تهديد الطائرات دون طيار الإيرانية قد يباغت الغرب

تهديد الطائرات دون طيار الإيرانية قد يباغت الغرب

واشنطن – على الرغم من المحادثات النووية المتوقفة مع أوروبا والولايات المتحدة ، ووسط الاضطرابات الشعبية المتزايدة في الداخل، هناك دلائل واضحة على أن البرامج العسكرية الإيرانية آخذة في النضج وأن طموحاتها الإقليمية في الشرق الأوسط آخذة في النمو نتيجة لذلك، ما يحتم على الحكومات الغربية أن تكون قلقة.

وفي أواخر سبتمبر شن الجيش الإيراني هجومًا على الأراضي الكردية في العراق المجاور. وكانت الضربات، التي شملت طائرات دون طيار محلية الصنع متبوعة بإطلاق صواريخ موجهة إلى أربيل المركز السياسي للقوة الكردية في العراق.

ومن المفترض أن تلك الضربات كانت تهدف إلى تشتيت الانتباه عن القضايا الداخلية لإيران وكذلك “معاقبة” الأكراد في العراق لدعمهم الإيرانيين المحتجين في الداخل. لكن هذا الهجوم يمكن أن يكون بمثابة نذير لأشياء قادمة. ولفهم السبب من الضروري دراسة تطور البرنامج الإيراني للطائرات دون طيار.

المسيرات ولا سيما تلك التي تستخدم كذخائر متسكعة أصبحت عنصرا رئيسيًا في تكتيكات الحرب منخفضة الكثافة

وعلى الرغم من العقوبات الدولية المستمرة والاقتصاد الباهت، كان تطوير صناعة الطائرات دون طيار المستدامة مجال تركيز مكثف للمسؤولين الإيرانيين في السنوات الأخيرة .

وبحلول أوائل عام 2010 أصبح من الواضح أن طموحات السياسة الخارجية للبلاد وتطورها العسكري كانت غير متطابقة بشكل كبير. وأدركت طهران أنها في حاجة إلى معدات عسكرية أكثر تطوراً يمكن استخدامها بسهولة في النزاعات غير المتكافئة التي تورطت فيها الجمهورية الإسلامية.

وكانت أحد أبرز نتائج هذا الإدراك برنامج مكثف لتطوير منصات غير مأهولة رخيصة وقابلة للاستهلاك. وشملت هذه الطائرات دون طيار المستخدمة فقط للمراقبة والاستطلاع، وتلك التي يمكنها إطلاق صواريخ جو – أرض، وطائرات دون طيار من طراز “كاميكازي” التي يمكن أن تكون بمثابة ذخائر متسكعة.

وبدورها، أعطتها الطائرات بون طيار العديدة التي صممتها إيران مجموعة واسعة من الخيارات الإستراتيجية في سعيها للهيمنة الإقليمية.

والنتائج واضحة. فعلى سبيل المثال استخدمت الطائرات دون طيار الإيرانية لعدة سنوات من قبل الحوثيين لشن هجمات على الأراضي السعودية، وباستخدام التكنولوجيا الإيرانية هدد الحوثيون دولة الإمارات العربية المتحدة المجاورة أيضًا.

لكن وكلاء إيران ليسوا المستفيدين الوحيدين من جهود طهران القوية وبشكل متزايد باستخدام الطائرات دون طيار كذلك روسيا فلاديمير بوتين التي أصبحت تعتمد على تكنولوجيا الطائرات دون طيار الإيرانية كمعادل من نوع ما في صراعها الحالي مع أوكرانيا.

ووسط النكسات في ساحة المعركة والافتقار الواضح إلى الاستراتيجية لجأ الكرملين في الأسابيع الأخيرة إلى طهران للمساعدة في تجديد مخزونات روسيا المتضائلة بسرعة من الأسلحة الدقيقة. وكانت النتيجة عمليات تسليم متعددة للطائرات دون طيار الإيرانية والتي استخدمها الجيش الروسي منذ ذلك الحين في مهام “كاميكازي” ضد المراكز السكانية الأوكرانية وكذلك للحصول على بيانات قتالية.

وأصبحت الطائرات دون طيار الإيرانية، وخاصة تلك التي تعمل كذخائر متسكعة، عنصرًا رئيسيًا في تكتيكات الحرب منخفضة الكثافة التي تتبعها طهران.

وفي العراق تعمل الطائرات دون طيار الإيرانية كوسيلة فعالة من حيث التكلفة لزيادة نفوذها والاستجابة بسرعة للأحداث على الأرض.

وفي الخليج يوفرون وسيلة غير مباشرة لتهديد الخصوم والمنافسين الجيوسياسيين. وفي المنطقة الأوسع تمنح هذه القدرة طهران القوة لتهديد السفن البحرية وتجارة النفط المهمة التي تمر عبر مضيق هرمز، فيما استيقظت الحكومات الغربية على تهديد الطائرات دون طيار الإيرانية.

وسط النكسات في ساحة المعركة لجأ الكرملين إلى طهران للمساعدة في تجديد مخزونات روسيا المتضائلة بسرعة من الأسلحة الدقيقة

وكان قانون وقف الطائرات دون طيار الإيرانية، الذي تم التصويت عليه في مجلس النواب في الخريف الماضي، ردًا أوليًا جيدًا مصممًا لمنع إيران أو أيّ من وكلائها من الحصول على التكنولوجيا الفتاكة. لكن انتهى الإجراء بالموت قبل أن يصبح قانونًا، وذلك بفضل الخلاف بين مجلس النواب ومجلس الشيوخ.

ونتيجة لذلك، لا يوجد حاليًا أي تشريع على الكتب في الكونغرس الأميركي لاستهداف صناعة الطائرات دون طيار المزدهرة في إيران والمستفيدين المحتملين منها.

ويُحسب للسلطة التنفيذية أنها اتخذت خطوات للقضاء على تكنولوجيا الطائرات دون طيار الإيرانية حيث أعلن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة عن عقوبات على الكيانات والأفراد في إيران وتركيا الذين قاموا بتهريب قطع الغيار والمواد إلى إيران والتي تعتبر مهمة للطائرة دون طيار.

وتشكل الاستجابة الأميركية البطيئة لتهديد الطائرات دون طيار الإيرانية سابقة خطيرة، لأن عدم اتخاذ إجراء جاد من قبل الولايات المتحدة قد يجبر الجهات الفاعلة الأخرى في الشرق الأوسط على اتباع إستراتيجياتها الخاصة لتقليل قدرة إيران على تصنيع الطائرات دون طيار.

وتوضح الضربة الأخيرة على مصنع إيراني للطائرات دون طيار يُعتقد أن إسرائيل نفذتها هذه النقطة بوضوح.

وإذا كانت الأنشطة الإيرانية الأخيرة على الجبهة الأوكرانية والخليج تدل على أيّ مؤشر، فإن برنامج الطائرات دون طيار للجمهورية الإسلامية مهيأ لأن يصبح مصدر رزق لنظامها الديني، ومصدر قلق خطير للآخرين.

العرب