انتشار المسيرات الإيرانية على الحدود المغربية يضاعف الهواجس الأمنية للرباط

انتشار المسيرات الإيرانية على الحدود المغربية يضاعف الهواجس الأمنية للرباط

كيب تاون – يثير وجود الطائرات المسيّرة الإيرانية على الحدود المغربية مخاوف جدية، يحذر منها مسؤولون مغاربة، وتهدد جميعها أمن المغرب واستقراره وتمنح إيران توسعا أكبر في أفريقيا التي تعيش على وقع اضطرابات أمنية واقتصادية، وهو ما يستدعي تحركا سريعا من القوى الدولية، وفق محللين.

ومنذ أشهر، وجّهت المملكة المغربية الانتباه إلى التهديد الذي تشكله مبيعات الطائرات الإيرانية المسيّرة إلى الجزائر، حيث ينوي مقاتلو جبهة بوليساريو الانفصالية نشرها.

وسلّط كبار المسؤولين المغاربة في نهاية السنة المنقضية الضوء على التحالف الجديد بين إيران والجزائر. ورافق هذا تصريحات المسؤولين الإيرانيين أنفسهم حول بيع طائرات دون طيار إلى الجزائر كجزء من صفقة أسلحة كبيرة. كما لفت مسؤولون كبار في المغرب الانتباه إلى تصريحات جبهة بوليساريو حول استلام طائرات مسيرة وأسلحة أخرى من الجزائر مع التدريب وتطوير البنية التحتية لتشغيلها.

وهددت جبهة بوليساريو الانفصالية في أواخر العام الماضي باستخدام طائرات دون طيار ضد القوات المسلحة الملكية المغربية المتمركزة على طول جدار الصحراء المغربية الدفاعي. وتزامن الإعلان مع استعداد زعيم بوليساريو إبراهيم غالي لإطلاق حركة عسكرية من تندوف ضمن “حرب الاستنزاف” التي تشنها الجبهة ضد المغرب.

وكشف عمر منصور وهو مبعوث جبهة بوليساريو إلى الرئيس الموريتاني عن ذلك في مؤتمر صحافي في نواكشوط. وهدد بأن “الجيش الصحراوي سيستخدم قريبا طائرات مسلحة دون طيار في حرب الاستنزاف في الصحراء”.

ويقول المحلل السياسي كيران بيكر في تقرير لموقع ميليتاري أفريكا، إن وجود الطائرات الإيرانية المسيّرة على الحدود المغربية يشكّل مصدر قلق للمملكة، حيث يمكن استخدامها للمراقبة والاستطلاع وحتى العمليات العسكرية. وهي تتمتع بقدرة على مسح مساحات شاسعة من الأراضي المغربية، مما يسمح للحكومة الإيرانية بالاطلاع على نشاط المملكة وتحركاتها. كما يمكن استخدام الطائرات دون طيار لتوفير معلومات استخبارية عن الجيش المغربي المنتشر حول مواقع بوليساريو، مما يعرضه للضربات الجوية وغيرها من أنواع العدوان الأخرى.

ويرجح المحلل أن يتزايد خطر تعرض المغرب للهجوم مع تزايد انتشار الطائرات الإيرانية دون طيار في المنطقة، مما يجعل من هذه المسألة أولوية يجب معالجتها.

لذلك فرضت القوات المسلحة المغربية منطقة حظر برية وجوية شرق الجدار الدفاعي ونشرت مجموعة متنوعة من الطائرات دون طيار، بما في ذلك مقاتلات بيرقدار تي.بي 2 التركية. وقد حذر وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المغربي ناصر بوريطة من حيازة الجماعات الإرهابية والانفصالية طائرات مسيرة مسلحة. وجاء تحذيره بعد أقل من أربع وعشرين ساعة من تهديد بوليساريو باستخدام طائرات دون طيار ضد المغرب.

وأعلن الممثل الدائم للمملكة المغربية لدى الأمم المتحدة في نيويورك عمر هلال أن إيران أصبحت في طريقها لتقويض الاستقرار في شمال أفريقيا بعد أن زعزعت استقرار سوريا واليمن والعراق ولبنان، مؤكدا أن ذلك “لن يشكل خطرا على المغرب فقط، ولكن على كل دول المنطقة”.

وتتزايد المخاوف في أفريقيا من أن إيران تلعب دورا رئيسيا في زعزعة استقرار المنطقة عبر دعم وكلاء إرهابيين مع تركيز الغرب على الدور الذي تلعبه الطائرات دون طيار الإيرانية في أوكرانيا. ومن المعروف أن إيران تلعب دورا مهما في غرب أفريقيا بعد أن دعمت حزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، وفاطميون في أفغانستان.

ويشمل نهج إيران المعتاد لتحقيق التدخل الأجنبي تحديدَ الحروب بالوكالة ثم تقديم الدعم للجهات الفاعلة غير الحكومية التي تحتاج إلى الأسلحة.

كما تعتمد إيران قوتها الناعمة من خلال التعليم والزواج لغرس وجودها في شمال أفريقيا. وتوفّر الأسلحة والتدريب وأنواعا أخرى من الدعم بمشاركة مجموعة من الدول الأخرى للميليشيات في المنطقة وتلعب دورا نشطا في منطقة الساحل مع مجموعات مختلفة.

وأثار المغرب، الذي يعدّ من أقدم حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، مخاوف منذ 2006 وذكر أن المنطقة أصبحت أرضا خصبة ومصدّرة لجيل جديد من الإرهابيين.

ويتزايد القلق في أفريقيا من أن الدعم والمواد التي توفرها إيران وغيرها من الجهات الخبيثة للأفراد في شمال القارة قد يسببان زيادة في الهجمات وعدم الاستقرار.

وتُشنّ الهجمات ضد السكان المحليين والقوات الغربية في المنطقة كالقوات الخاصة الفرنسية والأميركية التي أكدت بالفعل سقوط ضحايا.

ويشدد المحلل بيكر على أن مدّ إيران والجزائر لجبهة بوليساريو بالطائرات المسيّرة وانتشارها المحتمل إلى مجموعات أخرى يعدّ تصعيدا كبيرا في قدراتها الهجومية.

وأصبح المغرب في الخطوط الأمامية مرة أخرى، وقد عانى من هجمات إرهابية مدمرة في الماضي بسبب دوره الموالي للغرب واعتباره جدار حماية ضد التطرف الإسلامي.

المخاوف تتزايد في أفريقيا من أن إيران تلعب دورا رئيسيا في زعزعة استقرار المنطقة عبر دعم وكلاء إرهابيين

وتبرز أوكرانيا كمثال على أن الطائرات المسلحة دون طيار توفر قدرة على مهاجمة الأهداف من مسافة بعيدة. ويعادل وجود طائرات دون طيار تحت سيطرة جبهة بوليساريو المدعومة من الجزائر على حدود المغرب انتشار الصواريخ الروسية في كوبا.

ويخشى مراقبون مستقلون ومسؤولون مغاربة ضياع هذا التهديد الحقيقي في ضباب غزو أوكرانيا والتركيز على بالونات التجسس الصينية وزلزال تركيا وسوريا.

وينتج المجمع الصناعي العسكري الإيراني المتنامي ويشحن الطائرات القتالية المسيّرة والأسلحة بما في ذلك الصواريخ والقنابل العنقودية لإذكاء الصراعات وعدم الاستقرار في جميع أنحاء العالم.

ويرى بيكر أن تركيز العالم يتواصل على أوكرانيا بينما يجب أن تكون مبيعات إيران للأسلحة وقدرتها على الالتفاف على العقوبات لتوليد إيراداتها سببا رئيسيا للقلق الغربي.

كما يجب أن يلقى المحور الجزائري – الإيراني المرتبط بالمغرب وجبهة بوليساريو مزيدا من الاهتمام من الولايات المتحدة وغيرها من الأطراف التي تميل إلى اعتبار الصدام مجرّد نزاع بين الجيران. فقد تتحول بوليساريو إلى وكيل لإيران والجزائر اللتين تبنيان قدراتهما لمهاجمة حليف للولايات المتحدة.

وبينما يندرج الغزو الروسي لأوكرانيا ضمن إستراتيجية أوسع لـ”إصلاح الكتلة السوفياتية”، يجب أن يُنظر إلى مشاركة إيران مع الجزائر على أنها جزء من هدفها المتمثل في تأسيس هيكل نفوذ يمتد من الشرق الأوسط عبر شمال أفريقيا إلى غرب القارة. ويبرز المغرب هنا بصفته منطقة عازلة رئيسية بين هذه المناطق ونقطة ذات أهمية حاسمة.

وفي هذا السياق الأوسع يبرز خطر حقيقي، ويدق المغرب ناقوس الخطر كما في الماضي. وسيشهد العالم سيناريو كارثيا ما لم يستمع إلى تحذيرات المملكة مع انتشار الطائرات دون طيار على حدودها، حيث سيصبح المحور الإيراني – الجزائري أقوى وأكثر خطورة على المنطقة.

العرب