أي انفتاح اقتصادي سعودي نحو إيران يصطدم بمنظومة العقوبات الأميركية

أي انفتاح اقتصادي سعودي نحو إيران يصطدم بمنظومة العقوبات الأميركية

الرياض- تسعى السعودية لتكرار نجاحها في التعامل مع العداء التركي وفتح أبواب دبلوماسية واقتصادية موصدة مع إيران، لكن أي انفتاح اقتصادي نحو طهران سيصطدم بمنظومة معقدة للعقوبات الأميركية ضد إيران.

وفي أول ردّ أميركي لوّح أعضاء من الكونغرس بتحريك ورقة حقوق الإنسان ضد السعودية واللجوء إلى قانون نوبك لمعاقبتها من دون الإشارة إلى موضوع الاتفاق بين الرياض وطهران، وإن كان تزامن الموقف الأميركي مع الإعلان عن الاتفاق يرجّح أن يكون تحرك أعضاء الكونغرس مدروسا ويهدف إلى إظهار غضب واشنطن على الخطوة السعودية.

وقال وزير المالية السعودي محمد الجدعان إن الاستثمارات السعودية في إيران يمكن أن تحدث سريعا جدا بعد اتفاق، مما يعطي دفعا اقتصاديا لمبادرة دبلوماسية للتقارب بين السعودية وإيران رعتها الصين بعد سنوات من العداء بين البلدين.

◙ فرق بين دعم السعودية لأردوغان وبين إبداء الرغبة في الاستثمار بإيران، الأول لا إشكال له مع أميركا أما الخيار الثاني فيثير غضبها

وأضاف الجدعان خلال مؤتمر القطاع المالي في الرياض “هناك الكثير من الفرص لاستثمارات سعودية في إيران. لا نرى عوائق طالما سيتم احترام بنود أيّ اتفاق”.

واتفقت إيران والسعودية الجمعة الماضية على إعادة العلاقات بينهما بعد عداء لسنوات هدد استقرار منطقة الخليج وأمنها، وساهم في تأجيج صراعات في الشرق الأوسط في دول منها اليمن وسوريا.

ويحذر مراقبين من أن المقاربة السعودية للتعامل مع تركيا، وكيف أن الموقف تغير تماما من العداء إلى دعم مالي سعودي سخي، تختلف تماما عن العلاقة مع إيران التي قد يستجلب الاستثمار المالي السعودي فيها ردا أميركيا متشددا.

وكانت السعودية أعلنت الاثنين قبل الماضي أنها ستقوم بإيداع 5 مليارات دولار في البنك المركزي التركي. وقال مصرفيون أتراك الثلاثاء إن وديعة الصندوق السعودي للتنمية قد دخلت حسابات البنك المركزي التركي.

وتنهي هذه الخطوة قطيعة بين المملكة وتركيا، كما تظهر أن القيادة السعودية قد تجاوزت الإساءات الصادرة عن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشأنها على خلفية مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول.

لكن مراقبين يقولون إن هناك فرقا كبيرا بين الدعم السعودي المقدم لأردوغان، وبين إبداء الرغبة في الاستثمار بإيران، ذلك أن الرئيس التركي لا إشكالات معه أميركيا فيما تمنع العقوبات الأميركية الاستثمار في إيران بأيّ شكل، محذرين من أن تمسك السعودية بهذه الخطوة قد يقود إلى قطيعة حقيقية بينها وبين الولايات المتحدة.

ومن شأن الاستثمار في إيران أن يطلق أيادي اللوبيات المناوئة للمملكة، والتي تطالب بفرض عقوبات عليها وفق مبررات متعددة منها ورقة حقوق الإنسان، وقرار خفض إنتاج النفط، والعلاقة مع روسيا.

وقدم عضوان بمجلس الشيوخ أحدهما من الحزب الديمقراطي والآخر من الحزب الجمهوري مشروع قرار الأربعاء قد يجبر إدارة الرئيس جو بايدن على إعداد تقرير عن سجل حقوق الإنسان في السعودية وربما يؤدي إلى إعادة تقييم المساعدة الأمنية الأميركية للمملكة.

وقدم الديمقراطي كريس ميرفي والجمهوري مايك لي مشروع القرار بموجب بند من قانون المساعدة الخارجية يسمح للكونغرس بالتصويت لطلب معلومات حول ممارسات حقوق الإنسان في بلد معين.

وإذا نال مشروع القرار الموافقة، سيتعين على الإدارة الأميركية تقديم التقرير في غضون 30 يوما، أو ستتوقف جميع المساعدات الأمنية للبلد تلقائيا.

وبعد تلقي التقرير، ينص القانون على أنه يجوز للكونغرس تبني قرار مشترك من مجلسي النواب والشيوخ لإنهاء أو تقييد المساعدة الأمنية لتلك الدولة أو السماح باستمرارها.

وقال ميرفي، الذي يرأس اللجنة الفرعية للشرق الأوسط التابعة للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، إن هذه هي المحاولة الأولى للاستفادة من البند القانوني.

◙ المقاربة السعودية للتعامل مع تركيا تختلف تماما عن العلاقة مع إيران التي قد يستجلب الاستثمار المالي السعودي فيها ردا أميركيا متشددا

وفي العام الماضي، كانت هناك دعوات لتجميد التعاون مع السعودية، بما في ذلك معظم مبيعات الأسلحة، وسط اتهامات بأنها ساعدت في استمرار الحرب الروسية مع أوكرانيا بعد إعلان تحالف أوبك+ خفض إنتاج النفط.

والمملكة مشتر رئيسي للأسلحة الأميركية ومعدات الطيران. ووافقت شركتا طيران سعوديتان هذا الأسبوع على شراء 78 طائرة من إنتاج شركة بوينغ مع خيار يتيح شراء 43 طائرة أخرى. ويبلغ إجمالي سعر 78 طائرة ما يقرب من 37 مليار دولار.

ويستبعد المراقبون أن تلجأ السعودية بشكل عملي للاستثمار في إيران، معتبرين أن حديث وزير المالية السعودي يهدف إلى توجيه رسالة إلى الأميركيين مفادها أن بلاده ماضية في سياسات تنويع الشركاء وتقييم العلاقات الخارجية وفق مصالحها، وأن قرارها لا يمكن أن يخضع لأيّ ضغوط من أيّ جهة كانت.

وقال الجدعان إن هناك الكثير من الفرص المتاحة في إيران وإن السعودية أيضا بها العديد من الفرص للإيرانيين.

وضمن مساعي إيران للانفتاح على دول الخليج، ذكرت صحيفة “اعتماد” الإيرانية الأربعاء أن أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني سيزور الإمارات قريبا.

وأعادت الإمارات سفيرها إلى إيران في سبتمبر الماضي، بعد خفضها مستوى العلاقات الدبلوماسية مع الجمهورية الإسلامية لأكثر من ست سنوات.

العرب