الباحثة شذى خليل*
أكد مراقبون أن الوضع الاقتصادي في إيران ينهار بسبب فقدان الريال قيمته، وهذا بسبب تسيس الاقتصاد وتأثره بالتطورات الدولية، لا سيما مستجدات الملف النووي والتوتر مع الغرب، ومساندة إيران لروسيا، التي تنعكس مباشرة على زيادة العقوبات الأجنبية والتضييق على الاقتصاد الإيراني.
وتشير التقارير لوزارة العمل والرفاه الاجتماعي في إيران – نشر في يناير/كانون الثاني 2023- إلى أن خط الفقر ارتفع بنسبة 50% عام 2021 مقارنة مع عام 2020، وهذا يظهر انخفاض القدرة الشرائية لدى المواطن الإيراني.
ويرجع المحلل الاقتصادي بيمان مولوي هذا الأمر إلى ارتفاع مستويات التضخم في البلاد، الذي يوسع – برأيه – من حجم الطبقة الفقيرة لتلتهم بذلك الطبقة المتوسطة، وتشهد إيران تضخما سنويا يتجاوز 30% للعام الرابع على التوالي. وقال مولوي، يمكن وضع حد للتضخم، لكن إيران لم تنتهج سياسة نقدية لهذا الغرض، إضافة إلى انخفاض سعر العملة الوطنية، على حد قوله، ويضيف أن التضخم يضر بالطبقتين المتوسطة والفقيرة.
يتصف الوضع الاقتصادي في إيران كموضوع معقد وقلق لعدة عقود، فإيران دولة فيها نفط وغاز لكن الإدارة ضعيفة، حيث أن الوضع الاقتصادي في إيران تأثر بالعقوبات الدولية وعدم الاستقرار السياسي وسوء إدارة الموارد، وفي السنوات الأخيرة، أصبح الوضع أكثر صعوبة بسبب جائحة COVID-19 والانكماش الاقتصادي العالمي. بالإضافة إلى ذلك، يعتمد الاقتصاد الإيراني بشكل كبير على صادرات النفط والغاز، مما أدى إلى التقلبات والضعف أمام تقلبات الأسعار العالمية.
يخضع الاقتصاد الإيراني لعقوبات دولية منذ عدة سنوات. تم فرض العقوبات من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول أخرى، في المقام الأول رداً على برنامج إيران النووي، إذ أثرت هذه العقوبات بشدة على الاقتصاد الإيراني، مما حد من قدرتها على التجارة والوصول إلى الأسواق المالية الدولية. نتيجة لذلك، كافحت إيران لجذب الاستثمار الأجنبي، وانخفضت عملتها، الريال الإيراني، بشكل كبير مقابل العملات الرئيسية.
وساهم عدم الاستقرار السياسي وسوء إدارة الموارد أيضًا في مشاكل إيران الاقتصادية. لقد انتشر الفساد والمحسوبية وانعدام الشفافية، مما أدى إلى وضع تسيطر فيه مجموعة صغيرة من النخب على معظم موارد البلاد. وقد أدى هذا الوضع إلى التوزيع غير المتكافئ للثروة وأعاق التنمية الاقتصادية. علاوة على ذلك، أدى عدم الاستقرار السياسي والافتقار إلى المؤسسات الديمقراطية إلى ردع المستثمرين الأجانب عن الاستثمار في إيران.
أدى جائحة كوفيد -19 إلى تفاقم التحديات الاقتصادية الإيرانية. كانت إيران واحدة من أكثر البلدان تضرراً من الوباء، حيث تم تأكيد أكثر من 4 ملايين حالة إصابة وأكثر من 100000 حالة وفاة. أدى الوباء إلى انخفاضٍ كبير في النشاط الاقتصادي، لا سيما في قطاعي السياحة والضيافة. بالإضافة إلى ذلك، أثر الانكماش الاقتصادي العالمي على قدرة إيران على تصدير النفط والغاز، مما أدى إلى انخفاض الإيرادات الحكومية.
الحكومة الإيرانية طبقت بعض السياسات لمواجهة الصعوبات الاقتصادية لكنها دمرت المواطن الإيراني، حيث رفعت نسبة الضرائب وخفضت الدعم، لا سيما على الوقود والكهرباء. بالإضافة إلى ذلك، نفذت الحكومة سياسات نقدية تهدف إلى استقرار العملة والسيطرة على التضخم، لكن لهذه السياسات أيضًا عواقب سلبية على الإيرانيين العاديين. أدى بفعلها إلى خفض الإعانات وزيادة كبيرة في تكلفة المعيشة، وخاصة بالنسبة للأسر ذات الدخل المنخفض. مما أدى انخفاض قيمة التومان إلى تراجع القوة الشرائية للإيرانيين، خاصة بالنسبة للسلع المستوردة. وبدوره أدى هذا الوضع إلى احتجاجات واسعة النطاق واضطرابات اجتماعية في البلاد.
كما ساهم انخفاض التومان الى ارتفاع مستويات للبطالة والتضخم والفقر واضطرابات واحتجاجات اجتماعية.
التحديات الاقتصادية أسهمت في عدم الاستقرار السياسي، حيث انتقد العديد من الإيرانيين الحكومة لسوء الإدارة والفساد.
في الختام، فإن الوضع الاقتصادي في إيران معقد وصعب. ساهم باعتماد البلاد على صادرات النفط والغاز، وعدم الاستقرار السياسي، وسوء إدارة الموارد، والعقوبات الدولية، في التحديات الاقتصادية التي تواجه إيران.
وحدة الدراسات الاقتصادية / مكتب شمال امريكا
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية