سوريا تعتزم إعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة مع تونس

سوريا تعتزم إعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة مع تونس

دمشق – تعتزم دمشق تعيين سفير لها في تونس إثر مبادرة الرئيس التونسي استئناف العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين التي انقطعت منذ بداية النزاع في سوريا، على ما جاء في بيان مشترك أوردته وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).

ويأتي تبادل التمثيل الدبلوماسي بين البلدين، في وقت تشهد سوريا انفتاحاً غير مسبوق تجاهها من دول غربية عدة خصوصاً بعد الزلزال المدمر التي ضربها وتركيا المجاورة في فبراير.

وأتى البيان المشترك بين دمشق وتونس قبل اجتماع لدول مجلس التعاون الخليجي إضافة إلى الأردن ومصر والعراق يعقد الجمعة في مدينة جدّة للبحث في وجهات النظر تجاه عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية بعد انقطاع منذ 2012.

ونقلت سانا عن البيان المشترك أنه “تجاوباً مع مبادرة رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيد بتعيين سفير لدى الجمهورية العربية السورية، أعلنت الحكومة السورية عن موافقتها الفورية على هذا التعيين، وقررت إعادة فتح السفارة السورية بتونس، وتعيين سفير على رأسها في الفترة القليلة القادمة”.

وأضاف البيان أنه “حرصاً من الجانبين على إعادة العلاقات السورية التونسية إلى مسارها الطبيعي، يتواصل التشاور والتنسيق بين وزيري الخارجية في البلدين”.

وكان سعيد طلب في الثالث من الشهر الحالي من وزارة الخارجية بدء إجراءات تعيين سفير تونسي في دمشق. وأتى ذلك بعد إعلانه إعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، معتبراً أنه “ليس هناك ما يبرر” عدم تبادل السفراء بين البلدين.

وأرسلت تونس طائرات إغاثة إلى سوريا تتضمن فرق إنقاذ وحماية مدنية والتي وصلت إلى مطار حلب الخاضع لسيطرة حكومة بشار الأسد.

وفي العام 2012، لحقت تونس بركب دول عربية عدة وقطعت علاقتها الدبلوماسية مع دمشق خلال عهد الرئيس المؤقت المنصف المرزوقي في خطوة قوبلت بانتقادات شديدة من أطراف معارضة والشارع التونسي.

وفي العام 2015، اتخذت تونس أولى الخطوات الدبلوماسية تجاه سوريا مع تعيين ممثل قنصلي لها في دمشق، للمساعدة في تعقب أكثر من 3000 مقاتل تونسي سافروا إلى سوريا للانضمام لجماعات إسلامية متطرفة.

وخلال عقد من حكم هيمن عليه الإسلاميون بقيادة حركة النهضة، التحق بالتنظيمات المتطرفة آلاف الجهاديين التونسيين منهم من قتل ومنهم من اعتقلته قوات النظام السوري وبعضهم عاد إلى البلاد.

وينظر القضاء في واحدة من القضايا الإرهابية المعقدة تتعلق بتسفير الجهاديين التونسيين إلى بؤر التوتر والذين قدرت الأمم المتحدة عددهم في السنوات التي أعقبت اندلاع النزاع السوري بما بين 5 إلى 6 آلاف جهادي.

ويحقق القطب القضائي لمكافحة الإرهاب مع قيادات في حركة النهضة بشبهة التورط في ملف التسفير ومن بينهم نائب رئيس الحركة رئيس الحكومة الأسبق علي العريض.

وإعادة العلاقات الدبلوماسية مع دمشق قد تفيد كثيرا التحقيقات المتعلقة بتسفير الجهاديين التونسيين إلى سوريا وقد تفتح الكثير من الملفات مع وجود معتقلين تونسيين من تنظيم داعش في سجون النظام السوري.

ويرجح كذلك أن النظام السوري يمتلك الكثير من الملفات التي قد تفيد تونس في مكافحة الإرهاب، بعد أن بثت وسائل إعلام سورية رسمية خلال السنوات الماضية شهادات لجهاديين تونسيين كشفوا فيها رحلة السفر إلى سوريا من بداية التجنيد والاستقطاب إلى مراكز التجميع في ليبيا وصولا إلى نقلهم في رحلات جوية على متن طائرات تابعة لشركة أحدثها أحد أمراء الحرب وقائد سابق في الجماعة الليبية المقاتلة، إلى مرحلة دخول الأراضي السورية عبر الحدود من تركيا دون عراقيل.

وقال المعتقلون التونسيون في تلك الشهادات أنه جرى تسهيل سفرهم إلى ليبيا ومنها إلى اسطنبول حتى دخول الأراضي السورية، دون عراقيل.

وسبق لقيادات سياسية من المعارضة أن اتهمت حركة النهضة بالتورط في تسفير جهاديين، وهي ما نفته مرارا، بينما أعيد مؤخرا فتح الملف الذي ظل حبيس الرفوف حين كان القيادي في حركة النهضة نورالدين البحيري وزيرا للعدل.

واعتقل البحيري وخضع للتحقيق قبل أن يمنح سراحا شرطيا مع المنع من السفر وذلك على ذمة التحقيقات ومنها ما يتعلق ببيع الجنسية التونسية وجوازات سفر لأجانب.

وإثر اندلاع النزاع في سوريا العام 2011، قطعت دول عربية عدة خصوصا الخليجية علاقاتها الدبلوماسية مع سوريا وأغلقت سفاراتها، كما علقت جامعة الدول العربية عضوية دمشق.

إلا أنه برزت خلال السنوات القليلة الماضية مؤشرات انفتاح عربي تجاه دمشق بدأت مع إعادة فتح الإمارات لسفارتها فيها العام 2018. وقد زار الرئيس السوري الإمارات مرتين منذ ذلك الحين، آخرها في مارس الماضي.

كما زار سلطنة عمان في 20 فبراير الماضي، وذلك بعد نحو يومين من تصريح وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود في منتدى ميونخ للأمن بأن إجماعا بدأ يتشكل في العالم العربي على أنه لا جدوى من عزل النظام السوري، وأن الحوار مع دمشق مطلوب “في وقت ما”، حتى تتسنى على الأقل معالجة المسائل الإنسانية، بما في ذلك عودة اللاجئين.

لكن منذ وقوع الزلزال المدمّر، تلقى الأسد سيل اتصالات ومساعدات من قادة دول عربيّة، في تضامن يبدو أنه سرّع عملية تطبيع علاقاته مع محيطه الإقليمي. وبرز ذلك أيضاً في هبوط طائرات مساعدات سعودية في مناطق الحكومة، هي الأولى منذ قطع الرياض علاقاتها مع دمشق.

وتجري السعودية وسوريا مباحثات تتعلّق باستئناف الخدمات القنصلية بعد قطيعة مستمرة منذ سنوات نتيجة إغلاق الرياض سفارتها في دمشق على خلفية موقفها المناهض للنظام، حسب ما أفاد به مسؤول في وزارة الخارجية السعودية مؤخرًا.

العرب