نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” تقريرا حول المساعدات الدولية لسوريا بعد الزلزال المدمر.
وقالت إن عزلة دمشق تجعل من الصعوبة بمكان إرسال الإغاثة الإنسانية، في وقت ترفض الولايات المتحدة التعامل مع نظام بشار الأسد.
وفي تقرير أعدته فيفيان سلامة وستيفن كالين، قالا فيه إن الموقف الأمريكي الدائم من عدم التحاور مع حكومة النظام السوري، إلى جانب المنافذ المحدودة للمناطق التي تعرضت لكارثة الزلزال في تركيا وسوريا،أثارت مخاوف من عدم وصول المساعدات التي قد تنقذ أرواح السوريين المتضررين. ومع بداية انتشار صور الدمار والبيوت التي تحولت لأنقاض وجهود الإنقاذ، تعهدت الولايات المتحدة بتقديم مساعدات لتركيا، العضو في حلف الناتو، والتعاون مع المنظمات الإنسانية في سوريا.
وفي الوقت الذي زادت فيه وتيرة عمليات الإغاثة في تركيا، إلا أن المخاوف زادت على الضحايا السوريين الذين شُردوا جراء الحرب الأهلية، وأدت لدعوات من المنظمات الإنسانية إلى الأمم المتحدة بالتدخل العاجل. فالمعبر الوحيد العامل بين تركيا وسوريا يحجزه الحطام المتناثر. ويقول النقاد إن الحصول على موافقة نظام بشار الأسد لنقل المساعدات، يعني منحه “شرعية”، أو من خلال مجلس الأمن، حيث يحتاج لموافقة روسيا، الحليف لنظام الأسد، والتي رفضت في الماضي الجهود للتحايل على حكومته، ونقل المواد الإنسانية إلى مناطق المعارضة.
الحصول على موافقة نظام بشار الأسد لنقل المساعدات، يعني منحه “شرعية”
وردّ بشار الأسد الذي تولى الحكم بعد وفاة والده عام 2000، بقسوة على مطالب التغيير. وقُتل في المواجهات مع المعارضة التي حملت السلاح أكثر من 300 ألف مدني، بحسب الأمم المتحدة التي توقفت قبل عدة سنين عن إحصاء القتلى. كما شردت الحرب أكثر من 13 مليون سوري، وسويت مدن مثل حلب وتدمر جراء القصف المدفعي والجوي.
وفي عام 2012، علقت الولايات المتحدة مثل بقية دول العالم العلاقات الدبلوماسية مع حكومة دمشق. وقامت واشنطن مع دول الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات على نظام الأسد، والتي تقول منظمات الإغاثة الإنسانية إنها أبطأت المساعدات للسوريين رغم الإعفاءات الإنسانية. وفي عام 2021، وسعت إدارة بايدن من قائمة الإعفاءات مع المنظمات غير الحكومية التي تحدثت عن معوقات رغم الاستثناءات. إلى جانب هذا، رفضت حكومة النظام السورية نقل المساعدات الإنسانية جوا ومباشرة إلى مناطق المعارضة. وقال أمجد راس، مدير الجمعية الطبية الأمريكية السورية: “تمت عسكرة المساعدات الإنسانية التي تمر عبر دمشق منذ سنين”.
وصادرت حكومة الأسد حليب الأطفال الذي كان في الطريق إلى مناطق المعارضة مثل الغوطة وحلب، بحسب تقارير الأمم المتحدة ومنظمات إغاثة أخرى.
ودعا أمين عام الأمم المتحدة إلى فتح معابر أخرى، مضيفا أن معبر باب الهوى لا يمكنه استيعاب كل هذه المساعدات.
وتقول الصحيفة إن المسؤولين في النظام السوري عملوا مع شركة علاقات عامة معروفة، وأعدوا خطة للضغط على المجتمع الدولي ودفعه للتخلي عن القيود المفروضة على التعامل معهم، بحسب أشخاص على معرفة بالنقاشات. ويشمل جزء من الخطة على الزعم بأن شحنات الإغاثة الدولية لا تتمكن من الدخول للبلد، مع أن الولايات المتحدة تنفي وضعها أية قيود على الخدمات الإنسانية.
وفي بيان من وزارة الخارجية الأمريكية، أعده مكتبها للتواصل باللغة العربية، قال: “في رد على بعض التقارير الإخبارية غير الدقيقة والمتعلقة بالعقوبات الأمريكية، نود التوضيح بأن عقوبات الولايات المتحدة تشمل على إعفاءات لا تمنع إيصال المساعدات الإنسانية والطبية والغذاء والدعم الآخر إلى الشعب السوري. ولن نمنع أي دولة من تقديم دعم كهذا. ومن جانبنا سنواصل تقديم الدعم للشعب السوري”.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، نيد برايس، إن موقف الولايات المتحدة من الأسد لم يتغير. وقال يوم الإثنين: “سيكون من المفارقة إن لم يكن بنتائج عكسية، التواصل مع حكومة أرهبت شعبها على مدى السنين واستخدمت الغاز ضدهم وذبحتهم وكانت مسؤولة عن المعاناة التي عانوا منها”.
المسؤولون في النظام السوري عملوا مع شركة علاقات عامة معروفة، وأعدوا خطة للضغط على المجتمع الدولي ودفعه للتخلي عن القيود المفروضة على التعامل معهم
وقال مسؤول في الخارجية، إن كل مناطق سوريا تستحق الحصول على المساعدات الأمريكية الإنسانية، وإن الولايات المتحدة قدمت أكثر من 15 مليار دولار إلى سوريا والمنطقة منذ بداية الحرب. وأضاف أن “خطوط الإغاثة والقوافل الإنسانية إلى مناطق النظام في شمال- غرب سوريا لم تكن منتظمة حتى قبل الهزة الأرضية نظرا للمعوقات اللوجيستية والأمنية”. وأضاف: “نفهم أن وكالات الأمم المتحدة تقوم بتقييم الخط الذي تستخدمه هذه القوافل وتحديد فيما إن كان استخدامه آمنا أو قابلا لنقل الإمدادات”. ورفض ممثل سوريا في الأمم المتحدة التعليق على تقرير الصحيفة.
بشار الأسد الذي تم تجاهله وظل معزولا، تلقى مكالمات يوم الثلاثاء من قادة الأردن والإمارات والبحرين وعمان ومصر وإيران. وفي السنوات الأخيرة، حاولت مصر والإمارات والأردن جلب دمشق إلى الحظيرة الدبلوماسية العربية. وكانت تأمل من خلال ذلك، تعزيز التجارة وتقليل اعتماد الأسد على إيران. وأبقت السعودية وقطر مسافة معه.
ويقول مسؤولون أمريكيون حاليون وسابقون، إن الولايات المتحدة قبلت بواقع بقاء الأسد في السلطة. وفي الوقت الذي لن تعترف واشنطن بشرعية الأسد، إلا أنها ترى في أي محاولة تزيد من عدم استقرار سوريا خطرا محددا على الأمن القومي الأمريكي وعلى حلفائها بالمنطقة. ويتوقع معلقون أن تؤدي دبلوماسية المساعدات لفتح الباب أمام الدبلوماسية السياسية. وبالنسبة للأسد، فالتصالح مع الجيران يمكن أن يفتح الباب أمام الاستثمار في اقتصاده وعودة سوريا إلى الجامعة العربية، وهو اعتراف بشرعيته.
وفي الوقت الذي ابتعدت الولايات المتحدة عن التواصل مع الأسد طوال السنوات الماضية، إلا أن هناك أمثلة نادرة جرت فيها حوارات مباشرة وغير مباشرة، مثل محاولة إدارة دونالد ترامب التفاوض مع حكومة الأسد لتقديم معلومات عن الصحافي الأمريكي أوستن تايس المختفي في سوريا منذ عام 2012.
القدس العربي