إسطنبول/دمشق – ارتفع عدد ضحايا الزلزال المدمر الذي ضرب جنوب شرقي تركيا وشمالي سوريا الاثنين إلى ما لا يقل عن 521 قتيلا و2962 مصابا في المنطقة التي تكسوها الثلوج، ورفعت السلطات التركية حالة الإنذار إلى المستوى الرابع، الذي يشمل طلب المساعدة الدولية، فيما بدأ البحث عن ناجين محاصرين تحت الأنقاض.
وشعر سكان قبرص ولبنان بالزلزال الذي وقع في وقت مبكر من صباح الاثنين.
وقالت إدارة الطوارئ والكوارث التركية إن زلزالا بقوة 7.4 درجة على مقياس ريختر ضرب ناحية بازارجيك من ولاية كهرمان مرعش جنوب تركيا، على عمق 7 كيلومترات، فجر الاثنين، في حين أفاد المعهد الأميركي للزلازل بأن قوة الهزة الرئيسية بلغت 7.8 درجة.
واستمر الزلزال في كهرمان مرعش لنحو دقيقة وتسبب في دمار العشرات من المباني وفي حريق ضخم، وفق مقاطع مصورة بثت على مواقع التواصل الاجتماعي. وقالت إدارة الكوارث والطوارئ التركية إنها سجلت حتى الآن 78 هزة ارتدادية.
وقتل 237 شخصا على الأقل وأصيب 639 شخصا في مناطق خاضعة لسيطرة الحكومة في سوريا نتيجة الزلزال الذي يقع مركزه في جنوب شرق تركيا، وفق ما ذكرت وزارة الصحة.
وأضافت الوزارة أنه تم إرسال فريق طوارئ (مسعفين وأطباء اختصاصيين) وعيادات متنقلة مجهزة وسيارات إمداد (أدوية ومستلزمات إسعافية وجراحية) من الإدارة المركزية في دمشق ومحافظات حمص وطرطوس إلى حلب واللاذقية.
أما في تركيا، فقد أعلن نائب الرئيس التركي فؤاد أقطاي أن الحصيلة وصلت إلى 284 قتيلا و2323 جريحا، جراء أكبر زلزال تشهده تركيا منذ نحو قرن، إلا أن هذه الحصيلة مرشحة للارتفاع، وتسارع السلطات وفرق الإنقاذ وطائرات الإمداد إلى المناطق المنكوبة، وأعلنت تحذيرا من الدرجة الرابعة يناشد مساعدة دولية.
وقال منقذون من الخوذ البيضاء إن الزلزال أودى بحياة العشرات وأصاب المئات في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في سوريا وتقطعت السبل بالناس في برد الشتاء.
وأظهرت لقطات بثتها محطة تي.آر.تي الحكومية التركية منقذين في منطقة عثمانية وهم يستخدمون بطانية لحمل مصاب انتشلوه من تحت أنقاض بناية منهارة، كانت مؤلفة من أربعة طوابق ويضعونه في سيارة إسعاف، وذكرت أنه خامس مصاب يتم انتشاله.
كما أظهرت لقطات بثتها محطة سي.أن.أن ترك قلعة غازي عنتاب التاريخية وقد لحقت بها أضرار جسيمة.
وقال مكتب الرئيس رجب طيب أردوغان في بيان إن الرئيس تحدث هاتفيا مع حكام ثمانية أقاليم متضررة لجمع معلومات عن الوضع وجهود الإنقاذ.
وأظهرت لقطات من مدينة أعزاز السورية على الحدود، التي تقع في منطقة تسيطر عليها قوات المعارضة، منقذين وهم يحملون طفلا صغيرا من بناية متضررة.
وقال عضو في الخوذ البيضاء في مقطع مصور على تويتر “الوضع مأساوي جدا، العشرات من المباني انهارت في مدينة سلقين”، في إشارة إلى بلدة تبعد حوالي خمسة كيلومترات عن الحدود التركية.
وأضاف المنقذ، الظاهر في المقطع الذي يبرز شارعا مليئا بالركام، أن المنازل “دمرت تماما”.
وقال مكتب الرئيس السوري بشار الأسد إنه يعقد اجتماعا طارئا لمجلس الوزراء لبحث حجم الأضرار ومناقشة الخطوات المقبلة التي ستتخذ.
وأظهرت لقطات في التلفزيون الرسمي السوري فرق الإنقاذ وهي تبحث عن ناجين وسط هطول أمطار غزيرة وبرد. وناشد مسؤولون في قطاع الصحة الناس تقديم المساعدة لنقل المصابين إلى غرف الطوارئ.
سوريا
وقال زياد حاج طه، مدير قطاع الصحة في حلب، في اتصال هاتفي مع وكالة “رويترز” إن المصابين لا يزالون يصلون على دفعات إلى المستشفيات.
ونشرت مطرانية حلب للروم الأرثوذكس على الإنترنت صورا لكتل من الحجر سقطت على شرفتها السفلية.
وفي المنطقة الريفية القريبة، حمل منقذون رضيعا يصرخ وهو مضرج بالدماء من بناية منهارة، وفي مدينة أعزاز أزالت رافعة كتلا خرسانية مع حمل المنقذين جثمانا ملفوفا في ملاءة.
وعانت العديد من المباني في المنطقة بالفعل من أضرار أثناء القتال خلال الحرب الأهلية السورية التي استمرت قرابة 12 عاما.
وقال شهود إن الناس في دمشق وفي مدينتي بيروت وطرابلس اللبنانيتين، نزلوا إلى الشوارع وخرجوا بسياراتهم للابتعاد عن مبانيهم تحسبا لانهيارها.
تركيا
وضربت هزة أرضية لبنان بقوة 4.8 درجة على مقياس ريختر، الاثنين، وقد أدت إلى حدوث حرائق وبعض الأضرار المادية وحالات هلع بين المواطنين.
وأعلن المركز الوطني للجيوفيزياء في بحنس، التابع للمجلس الوطني للبحوث العلمية، حصول هزة أرضية في البحر بين لبنان وقبرص، قوتها 4.8 درجة على مقياس ريختر، شعر بها سكان لبنان خصوصا في المناطق الساحلية الشمالية.
وأعلن الأمين العام للصليب الأحمر اللبناني جورج كتانة الاثنين أنه “لا يوجد أي إصابات جراء الهزة الأرضية إنما حالات خوف وهلع”.
وأكد وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي، في تصريح صحافي، أن “هزة أرضية مركزها جنوب تركيا بقوة 7.8 درجة على مقياس ريختر شعر بها سكان لبنان وامتدت لأكثر من 40 ثانية”.
وأعلن مولوي أنه لا توجد خسائر بشرية جراء الهزة، وقد تم تسجيل سقوط حائط في برج سكني، وتعرض بناء لتشققات في مدينة صيدا وتم إخلاؤه إلى حين التأكد من سلامته، كما اندلع حريقان نتيجة ماس كهربائي في جبل وجنوب لبنان.
ودعا الوزير مولوي “جميع المواطنين إلى إخلاء المباني القديمة في حال وجود تصدعات كثيرة فيها خوفا من أي كارثة جديدة”.
وعمد عدد من المواطنين في طرابلس ومحيطها إلى إطلاق النار في الهواء لإيقاظ السكان خوفا من تكرار الهزات، وبثت مآذن المساجد آيات قرآنية وأدعية، وجالت مسيّرات في الشوارع بعد خروج المواطنين من منازلهم خوفا من الهزة، رغم الأمطار والهواء العاصف وشدة البرد.
وأدت الهزة الأرضية إلى حدوث تشققات في الطريق في مدينة صور جنوب لبنان، وهرع السكان إلى الشوارع تحت الأمطار خوفا من تجدد الهزة وارتداداتها، فيما جابت سيارات الدفاع المدني شوارع المدينة لتفقد الأضرار.
ودعا الأمين العام للهيئة العليا للإغاثة اللواء الركن محمد خير، بناء على توجيهات رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، جميع أجهزة وأفراد الخدمات الإنسانية إلى الجهوزية التامة والالتحاق بمراكزهم لمواكبة أضرار وتداعيات الهزة الأرضية الكبيرة التي ضربت الأراضي اللبنانية وكان مصدرها تركيا.
لبنانيون في الشوارع
وبينما تتواصل عمليات الإنقاذ، في سوريا وتركيا أعلنت العديد من الدول العربية والغربية استعدادها لمساعدة البلدين وإرسال فرق متخصصة للمساهمة في جهود مجابهة الكارثة.
وكانت أذربيجان أول دولة تعلن عن إرسال فريق بحث وإنقاذ إلى تركيا يضم 370 شخصا للمساعدة في إزالة آثار الزلزال.
وأكدت مصر في بيان صادر عن وزارة خارجيتها استعدادها لتقديم المساعدة لتركيا وسوريا لمواجهة آثار تلك “الكارثة المروعة”.
ودعا أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط، المجتمع الدولي إلى تقديم الدعم والمساعدة لغوث المتضررين من كارثة زلزال سوريا.
كما أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن بلاده مستعدة لتقديم المساعدة اللازمة لتركيا وسوريا، في وقت أعلنت فيه وزارة الطوارئ الروسية عن تجهيز طائرتين تحملان فريق بحث وإنقاذ يضم 100 شخص لإرسالهما إلى تركيا.
وفي واشنطن، أعلن البيت الأبيض أن الولايات المتحدة مستعدة لتقديم المساعدات اللازمة للمتضررين من الزلزال في تركيا سوريا.
وقال البيت الأبيض إن الرئيس جو بايدن وجه وكالات الإغاثة الأميركية لتقييم المساعدات الممكنة لإغاثة المنكوبين.
كما قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي “ناتو” ينس ستولتنبرغ إن الحلفاء يحشدون أنفسهم الآن لتقديم الدعم لتركيا.
وقالت المفوضية الأوروبية إن الاتحاد الأوروبي سيرسل فرق إنقاذ ويستعد لمساعدة تركيا بعد الزلزال. وكان وزير الخارجية السويدي توبياس بيلستروم قال إن بلاده تمد يد العون لتركيا من خلال الاتحاد الأوروبي ورئاستها له لتنسيق الدعم بشأن الزلزال.
كما أعلنت بريطانيا عبر وزير خارجيتها جيمس كليفرلي استعدادها لتقديم المساعدات لتركيا وقدمت لها التعازي في الضحايا.
وفي كييف، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن بلاده مستعدة لتقديم المساعدة اللازمة للشعب التركي الذي وصفه بالصديق.
وأبدى وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين استعداد تل أبيب لمساعدة تركيا، وتحدث عن إعداد خطة بهذا الشأن.
لبنان
وقالت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية إن سلسلة من الهزات الأخرى وقعت بعد الزلزال الرئيسي الذي قدرت أن قوته بلغت 7.8 درجة وأن مركزه على عمق 17.9 كيلومترا ووقع بعده زلزال بقوة 6.7 درجة.
تمتد المنطقة عبر خطوط صدع زلزالي وهي عرضة للزلازل.
وهذا هو أقوى زلزال يضرب تركيا منذ أن قتل أكثر من 17 ألفا في 1999 عندما ضرب زلزال قوته 7.6 درجة إزميت جنوب شرقي إسطنبول ومنطقة بحر مرمرة كثيفة السكان قرب المدينة.
وذكر شهود عيان في ديار بكر التي تبعد نحو 350 كيلومترا إلى الشرق أن الهزة الزلزالية استمرت لمدة نحو دقيقة وتسببت في تهشيم زجاج النوافذ. وقال مسؤول أمني في ذات المنطقة إن 17 بناية على الأقل انهارت.
وقالت السلطات إن 16 بناية انهارت في شانلي أورفا و34 في عثمانية.
وبثت محطتا تي.آر.تي وخبر ترك لقطات لأشخاص يفتشون وسط أنقاض بناية وهم يحملون محفات بحثا عن ناجين في مدينة كهرمان مرعش، حيث لم يكن النهار قد طلع بعد.
وقال وزير الداخلية التركي سليمان صويلو للصحافيين “مهمتنا الأساسية هي تنفيذ عمليات البحث والإنقاذ ولتنفيذ ذلك كل فرقنا في تأهب”.
وقدرت هيئة إدارة الكوارث والطوارئ التركية قوة الزلزال بأنها 7.4 درجة قرب كهرمان مرعش وغازي عنتاب القريبة من الحدود السورية.
كما شعر السكان في العاصمة التركية أنقرة بالهزات، رغم أن المدينة تبعد 460 كيلومترا إلى الشمال الغربي من مركز الزلزال، وشعر به أيضا السكان في قبرص لكن الشرطة لم تبلغ عن وقوع أي أضرار.
وقال كرم قنق، رئيس الهلال الأحمر التركي، “ضرب الزلزال في منطقة خشينا أن يضربها. هناك دمار كبير وواسع النطاق”، وأصدر مناشدة للتبرع بالدم.
وتركيا من بين أكثر الدول المعرضة للزلازل في العالم. وفي 2011، قتل زلزال ضرب مدينة فان بشرق البلاد أكثر من 500 شخص.
العرب