الجزائر – تؤدي رئيسة الحكومة الايطالية جورجيا ميلوني، مطلع الأسبوع القادم، زيارة إلى الجزائر هي الأولى من نوعها منذ انتخابها، ويتصدر ملفا الغاز والهجرة السرية أجندة الزيارة التي تريد إيطاليا من خلالها ضمانات جديدة من الجزائر لتأمين حاجياتها من الغاز في ظل الأزمة مع روسيا.
ويسيطر القلق على الأوروبيين الباحثين عن تعويض الغاز الروسي بسبب شكوك في التزام الجزائر بتدفقات ثابتة على المستوى البعيد في ظل مزاجية النظام وربط التعاملات الاقتصادية الإستراتيجية بالمواقف السياسية مثلما حصل مع إسبانيا وقبلها مع المغرب.
وتسعى الحكومة الإيطالية الجديدة للاطمئنان على مصالحها التي تعززت في وقت سابق بزيارات متبادلة لرئيسي البلدين ووفود حكومتيهما، والتي توجت بالتوقيع على العديد من الاتفاقيات، كان من بينها ضخ كميات إضافية من الغاز الجزائري إلى إيطاليا، وتحويل الشريك الجديد إلى منصة لتوزيعه نحو أوروبا، بشكل يساعد روما وعددا من الدول الأوروبية على الاستغناء عن الغاز الروسي.
القلق يسيطر على الأوروبيين الباحثين عن تعويض الغاز الروسي بسبب شكوك في التزام الجزائر بتدفقات ثابتة على المستوى البعيد
وسبق للرئيس التنفيذي لشركة “إيني” الإيطالية كلاوديو ديسالزي أن صرح بأن “إيطاليا سيكون لديها ما يكفي من الغاز، في 2023 و2024، دون انقطاعات، إذا تمكنت من زيادة الواردات من الجزائر “.
وتعتبر شركة “ايني” من أكبر الشركات العالمية النفطية العاملة في الجزائر، والحائزة على العديد من مشاريع البحث والاستغلال مع نظيرتها الجزائرية “سوناطراك”، كما ساهم التقارب بين البلدين في دعم حظوظ الشركة في الحصول على استثمارات جديدة، كان آخرها عقد بـ600 مليون دولار لتنفيذ مشروع في الصناعات البتروكيمياوية.
وأبدت الجزائر حذرا شديدا تجاه صعود اليمين في إيطاليا، وجمع الرئيس عبدالمجيد تبون ورئيسة الحكومة الجديدة بإيطاليا لقاء مقتضب في قمة المناخ التي احتضنتها مصر، في حين حافظت وتيرة الاتصالات الرسمية على طبيعتها العادية.
وينتظر أن توضح زيارة ميلوني معالم الشراكة بين البلدين خلال المرحلة المقبلة، ليس فقط في قطاع الغاز، بل أيضا في الطاقات المتجددة وصناعة السيارات والتعاون العسكري والفلاحة والبناء والأشغال العامة، والتي تم الاتفاق بشأنها بين البلدين قبل سقوط حكومة اليسار التي كان يقودها ماريو دراغي.
وتسعى ميلوني لضمان زيادة تدفق الغاز بالكميات المتفق عليها والمقدرة بتسعة مليارات متر مكعب، في ظل تنافس عدة دول أوروبية على التزود بالغاز الجزائري، وذلك خلال المشاورات المنتظرة بينها وبين رئيس الوزراء الجزائري أيمن بن عبدالرحمن والرئيس تبون.
وينتظر أن تصل صادرات الغاز الجزائري إلى إيطاليا سقف 30 مليار متر مكعب خلال العامين 2023 و2024 بعدما كانت في حدود 21 مليارا العام 2021، و25 مليارا العام الماضي، وهي السوق التي تراهن عليها الجزائر لرفع صادرتها من الغاز حيث تطمح إلى رفعها من 56 مليارا إلى 100 مليار في المدى القريب.
وينتظر أن يبحث الطرفان فرص التعاون الكبير في مجال الطاقة، انطلاقا من رغبة الجزائر في مساعدة شركة “ايني” لتطوير القطاع في البلاد، والوصول إلى تحويل روما إلى محطة تنطلق منها الإمدادات إلى باقي الدول الأوروبية، وهو ما يتطلب مرافق جديدة كبعث مشروع أنبوب “غالسي” الرابط بين الجزائر وجزيرة صقلية الإيطالية، لأن أنبوب “إنريكو ماتي” المار عبر تونس يكاد يصل إلى ذروته البالغة 32 مليار متر مكعب، بعد توصيله إلى سلوفينيا ثم المجر.
ويشكل قطاع صناعة المركبات والسيارات أحد الملفات بين البلدين، بعد توقيع اتفاق في شهر أكتوبر الماضي بين شركة “فيات” والحكومة الجزائرية لإقامة مصنع سيكون الأول من نوعه في البلاد منذ توقيف نشاط التركيب والتجميع في 2017، بعد فشل تجربة الحكومات السابقة في بعث النشاط المذكور، والمؤهل لاكتساح السوق الجزائرية التي توصف بـ”الجذابة” في هذا المجال.
ويرتقب الحضور القوي في الزيارة لملف الهجرة غير النظامية الذي تطرحه الحكومة الإيطالية الجديدة بحدة، وهو الأمر الذي بدأته من خلال الاتصالات التي فتحتها مع حكومات المنطقة كليبيا وتونس.
العرب