وتركز الدعم الغربي لتركيا في تلك المواجهة على الجانب العسكري من خلال الناتو وعلى الجانب الدبلوماسي، بينما لا تزال معالم هذا الدعم غير واضحة على الجبهة الاقتصادية التي اختارتها موسكو كساحة أولى للرد على أنقرة بفرض عقوبات عليها. وبدأ الدعم الغربي لأنقرة في تلك الأزمة بتأكيد الرواية التركية لحادثة إسقاط طائرة سوخوي24
الروسية في 24 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، إذ تصر تركيا على أن الطائرة اخترقت أجواءها ولم تعد إلى السماء السورية رغم التحذيرات، في المقابل تقول روسيا إن طائرتها كانت تحلق في الأجواء السورية.
وقد بادر الناتو في اليوم ذاته إلى عقد اجتماع طارئ لأجل الموضوع في مؤشر على دعمه لتركيا، وفي الأيام التالية سعت بلدان الحلف في مناسبات كثيرة لطمأنة أنقرة بشأن تداعيات الاختراق الروسي لمجالها الجوي.
وفي تحرك ملموس، بادر أعضاء في الحلف إلى سد تلك الفجوة الناجمة عن القرار الذي اتخذته ألمانيا والولايات المتحدة قبل عدة أسابيع، بنقل بطاريات صواريخ باتريوت تابعة لهما من تركيا.
إجراءات متواصلة
ويرجح أن تتواصل إجراءات الدعم الغربي في القادم من الأيام بإرسال أعضاء الحلف مزيدا من السفن إلى شرق البحر المتوسط، ومزيدا من الطائرات إلى القاعدة التركية في إنجيرليك، ومزيدا من بطاريات الدفاع الصاروخي لتعزيز الدفاعات الجوية التركية على الحدود مع سوريا.
وفي خطوة دبلوماسية غير ذات صلة بالأزمة لكن توقيتها يعزز موقف أنقرة، قرر الاتحاد الأوروبي فتح الباب مجددا أمام استئناف مفاوضات انضمام تركيا للاتحاد بتوقيع الطرفين اتفاقا تاريخيا تتلقى بموجبه أنقرة ثلاثة مليارات يورو لمساعدة اللاجئين السوريين في تركيا، مقابل مساعدة تركية في وقف تدفق الهجرة إلى بلدان الاتحاد.
وفي تداعيات الأزمة وما تلاها من اتهامات روسية لتركيا بشراء النفط من تنظيم الدولة الإسلامية، بادرتالولايات المتحدة إلى نفي ذلك، وصنفت وزارة الخزانة الأميركية أربعة أشخاص -بينهم روس- وست شركات ضمن قائمتها السوداء، للعبهم دور الوسيط بين النظام السوري وتنظيم الدولة في صفقات النفط.
كما دخلت ألمانيا على الخط وقالت إن لديها وثائق تثبت أن النظام السوري يشتري الكمية الأكبر من نفط تنظيم الدولة، بعد أن تراجع إنتاجه من تلك المادة بشكل كبير مند اندلاع الأزمة ليصل إلى 14 ألف برميل يوميا فقط.
وفي تحرك غربي آخر أزعج روسيا، وجّه الناتو أمس الأربعاء الدعوة رسميا إلى جمهورية الجبل الأسود لبدء المفاوضات على شروط انضمامها للحلف، وهو ما وصفته عدة أطرف بأنه قرار تاريخي بالنسبة لذلك البلد الصغير ولبلدان غرب البلقان جمعاء.
مستقبل الدعم
وعلى الجبهة الاقتصادية، لم تصدر عن بلدان الجوار الأوروبي أي تحركات أو تصريحات بعد أن قررت روسيا سلسلة من العقوبات الاقتصادية، أولها قرار غلق الأبواب أمام صادرات تركيا من المواد الغذائية والزراعية التي تقدر قيمتها بحوالي 764 مليون دولار سنويا. ويرجح أن تمتد تلك العقوبات لقطاعات أخرى وأن ترد تركيا على ذلك.
ورغم بعض بوادر الانفراج على ضوء لقاء اليوم بين وزيري الخارجية الروسي والتركي، على هامش اجتماع منظمة الأمن والتعاون في أوروبا في العاصمة الصربية بلغراد، فإن روسيا تؤكد على لسان الرئيس فلاديمير بوتين أنها “لن تنسى أبدا” إسقاط مقاتلتها، وأن الأتراك “سيندمون على ما فعلوه”.
وأمام ذلك الإصرار الروسي، يبقى السؤال قائما عن مدى دعم الغرب لتركيا إذا اختارت روسيا الرد العسكري خارج مجال الناتو، وتحديدا في الساحة السورية حيث تسعى تركيا وأطراف دولية أوروبية أخرى إلى إقامة منطقة آمنة شمال البلاد، وسبق لها أن وفرت إسنادا جويا للمعارضة لاستعادة السيطرة على مواقع لتنظيم الدولة بريف حلب.
المحفوظ فضيلي
الجزيرة نت