الحرس الثوري الإيراني يغزو العراق

الحرس الثوري الإيراني يغزو العراق

الحرس-الثوري

لعبة الروليت الروسية – الإيرانية في العراق، تواجه اليوم أخطر منعطفاتها الحاسمة بعد وصول التورط العسكري الإرهابي الإيراني في سورية لمنحنيات خطرة، فالإيرانيون ينزفون وبشدة في بطاح الشام، ويعانون من خسائر بشرية ومادية رهيبة أفقدتهم 50 من كبار جنرالاتهم في الحرس الثوري، ولم يسلم حتى قائد «فيلق القدس» للحرس الثوري قاسم سليماني الذي أضفوا عليه هالة أسطورية من القدرات من ضربات السوريين الموجعة التي جعلت النظام الإيراني يبكي ويتألم وبشدة لم يعرفوها منذ أيام الحرب العراقية – الإيرانية قبل 25 عاما من الزمان.

النظام الإيراني الذي تدخل في الشام لنصرة النظام الإرهابي القاتل ولضمان خط مصالحه الستراتيجية ومجاله الحيوي الممتد من أفغانستان وحتى بيروت مرورا ببغداد ودمشق، عاصمتي الخلافة الإسلامية، كان يتصور ان التدخل مجرد نزهة عابرة استنادا الى تجربة الحرس الثوري في قمع الثورة البنفسجية في الشارع الإيراني العام 2009، لكنه استيقظ على صدمة الخسائر الكبرى التي نزفها ولازال ينزفها في الأرض السورية هو وحلفائه من عصابات العراق ولبنان الطائفية، وهي خسائر لن تتوقف على إدماء الأنوف الإيرانية فقط، بل ستمتد الى ان تهشم أسس النظام الإيراني إن لم يسرع بالإنسحاب وترك سورية للسوريين!

لقد تحولت قضية قتل الإيرانيين واصطيادهم في الشام لمشروع شعبي سوري مقدس سيدخل التاريخ في نتائجه وتداعياته، المعركة مستمرة في الشرق القديم، والنظام الإيراني يتوقع أنها ستدك حصونه في العمق الإيراني، لذلك فهو في غاية الحرص على بناء الخط الدفاع الأول والأخير عن التخوم على تعزيز وجوده المركزي في العراق والذي تحول بدوره لضيعة إيرانية تهيمن عليها الضباع التي تربت طويلا في الأحضان الإيرانية الدافئة، فطاقم وزارة الداخلية العراقية مثلا طاقم إيراني بإمتياز، وكذلك الحال مع وزارة النقل، ومع قطاعات عديدة أضحت رهينة للسطوة الإيرانية المطلقة، ومع دخول مؤسسة الحشد الشيعي طور الهيمنة عبرت بقياداتها المعروفة المكونة من الثلاثي الإرهابي هادي العامري وأبو مهدي المهندس وقيس الخزعلي عن مركز قوة إيراني متقدم في العمق العراقي، وبما يمكن أن نسميه البذور الجينية الأولى لمؤسسة الحرس الثوري العراقي التي تطمع الأحزاب الشيعية الإيرانية بإعلانها بشكل رسمي!

وقد حدث تطور خطير في الأيام القليلة الماضية تمثل بإجتياح مفاجئ لمئات الألاف من الزوار الإيرانيين للحدود العراقية ودخولهم البلد من دون أوراق ثبوتية وبطريقة همجية غير مسبوقة تمثل حالة الانهيار الحقيقي للسيادة العراقية ولو شكليا، ولم تستطع الحكومة العراقية منع ماحدث، بل ان سمات التورط واضحة ولا تقبل الشك يحدث كل ذلك مع الحديث الاميركي المعلن عن قدوم قوات خاصة أميركية للتدخل في معارك العراق والشام ضد تنظيم الدولة، وهو ما أعتبرته ميليشيات إيران في العراق، ومعهم رئيس الحكومة ذاته حيدر العبادي خطا أحمر!.

وحيث أعربت عصابات «بدر» و«العصائب» وكتائب «حزب الله» عن استهدافهم للجنود الاميركيين إن دخلوا العراق، وهذا يعني نقل الحرس الثوري الإيراني المعارك للعمق العراقي من خلال وكلائه من أهل الأحزاب الشيعية وميليشياتها الإرهابية، ومع دخول مئات الآلأف من الشباب الإيراني المدرب للعراق بذريعة أداء مراسيم زيارة الأربعين يبدو واضحا ان الحرس الثوري الإيراني قد أدخل الآلاف من عناصره وعناصر «الباسيج» أو تعبئة المستضعفين للعراق لخوض المعارك المستقبلية. العراق اليوم تحول مستوطنة فشل، ومنطقة قتل وقتال بالنسبة للإيرانيين، وسيناريوهات الأيام القادمة تحمل من عناصر وصور الفوضى الإيرانية المهلكة الشيء الكثير. العراق في لجة الفوضى ومعاركه قد تمتد للعمق الخليجي المجاور، فالمشروع الإيراني يعيش لحظات الحسم والتحدي المؤذن بالإنهيار بعون الله… الإيرانيون في المصيدة وقد جعلوا شعب العراق رهينة لأطماعهم الدموية. سيشربون كؤوس سم الهزيمة بقوة بكل تأكيد. الحرس الثوري الإيراني هو اليوم في غزوة معلنة وواضحة وصريحة للعراق وبتواطؤ مخجل من قادته الفاشلين، إنها المحنة العراقية وقد أنتجت أبشع نتائجها المريضة.

  داود البصري

صحيفة السياسة الكويتية