الصين تزداد اقترابا من روسيا بينما يحشد بايدن لدعم أوكرانيا

الصين تزداد اقترابا من روسيا بينما يحشد بايدن لدعم أوكرانيا

بعد مرور عام على غزو روسيا لأوكرانيا، يبدو أن العالم يسير أكثر نحو تعدد الأقطاب حيث لا تبدي موسكو أي مبالاة بتسليح الولايات المتحدة لكييف وتحرك جو بايدن من أجل حشد حلف شمال الأطلسي والعقوبات المفروضة عليها، بل تبدي تقاربا مع الصين التي تؤكد في كل مرة دعمها الكلي للشراكة القائمة مع موسكو.

بكين – تعهدت الصين الأربعاء بتعميق التعاون مع روسيا فيما التقى الرئيس الأميركي جو بايدن قادة دول شرق حلف شمال الأطلسي، مما يسلط الضوء على التوترات الجيوسياسية قبيل الذكرى السنوية الأولى لبداية الغزو الروسي لأوكرانيا.

وفي أوكرانيا تدير المدارس الفصول الدراسية عبر الإنترنت لبقية الأسبوع خشية تصاعد الهجمات الصاروخية الروسية بعد مرور عام على بداية هجوم موسكو الشامل في 24 فبراير والذي فشل في الإطاحة بحكومة أوكرانيا ويتعثر منذ فترة طويلة.

ومن المقرر أن تبدأ روسيا مناورات عسكرية مع الصين في جنوب أفريقيا الجمعة، وأرسلت فرقاطة قيادية مزودة بجيل جديد من صواريخ كروز التي تفوق سرعتها سرعة الصوت. وقال مسؤول روسي الأربعاء إن روسيا ستطلق نيران أسلحة مدفعية سرعتها تجعل من الصعب إسقاطها، ولكنها ليست صواريخ.

وقال وزير الخارجية الصيني وانغ لي للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن بكين مستعدة لتعزيز العلاقات، وذلك خلال زيارة هي الأعلى مستوى لمسؤول صيني إلى روسيا منذ توقيع الدولتين شراكة “بلا حدود” قبل غزو أوكرانيا بأسابيع.

أكبر حرب برية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية تسفر عن نزوح الملايين من الأشخاص وتدمير مدن وبلدات وقرى وألحقت ضرر كبير بالاقتصاد العالمي

وأضاف وانغ أن وقت الأزمة يتطلب من روسيا والصين “مواصلة تعميق شراكتنا الإستراتيجية الشاملة”.

وتابع أن الصين مستعدة للعمل مع روسيا من أجل تنسيق تبادلات رفيعة المستوى واستئناف آلية الحوار والترويج لقدر أكبر من تطوير العلاقات الثنائية.

من جانبه قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إن روسيا مستعدة لتعزيز التنسيق والتعاون مع الصين على الساحة الدولية، والترويج لتطوير النظام الدولي بأسلوب منفتح ومعقول وأكثر عدالة.

وقال بوتين إنه يتطلع إلى شراكة أعمق وإلى زيارة يقوم بها الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى موسكو. ومن المتوقع أن يلقي شي “خطاب سلام” الجمعة.

وتقول كييف إنه لا يمكن الحديث عن السلام طالما بقيت قوات روسية في أوكرانيا.

وكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على تطبيق تيليغرام “يجب أن تنتهي هذه الحرب الروسية الإجرامية غير المبررة ضد أوكرانيا وأوروبا والعالم الديمقراطي بتطهير كامل الأراضي الأوكرانية من الاحتلال الروسي وضمانات قوية للأمن طويل الأجل لدولتنا ولأوروبا وللعالم بأسره”.

ورد بوتين على عدم إحراز تقدم في أوكرانيا بأنه سيستخدم الأسلحة النووية. وعلق مشاركة روسيا في معاهدة “نيو ستارت” للحد من الأسلحة النووية الثلاثاء، متهما واشنطن بتحويل الحرب إلى صراع عالمي من خلال تسليح أوكرانيا.

وفي خطاب للروس يذكر بزمن الحرب الباردة، تعهد بوتين أيضا بمواصلة هجومه العسكري بطريقة “منهجية” في أوكرانيا.

قال الرئيس الروسي “يريدون أن يلحقوا بنا هزيمة إستراتيجية ويهاجموا مواقعنا النووية، ولهذا السبب بات واجبا علي أن أُعلن أن روسيا ستعلّق مشاركتها في معاهدة نيو ستارت”.

ويعدّ هذا الاتفاق مع الولايات المتحدة الذي وُقع في العام 2010 آخر اتفاق ثنائي من نوعه يلزم القوتين بالحد من الأسلحة النووية. وكانت روسيا قد أعلنت في بداية أغسطس تعليق عمليات التفتيش الأميركية المخطّط لها في مواقعها العسكرية في إطار الاتفاق، مؤكدة أنّ هذه الخطوة جاءت ردا على العراقيل الأميركية أمام عمليات التفتيش الروسية في الولايات المتحدة.

وقالت وزارتا الخارجية والدفاع الروسيتان في وقت لاحق إن موسكو ستواصل الالتزام بالقيود التي تنص عليها معاهدة نيو ستارت الإستراتيجية للحد من الأسلحة النووية بشأن عدد الرؤوس النووية التي يمكن نشرها وعدد حاملات الصواريخ النووية. ووافق مجلس النواب الروسي على تعليق المعاهدة الأربعاء.

وأدى التوتر بشأن أوكرانيا إلى وقف عمليات التفتيش بالفعل بموجب المعاهدة التي تدعو الولايات المتحدة وروسيا إلى السماح لبعضهما البعض بفحص ترساناتهما النووية.

مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة سجل مقتل أكثر من ثمانية آلاف مدني في الحرب الأوكرانية
مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة سجل مقتل أكثر من ثمانية آلاف مدني في الحرب الأوكرانية
ثم اجتمع بايدن، الذي أكد دعمه لكييف خلال زيارة مفاجئة إلى أوكرانيا، الاثنين مع قادة الدول الأعضاء بحلف شمال الأطلسي في بولندا، وقال إن الغزو كان اختبارا للعالم بأسره لكن واشنطن وحلفاءها أظهروا أنهم سيدافعون عن الديمقراطية.

ورفض تأكيدات روسيا بأن الحلفاء الغربيين يسعون للسيطرة عليها أو تدميرها، واتهم موسكو بارتكاب جرائم ضد الإنسانية مثل استهداف المدنيين والاغتصاب. وتنفي روسيا ارتكاب جرائم حرب أو استهداف المدنيين.

وأرسلت الدول الأعضاء بحلف شمال الأطلسي وداعمون آخرون إلى أوكرانيا أسلحة وذخائر بعشرات المليارات من الدولارات. ويتعهدون منذ بداية العام بتزويدها بدبابات قتال حديثة رغم أنهم لم يقدموا بعد الطائرات المقاتلة التي تسعى كييف للحصول عليها من الغرب.

والتقى بايدن الأربعاء بقادة مجموعة “بوخارست التسع” التي تمثل دول الجناح الشرقي لحلف شمال الأطلسي، وهي: بلغاريا والمجر وإستونيا وليتوانيا ولاتفيا وبولندا ورومانيا وسلوفاكيا وتشيكيا.

ومعظم هذه الدول من بين أقوى المؤيدين لتقديم المساعدات العسكرية لأوكرانيا، ودعا مسؤولون من دول في المجموعة إلى تقديم موارد إضافية مثل أنظمة الدفاع الجوي.

وفي بداية الاجتماع أعاد بايدن تأكيد التزام الولايات المتحدة بأمن هذه الدول. وحرص على حضور هذا الاجتماع لإعادة التأكيد على أن دعم الولايات المتحدة لأمن حلف الناتو “لن يتزعزع”. وقال “أنتم خط المواجهة في دفاعنا الجماعي باعتباركم الجناح الشرقي لحلف شمال الأطلسي”.

وكتب رئيس ليتوانيا جيتاناس ناوسيدا في تغريدة الأربعاء “دعونا نزود أوكرانيا بكل الأسلحة التي تحتاجها لهزْم المعتدي… دعونا نواصل بناء دفاعاتنا. الجناح الشرقي من حلف شمال الأطلسي يجب أن يظل محل تركيزنا. لا يجب أن نترك نقاط ضعف”.

كما حذر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بكين من تزويد موسكو بأسلحة، وهو ما أثار غضب الصين.

لم يكن الغزو الروسي لأوكرانيا “حربا خاطفة” كما أرادها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. فبعد مرور سنة على اندلاعها لا يزال الغموض يلف كيفية التوصل إلى نهاية لها.

ويشهد شرق أوكرانيا بعضا من أشرس معارك الحرب ويتوقع مسؤولون أوكرانيون أن تكثف روسيا هجماتها بالصواريخ والطائرات المسيرة في الأيام المقبلة مع حلول الذكرى الأولى لبدء الغزو.

وعانت روسيا من ثلاث انتكاسات كبيرة في ساحة المعركة بأوكرانيا العام الماضي لكنها لا تزال تسيطر على ما يقرب من خُمس البلاد. وشنت هجوما واسعا في الأسابيع الأخيرة على الأقاليم الشرقية، ولم تحقق حتى الآن سوى مكاسب هامشية رغم تكبدها بعضا من أكبر الخسائر في الحرب.

وقال الجيش الأوكراني إن “مدينة باخموت، بؤرة اهتمام روسيا للتقدم في منطقة دونيتسك الشرقية، تعرضت للقصف إلى جانب 20 تجمعا سكنيا آخر في المنطقة”.

وقال حاكم منطقة لوجانسك المجاورة سيرهي هايداي إن “أوكرانيا صدت هجمات مكثفة لروسيا حول بلدة كريمينا في الشمال، ودمرت العديد من دباباتها”.

وذكر هايداي للتلفزيون الأوكراني أن “الاختراق فشل والوضع مستقر”.

وصرح مسؤولون محليون بأن مدنيين اثنين أصيبا في هجوم صاروخي روسي الأربعاء على منشآت صناعية في خاركيف، أكبر مدينة في شرق أوكرانيا.

وأسفرت أكبر حرب برية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية عن نزوح الملايين من الأشخاص وتدمير مدن وبلدات وقرى والإضرار بالاقتصاد العالمي. وسجل مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة مقتل أكثر من ثمانية آلاف مدني، وهو رقم يصفه بأنه مجرد “غيض من فيض”.

العرب