المناخ”.

وفي هذا الصدد، فإن القلق العميق الأخير بشأن انعدام أمن الطاقة الناجم عن الصدمات الاقتصادية والجيوسياسية يجب أن يوفر الزخم لتسريع التحرك نحو نموذج طاقة أكثر استدامة.

ودعا العضو المنتدب عن منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا في المنتدى الاقتصادي العالمي، الحكومات إلى اتباع السياسات بأسلوب “تعاوني” بين بعضها البعض في جميع أنحاء العالم.

وقال “لقد رأينا بالفعل البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم تعمل معا لمكافحة التضخم، وينبغي لسياسات الحكومات أن تعمل بما يزيد من فرص العمل المنسق لمعالجة القضايا العالمية الشاملة”.

وتبنت البنوك المركزية سياسة رفع أسعار الفائدة في محاولة لترويض التضخم المتصاعد.

وأشار دوسيك إلى أنه وسط هذه الأزمات، لم تكن مهمة المنتدى الاقتصادي العالمي المتمثلة في تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص أكثر أهمية أو إلحاحًا من أي وقت مضى، سواء للتغلب على الأزمات الحالية أو لدفع تغيير ملموس وإيجابي للنظام الاقتصادي من أجل المضي قدما.

وشدد على أن الجمع بين مجموعة واسعة من أصحاب المصلحة هو “المفتاح لتحقيق التفاهم والمواءمة، وتوسيع نطاق الابتكار وإيجاد حلول استباقية لقضايانا المشتركة من خلال تنفيذ إجراءات ملموسة”.

العرب