السوداني يزور فرنسا لترسيخ التعاون العسكري والأمني

السوداني يزور فرنسا لترسيخ التعاون العسكري والأمني

بغداد – يعتزم رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني غدا الخميس، زيارة فرنسا، في سابع جولة خارجية له بعد زيارة كل من عمان وإيران والسعودية والكويت وألمانيا وقطر، فيما كشفت مصادر حكومية عراقية أن مباحثاته في باريس ستركز على ملفات الأمن والاقتصاد والاستثمار.

وأفادت وسائل إعلام محلية نقلا عن مصادر حكومية بأن السوداني سيترأس وفدا حكوميا كبيرا لزيارة فرنسا الخميس، وسيبحث مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ملفات الأمن وجهود فرنسا في محاربة تنظيم داعش ضمن التحالف الدولي، وأهمية الدعم الفرنسي في تلك الحرب ودعمها لتطوير الأجهزة الأمنية، إضافة إلى ملف شراء الأسلحة الفرنسية المتطورة، الخاصة بالدفاع الجوي وغيرها.

كما سيبحث السوداني، وفقا للمصادر، مع المسؤولين الفرنسيين أهمية الدعم الفرنسي للعراق بملف الاقتصاد، وأهمية استثمار الشركات الفرنسية في العراق، وخصوصا المتعلقة بالنفط والطاقة، وغيرها من الملفات التي تهمّ الشأن الاقتصادي والاستثماري، والملفات التي تتعلق بقضية اللاجئين، كما سيكون ملف مخيم الهول السوري على طاولة الحوار العراقي – الفرنسي.

وأعلن مكتب الرئيس الفرنسي، في بيان، ديسمبر الماضي، أن ماكرون يعتزم الاجتماع مع السوداني، بعد دعوته إلى زيارة باريس مطلع 2023.

وكان رئيس الحكومة العراقية قد زار ألمانيا في الثاني عشر من يناير الحالي، حيث تم توقيع مذكرة تفاهم وخطة عمل واعدة للنهوض بقطاع الكهرباء، مع شركة سيمنس للطاقة، إضافة إلى مناقشة عدد من الملفات الأمنية والاقتصادية مع المسؤولين الألمان.

ويعد ملف العلاقات الخارجية لحكومة السوداني من أبرز الملفات التي واجهها مع وجود اتهامات لها بقربها من إيران والوقوف ضمن محورها، خصوصا أنها مشكّلة من قبل الإطار التنسيقي الذي يجمع جميع الكتل والأحزاب المدعومة والقريبة من طهران، الأمر الذي يسعى السوداني لنفيه عبر تأكيده في أكثر من مناسبة سياسة مستقلة للبلاد، بعيدا عن أي من الاستقطابات الحالية في المنطقة.

ويبدو أن ضغوط التحالف الحاكم بالعراق “الإطار التنسيقي”، المعروف بقربه من طهران والذي تبنى إخراج القوات الأميركية في حملته الانتخابية الأخيرة، دفعت رئيس الوزراء العراقي إلى التراجع عن تصريحاته السابقة ليؤكد أن بلاده بحاجة إلى مراجعة العلاقة مع التحالف الدولي، في ظل عدم حاجتها إلى قوات قتالية أجنبية، بل استشارية.

وقال السوداني في مقال نشرته كل من وكالة الأنباء العراقية “واع” وصحيفة لوموند الفرنسية الأربعاء إن بلاده ترغب في ترسيخ التعاون العسكري والأمني مع الجانب الفرنسي، “تناغما مع هدفنا في رفع قدرات قواتنا الأمنية القتالية، وهي الآن تحقق تلك الغاية”.

وأضاف أن هذا الوضع “يجعل العراق في غير حاجة إلى قوات قتالية أجنبية، بل قوات استشارية لسد احتياجات قواتنا من التدريب والتجهيز”.

وتابع “وهذا يعني أننا بحاجة دائمة إلى مراجعة العلاقة مع التحالف الدولي ورسم خارطة التعاون المستقبلي، في ظل التطور الدائم في القدرات القتالية لقواتنا المسلحة”.

ويأتي مقاله هذا بعد أيام على تصريحاته اللافتة لصحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، التي دافع فيها عن وجود القوات الأميركية وحاجة بلاده إليها في مجال الحرب على الإرهاب، دون أن يحدد جدولا زمنيا لانسحابها.

وأضاف أن الحاجة إلى القوات الأجنبية لا تزال قائمة وأن القضاء على تنظيم داعش يحتاج إلى المزيد من الوقت، في إشارة إلى فرق القوات الأميركية وقوات حلف شمال الأطلسي التي تدرب وتساعد الوحدات العراقية في مكافحة متشددي التنظيم.

وكان المتحدث باسم البنتاغون ديفيد هيرندون قد قال في بيان في نوفمبر الماضي إن الولايات المتحدة ملتزمة بالحفاظ على القوات الأميركية في البلاد، لدعم قوات الأمن العراقية في قتالها المستمر لدحر تنظيم داعش الإرهابي.

وأعلن العراق رسميا في التاسع من ديسمبر أن وجود قوات “قتالية” أجنبية في البلاد انتهى مع نهاية العام 2021، وأن المهمة الجديدة للتحالف الدولي استشارية وتدريبية فقط.

ولم تشارك فرنسا في الاجتياح الأميركي الذي أطاح بالرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، لكنها انضمت في 2014 إلى التحالف العسكري ضد تنظيم الدولة الإسلامية الذي ساهم في هزم التنظيم الجهادي في سوريا والعراق. وغادرت آخر القوات الفرنسية العراق في وقت سابق هذه السنة.

ولا يزال 2500 عسكري أميركي وألف عسكري من التحالف منتشرين في ثلاث قواعد عسكرية عراقية، من بينها عين الأسد.

وتقوم تلك القوات في الواقع منذ أكثر من عام بدور الاستشارة والتدريب، بعدما دعمت القوات العراقية في حربها ضد تنظيم داعش.

وكانت الفصائل المسلحة التي انضم أغلبها إلى تحالف “الإطار التنسيقي” قد صعدت من مطالباتها بإخراج القوات الأميركية من العراق قبل عامين، وضغطت لتحقيق هذا الأمر، ونفذت عمليات استهداف للمصالح الأميركية في العراق.

وبدأت في الأيام الأخيرة تتصاعد الحملة الإعلامية ضد القوات الأميركية، مع تشكيك من قبل قيادات “الإطار” في أن تكون حكومة رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي قد فعّلت الاتفاق بشكل صحيح. كما أن قيادات في “الحشد الشعبي” اعتبرت أن “وجود القوات أثّر سلبا على سير العمليات العسكرية ضد التنظيم”.

ومن المرتقب أن يحمل السوداني طلبات القوى السياسية الشيعية إلى واشنطن قريبا، ويمتلك تفويض إجراء المفاوضات لتحقيق أهداف تدفع القوات الأميركية إلى الانسحاب بشكل كامل من العراق، وقد ينجح السوداني في هذه المهمة بناء على رغبات وتطلعات أميركية تسير في الاتجاه نفسه.

العرب