دمشق – حمّل الرئيس السوري بشار الأسد السبت وزير خارجية إيران حسين أمير عبداللهيان دعوة إلى نظيره إبراهيم رئيسي من أجل زيارة دمشق، التي تعدّ طهران من أبرز داعميها، فيما يعتقد أن طهران تسعى إلى تقريب وجهات النظر بين النظامين السوري والتركي مع حرصها على عدم الاضرار بمصالحها.
وزيارة عبداللهيان لدمشق التي تأتي قبل أخرى مماثلة له إلى موسكو، يعتقد البعض أنها تهدف إلى ترتيب زيارة إبراهيم رئيسي ليس أكثر، فيما يرى آخرون أنها رسالة إيرانية للأسد مفادها “أن الحلول لا يمكن أن تكون في غالب الأحيان كما تريد وحلفاؤك الروس، وأن طهران مستعدة لحل المشكلات المستعصية”.
وقال عبداللهيان في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره السوري فيصل المقداد، بعد لقائه الرئيس السوري في دمشق، “شدد بشار الأسد على دعوته رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية رئيسي إلى زيارة دمشق”.
وأضاف “سنحاول القيام بالتحضيرات لهذه الزيارة في المستقبل”.
والحديث عن زيارة الرئيس الإيراني لدمشق سبق أن تطرق إليه المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، حيث أكد في إفادة صحافية الاثنين الماضي أنّه “يجري التخطيط لزيارة الرئيس الإيراني إلى سوريا وتركيا بعد تلقيه دعوتين من البلدين”.
ويعتقد البعض أن زيارة الرئيس الإيراني لدمشق قد تكون بسبب القلق الإيراني من مسار العلاقات السياسية بين تركيا والنظام السوري، خاصة في ظل وجود ضغوطات روسية تمارس على دمشق لا تناسب المصالح الإيرانية.
لكن من المبكر الحديث عن تطورات في هذا المسار، خاصة أن تأثير الموقف الأميركي قد يكون كبيرا، بالإضافة إلى عدم التقارب في ظل الشروط الصعبة المتبادلة بين تركيا والنظام السوري.
ولا يستبعد البعض أن يكون الدافع لزيارة رئيسي الهواجس الإيرانية الكبيرة من التحركات الإقليمية والدولية التي قد تحد من النفوذ الإيراني جنوب سوريا، خاصة بعدما وقعّت الإدارة الأميركية على مشروع محاربة النظام السوري كمصدر للمخدرات.
وتعد إيران داعما رئيسيا لدمشق. وقدمت لها منذ بدء النزاع في العام 2011 دعما سياسيا واقتصاديا وعسكريا. وقد بادرت في العام 2011 إلى فتح خط ائتماني لتأمين احتياجات سوريا من النفط بشكل خاص، قبل أن ترسل مستشارين عسكريين ومقاتلين لدعم الجيش السوري في معاركه. وقد ساهم هؤلاء في ترجيح الكفة لصالح القوات الحكومية على جبهات عدة.
ووقّع البلدان اتفاقات ثنائية عدة، تضمنت إحداها مطلع عام 2019 تدشين “مرفأين هامين في شمال طرطوس وفي جزء من مرفأ اللاذقية”.
ومنذ اندلاع النزاع عام 2011، يزور مسؤولون إيرانيون، سياسيون وعسكريون، دمشق بشكل دوري. وكان الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد زار دمشق في الثامن عشر من سبتمبر 2010، قبل ستة أشهر على اندلاع النزاع في البلاد.
وأكّد الأسد، وفق ما ذكرت الرئاسة السورية، حرص بلاده على “التواصل المستمر وتنسيق المواقف مع إيران بشكل دائم”، معتبرا أنّ “التنسيق يكتسب أهمية قصوى في هذا التوقيت بالذات الذي يشهد تطورات إقليمية ودولية متسارعة لتحقيق المصالح المشتركة للبلدين”.
وجاءت زيارة عبداللهيان إلى دمشق بعد لقاء جمع وزيري الدفاع التركي والسوري في موسكو نهاية الشهر الماضي، في أول لقاء رسمي على هذا المستوى بين الدولتين منذ بدء النزاع عام 2011.
وقال عبداللهيان إن بلاده سعيدة بأن “يأخذ الحوار مكان الحرب”، مؤكدا أن بلاده ستواصل جهودها “الدبلوماسية من أجل التقارب وحلّ المشاكل العالقة بين تركيا وسوريا”.
وردا على سؤال عن إمكانية لقاء الرئيسين السوري والتركي رجب طيب أردوغان، أجاب وزير الخارجية السوري “يجب خلق البيئة المناسبة من أجل لقاءات على مستويات أعلى إذا تطلبت الضرورات ذلك”، موضحا أن “أي لقاءات سياسية يجب أن تُبنى على خلفية محددة تحترم سيادة واستقلال” سوريا.
وقال الأسد الخميس إن اللقاءات بين البلدين يجب أن تكون مبنية على إنهاء “الاحتلال”، في إشارة إلى الوجود العسكري التركي في مناطق واسعة في شمال وشمال شرق سوريا.
وقبل اندلاع النزاع، شكّلت تركيا حليفا اقتصاديا وسياسيا أساسيا لسوريا. لكنّ العلاقة بين الطرفين انقلبت رأسا على عقب مع بدء الاحتجاجات الشعبية في سوريا. وقدمت تركيا على مر السنوات الماضية دعما للمعارضة السياسية والفصائل المقاتلة في سوريا.
وقال مصدر مطلع على المفاوضات إن دمشق تريد من أنقرة سحب قواتها من الأراضي في شمال البلاد وإيقاف دعم ثلاثة فصائل معارضة رئيسية.
وأضاف المصدر أن سوريا حريصة على رؤية تقدم في هذه المطالب من خلال لجان المتابعة قبل الموافقة على اجتماع وزيري الخارجية.
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو الخميس إن بوسعه الاجتماع مع المقداد في أوائل فبراير، رافضا تقارير تفيد بأن الاثنين ربما يلتقيان الأسبوع المقبل.
ولم تصدر سوريا أي تعليق رسمي على توقيت عقد مثل هذا الاجتماع، والذي سيمثل أعلى مستوى من المحادثات بين أنقرة ودمشق منذ بدء الحرب السورية في 2011.
العرب