يندرج اللقاء الذي جمع قائد الجيش الليبي برئيس الحكومة المعترف بها من البرلمان في إطار التسويق الإعلامي في ظل أزمة يعانيها الطرفان نتيجة المتغيرات المتسارعة على الساحة الليبية، والتي لا تصب بالواضح في صالح كليهما.
بنغازي (ليبيا) – تقول أوساط سياسية ليبية إن اللقاء الذي جمع قائد الجيش خليفة حفتر ورئيس الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب فتحي باشاغا هو محاولة من كليهما لتأكيد الحضور في المشهد السياسي، دون أن يكون لهذا اللقاء أي تأثير حقيقي على مجريات الأوضاع في ليبيا، لاسيما وأن المجتمع الدولي يتعامل مع الجانبين كطرف واحد.
وتشير الأوساط إلى أن قائد الجيش الذي غاب عن الإعلام عقب اللقاء الذي جمعه في يناير الماضي برئيس جهاز الاستخبارات الأميركية “سي.آي.أي” وليام بيرنز يريد القول إنه لا يزال موجودا على الساحة، خصوصا بعد رواج أنباء عن مرضه.
ولم يكن اللقاء مع بيرنز مريحا بالنسبة إلى قائد الجيش في ظل تسريبات تحدثت عن أن الاجتماع تضمن مطالبات أميركية بإخراج عناصر فاغنر الروسية التي تدعم الجيش، كما شدد خلاله المسؤول الأميركي على دعم بلاده لحكومة الوحدة برئاسة عبدالحميد الدبيبة.
وذكر بيان مقتضب للمكتب الإعلامي للجيش أن حفتر “استقبل في مكتبه بمقر القيادة العامة ببنغازي رئيس الحكومة الليبية فتحي باشاغا”، دون مزيد من التفاصيل.
من جانبها، قالت حكومة باشاغا في بيان إن “الاجتماع ناقش الوضع السياسي الراهن والتواجد العسكري الأجنبي والمسلح على الأراضي الليبية”.
حكومة الوحدة تقول إن رئيسها عبدالحميد الدبيبة بحث مع المبعوث الأممي عبدالله باتيلي مقترحات جادة لإجراء الانتخابات
وذكر البيان أن الاجتماع بحث “مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية وحماية الحدود”.
وبحسب حكومة باشاغا حضر الاجتماع “وزير الخارجية حافظ قدور، ووزير الدولة لشؤون رئيس الحكومة محمد فرحات، ومدير مكتب حفتر الفريق خيري التميمي”.
ومنذ إعلان مجلس النواب الليبي الموجود في طبرق عن منحه الثقة لحكومة باشاغا، بدا أن حفتر يحاول تجنب إظهار دعم معلن للأخير، لا بل أنه ذهب لانتقاد كل الكيانات السياسية في الأشهر الماضية، في محاولة من قبله لطرح نفسه لليبيين كبديل.
ويرى مراقبون أن حفتر حاول عدم إبراز دعمه لحكومة باشاغا على الرغم من كونها تعمل في مناطق نفوذه، بل وذهب في إحدى الفترات إلى عقد اتفاقات مع حكومة الوحدة ومنها حول رئاسة المؤسسة النفطية.
ويشير المراقبون إلى أن حفتر أراد من ذلك الإبقاء على هامش من المناورة، تحسبا للمتغيرات التي باتت لا تصب في صالحه، مع تعاظم الاهتمام الأميركي بالساحة الليبية.
ولا تخفي واشنطن موقفها لجهة دعم حكومة الدبيبة، وتمسكها بتولي الأخيرة الإشراف على الاستحقاق الانتخابي المقبل.
وبحث رئيس حكومة الوحدة الأحد مع رئيس بعثة الأمم المتحدة في البلاد عبدالله باتيلي مقترحات جادة لإجراء الانتخابات في أقرب وقت.
وجاء ذلك خلال لقاء جمع الدبيبة وباتيلي في ديوان مجلس الوزراء بالعاصمة طرابلس، حسب بيان للمكتب الإعلامي لرئيس حكومة الوحدة الليبية.
وأفاد البيان بأن الجانبين “ناقشا عددا من المقترحات الجادة لإنجاز الانتخابات في أقرب الآجال”.
كما بحث الجانبان نتائج اللقاءات والمشاورات الأخيرة التي أجراها باتيلي مع الأطراف المحلية والدولية.
وقال البيان إن “الجانبين أكدا على ضرورة إصدار القاعدة الدستورية ليتم التركيز بشكل مهني على باقي الخطوات التنفيذية للوصول إلى الانتخابات”.
وأشار إلى “أن اللقاء تطرق إلى دور التنمية في خلق الاستقرار، وأن تكون عادلة من حيث توزيعها وتُراعي الأولوية”.
والسبت اجتمع باتيلي مع عدد من أعضاء مجلس النواب الليبي في طرابلس، وقال في تغريدة له على تويتر إنهم طالبوا بـ”توحيد المؤسسات كشرط مسبق للخروج من حالة الجمود السياسي في البلاد”.
وتمر ليبيا بأزمة سياسية تتمثل في وجود حكومتين، الأولى مكلفة من مجلس النواب برئاسة باشاغا، والثانية هي حكومة الوحدة برئاسة الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة إلا لحكومة تأتي من خلال برلمان جديد منتخب، على الرغم من انتهاء ولايته في يونيو الماضي.
ولحلّ ذلك ترعى الأمم المتحدة مفاوضات بين مجلسي النواب والدولة للتوافق حول قاعدة دستورية تقود إلى الانتخابات، إلا أن تلك المفاوضات متعثرة بسبب اختلاف المجلسين حول شروط الترشح للانتخابات الرئاسية، ما أسفر عن جمود سياسي.
العرب