تهاطل الأمطار يعيد الحياة إلى شرايين الأهوار ممر رحلة جلجامش

تهاطل الأمطار يعيد الحياة إلى شرايين الأهوار ممر رحلة جلجامش

بغداد- بعد سنوات من الجفاف تشهد الأهوار والأراضي الزراعية في المناطق الوسطى والجنوبية، التي عانت من شح المياه والجفاف، انتعاشا نسبيا بسبب ارتفاع منسوب المياه وانخفاض نسبة الأملاح الذائبة فيها، بفضل الأمطار التي هطلت على العراق مؤخرا.

وتعد الأهوار من أكبر المسطحات المائية في الشرق الأوسط وتقع في الجزء الجنوبي من العراق بين محافظات البصرة وميسان وذي قار، وتتوزع على ثلاثة أهوار رئيسية هي الحويزة والحمّار وأنوار الفرات، وتتميز بالتنوع البيئي حيث تحتضن 371 كائنا حيا، وعمرها يصل إلى أربعة آلاف سنة.

وبحسب الروايات التاريخية فإن الأهوار كانت بيئة انطلقت منها رحلة جلجامش الملحمية بحثا عن سرِّ الخلود.

◙ الأهوار من أكبر المسطحات المائية في الشرق الأوسط وتقع جنوب العراق بين البصرة وميسان وذي قار

ويؤكد حسين علي الكناني مدير عام مركز إنعاش الأهوار، في تصريحات صحفية، أن وزارة الموارد المائية أعدت خطة عاجلة من أجل استغلال مياه الأمطار لإرواء المساحات الزراعية.

وأضاف الكناني أنه تم التحرك بشكل عاجل من قبل مركز إنعاش الأهوار مع هيئة التشغيل ومن خلال مديريات الموارد المائية في المحافظات الثلاث من أجل إطلاق الحصة المائية أو التصاريف الموجودة المتيسرة بعد تأمين الإرواء للمساحات الزراعية من خلال الأمطار.

وتابع “تم دفع التصاريف باتجاه مناطق الأهوار في هذه المحافظات فتحسن الوضع المائي بشكل متتابع”.

وأكدت لجنة الزراعة والمياه ارتفاع مناسيب المياه في نهري دجلة والفرات وسدود العراق مع انتعاش الأهوار في الجنوب بعد الأمطار الأخيرة التي شهدتها البلاد.

وكانت منظمة الجبايش للسياحة والبيئة في محافظة ذي قار جنوب العراق قد أعلنت في وقت سابق عن زيادة كبيرة بنسبة الإغمار المائي في الأهوار بعد موجة الأمطار الأخيرة التي هطلت على محافظات البلاد كافة.

ومن المتوقع أن تساهم هذه الأمطار في تعزيز تصاريف نهر دجلة وإيصالها إلى المحافظات الجنوبية لتلبية المتطلبات كافة وخصوصا الريّة الثانية من الزراعة الشتوية وتأمين المياه للمناطق التي عانت من الشح المائي وتعزيز هور الحويزة والأهوار الوسطى وهور أبو “زرگ” وتحسين بيئة شط العرب.

ويعاني العراق من شح المياه في الأنهار وكذلك تضاؤل كميات هطول الأمطار وموجات الجفاف بسبب قيام دولتيْ المنبع تركيا وإيران إما بقطع المياه أو تقليل حصة العراق منها، إلى جانب التغير المناخي.

وتبرز الأهوار على شكل مثلث تقع مدن العمارة والناصرية والبصرة على رؤوسه الثلاثة وتنقسم إلى أهوار شرقية وغربية مليئة بالجزر الطبيعية صغيرة المساحة نسبيا ويسكنها في بيوت مبنية من القصب والحجارة المنتمون إلى قبائل المعدان العربية والمنتفعون من الزراعة وتربية المواشي وصيد الأسماك ويتنقلون في قنواتها المائية بقوارب “المشحوف” الخشبية الخفيفة.

وامتازت الأهوار قديما بوفرة مياهها وخصوبة أراضيها وتنوع حياتها الفطرية وخصوصاً في نهاية فصل الشتاء وابتداء الربيع، وهي موطن طبيعي للعديد من فصائل النباتات والحيوانات والطيور النادرة والأسماك. ولكن في الوقت الحالي لم يبقَ الكثير من ذلك في تلك المنطقة التي تعود حضارتها إلى ما يزيد على 5000 عام تقريبا بحسب ما تم توثيقه عنها في الحضارة السومرية.

وتحولت الأهوار من أوفر مناطق العالم وأغناها إلى واحدة من أكثر المناطق تضررا من التغيّرات المناخية والتدخل الجائر للإنسان لأسباب عديدة منها الرغبة في تجفيف بعض أجزائها بحجة التوسع في مساحة الأراضي الزراعية.

العرب