انتهز رئيس إقليم كردستان نجيرفان بارزاني وجوده في فعاليات منتدى العراق المنعقد في العاصمة بغداد ليطلب من رئيس الحكومة الاتحادية محمد شياع السوداني التدخل كوسيط بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني.
وتشهد العلاقة بين الحزبين الرئيسيين في إقليم كردستان توترا، منذ أكثر من عام، ما أدى إلى تعليق فريق الاتحاد الوطني لنشاطه في الحكومة، وقد جرت محاولات من بعض القوى ولاسيما من الولايات المتحدة لحل الخلافات بين الطرفين، لكن ذلك لم يسفر عن أيّ نتيجة على الأرض.
وتساءل متابعون هل بإمكان السوداني فعلا النجاح في قيادة وساطة بين الجانبين، في وقت عجزت عن ذلك الإدارة الأميركية، وهل فعلا رئيس الحكومة الاتحادية على استعداد فعلا للتدخل على الخط فيما بغداد هي المستفيد الرئيسي من الانقسام الحالي.
وقال بارزاني على هامش فعاليات المؤتمر “نحن وبعد المصالحة بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني اتخذنا خطوات كبيرة معاً وتقدمنا بشكل كبير والرئيس الراحل جلال طالباني والرئيس مسعود بارزاني قاما بخطوات جيدة بهذا الصدد”.
وتابع بارزاني “عدم حضور الفريق الوزاري للاتحاد لا يخدم الحكومة فعندما تكون ضمن الحكومة تستطيع أن تتحدث عن المشاكل وسبل حلها، أنا ورئيس حكومة الإقليم (مسرور بارزاني) طلبنا منهم العودة لحل تلك المشاكل”.
وشكك رئيس الإقليم في إمكانية انسحاب الاتحاد الوطني من الحكومة قائلا إن “خروج الفريق الوزاري للاتحاد الوطني الكردستاني من حكومة إقليم كردستان غير صحيح، هذه وجهة نظري الشخصية، فالاتحاد شريك رئيسي في تشكيلها”.
◙ هل رئيس الحكومة الاتحادية مستعد فعلا للتدخل على الخط فيما بغداد هي المستفيد الرئيسي من الانقسام
ودعا بارزاني بغداد إلى “المساعدة في حل الخلافات مع الاتحاد الوطني الكردستاني”، مضيفا “أطلب من السوداني مساعدتنا في حل هذه المشكلة فهذا ليس في مصلحة إقليم كردستان ولا يخدم العراق أيضا”.
وبدأت الخلافات بين الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني بعد الانتخابات التشريعية التي جرت في العراق في أكتوبر 2021، حينما أصر الحزب الديمقراطي الذي يقوده الزعيم المخضرم مسعود بارزاني على تولي شخصية تابعة له رئاسة الجمهورية العراقية، على الرغم من وجود توافق ضمني بين الطرفين يقضي بأن يكون هذا المنصب من حصة الاتحاد الذي يتزعمه بافل طالباني.
وبرّر حزب بارزاني إصراره على المنصب بالحصة النيابية الوازنة التي حققها في الاستحقاق التشريعي، واستمر الموقف على حاله لنحو عام، قبل أن يجري اتفاق سياسي بين الفرقاء العراقيين بشأن الرئيس المقبل الذي ظل من حصة الاتحاد والممثل في الرئيس عبداللطيف رشيد.
وفي خضم ذلك، بدأ الخلاف بين الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني يتوسع ويتخذ أبعادا أخرى، وبلغ مرحلة خطرة باغتيال ضابط جهاز مكافحة الإرهاب التابع للاتحاد الوطني هاوكار جاف في أكتوبر الماضي، واتهم الحزب الديمقراطي الاتحاد الوطني بالوقوف خلف العملية في سياق عملية انتقامية وتصفية حسابات بين شقوق الحزب.
ودفعت هذه الاتهامات قيادة الاتحاد إلى التصعيد، وطالبت بإعادة النظر في آلية الحكم في الإقليم الواقع في شمال العراق، وايضا في عملية التصرف في الموارد المالية، متهمة الحزب الديمقراطي باحتكار السلطة والعمل على تهميش محافظة السليمانية (معقل الاتحاد).
وقد حاولت الإدارة الأميركية حلحلة الخلافات بين الجانبين، خشية خروج الوضع عن السيطرة، حيث أوفدت بريت ماكغورك، منسق البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى الإقليم في أكثر من مرة، لكن لم يتحقق أيّ اختراق عملي.
ويرى مراقبون أن الأزمة بين الحزبين الرئيسيين في كردستان، هي في جوهرها صراع على الزعامة والنفوذ، وأن كل طرف يسعى لتسيد المشهد الكردي، وهو يستند في ذلك إلى دعم دول الجوار.
ويشير المراقبون إلى أن طلب الرئيس بارزاني من بغداد التدخل لتقريب وجهات النظر بين الحزبين لا تعدو كونها محاولة للتسويق عن حرصه لتحقيق “المصالحة”، وإظهار أن الإشكال يكمن في الطرف المقابل أي الاتحاد.
ويلفت هؤلاء إلى أن بارزاني يدرك أكثر من غيره أن رئيس الوزراء العراقي لن يكون حريصا على التدخل ولعب دور الوسيط ذلك أن الصراع الدائر بين الطرفين يصب في صالح الحكومة المركزية التي تخوض منذ فترة نقاشا مع أربيل حول جملة من الملفات الخلافية، من بينها قانون النفط والغاز، وأنها تحاول في هذه الفترة الاستفادة قدر الإمكان من وجود تلك انقسامات.
وقال النائب عن الحزب الديمقراطي شريف سليمان، إن حزبه جاد في حسم القضايا الخلافية مع الاتحاد الوطني من خلال الحوار والنقاش، لافتا الى أهمية حسم الخلافات والتوجه نحو القضايا المشتركة بين الحزبين.
واعتبر سليمان في تصريحات صحفية أن “الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي لديهما قضية مشتركة واحدة داخل البيت الكردي حيث يؤمن الجانبان بأهمية الإسراع بحل الخلافات بينهما”. وأضاف أن “الحزب الديمقراطي يقف إلى جانب حل جميع الخلافات والاختلافات مع الاتحاد الوطني الكردستاني وهناك جدية في هذا الأمر، وذلك من خلال تقارب الحزبين أو بتدخل أطراف أخرى من أجل عودة العلاقة بين أبناء البيت الواحد”.
وخلال زيارته إلى بغداد عقد رئيس كردستان سلسلة لقاءات من بينها اجتماع مع زعيم عصائب أهل الحق قيس الخزعلي في مكتب الأخير ببغداد ركزت على بحث التطورات السياسية ودعم حكومة السوداني.
وبحسب بيان لمكتب الخزعلي فقد جرى خلال اللقاء استعراض الوضع السياسي وأهم التطورات وخصوصاً في الجانب الخدمي وضرورة التعاون لتقديم الدعم اللازم لنجاح الحكومة. واتفق الطرفان على ضرورة استثمار الوضع الإيجابي الحالي لإيجاد المعالجات لحل كل المشاكل المتبقية من أجل تدعيم الاستقرار الأمني والاقتصادي والسياسي.
العرب
وذكر البيان أن بارزاني قدم للخزعلي تهانيه بمناسبة الذكرى العشرين لتأسيس حركة عصائب أهل الحق، الموالية لإيران. ولا يستبعد البعض في أن يكون الخلاف بين الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني قد طرح خلال اللقاء لاسيما وأن الاتحاد تربطه علاقات متقدمة بالقوى الموالية لطهران في العراق.