مسايرة باتيلي للبرلمان ومجلس الدولة: صبر أم انخراط في المماطلة والتدوير

مسايرة باتيلي للبرلمان ومجلس الدولة: صبر أم انخراط في المماطلة والتدوير

طرابلس- تستفز الطريقة التي يدير بها المبعوث الأممي إلى ليبيا عبدالله باتيلي عقدة إجراء الانتخابات الليبيين الذين بدأوا يشككون في جديته بشأن إتمام هذه المهمة وربما انخراطه في مسار المماطلة والتدوير الذي ينتهجه مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة (نيابي استشاري) منذ سنوات.

وبعد هجومه على المجلسين وتلويحه خلال إحاطة في فبراير الماضي أمام مجلس الأمن بتحييدهما وتشكيل لجنة رفيعة المستوى تنظر في إعداد القانون الانتخابي، عاد باتيلي ليمنح المجلسين فرصة إعداد القاعدة القانونية عبر لجنة 6+6 التي بدأت أعمالها قبل أكثر من شهر دون أن تحرز أي تقدم.

ويعتبر الليبيون أن باتيلي خيب ظنهم بعد تصريحات شديدة اللهجة ضد البرلمان والمجلس الأعلى للدولة أحيت الأمل في إمكانية تجاوز عقدة إجراء الانتخابات خلال هذه السنة لاسيما في ظل الدعم الأميركي، متسائلين عن الأسباب التي دفعته إلى التراجع عن تحييد المجلسين خاصة مع اقتناعه التام بعجزهما عن تحقيق أي تقدم.

◙ باتيلي خيب ظن الليبيين بعد تصريحات ضد البرلمان ومجلس الدولة أحيت الأمل في إمكانية تجاوز عقدة إجراء الانتخابات

وأعطى تشخيص باتيلي الدقيق للمشكلة منذ قدومه، والتي حصرها في مجلسي النواب والأعلى للدولة، الانطباع بأنه سيجد الحل المناسب، لكن البعض بدأ يشك في انخراطه في مسار المماطلة، خاصة أنه لم يقدم حتى الآن خطة واضحة تُجرى عليها الانتخابات.

ومنذ بدء لقاءاتهما لم يتفق مجلسا النواب والأعلى للدولة على أي شيء جوهري، وهو ما يقلص التكهنات بشأن توصلهما إلى تفاهم بخصوص خلافاتهما حول القانون الانتخابي. في حين ينظر ليبيون إلى العناد والإصرار على مواقفهما من قانون الانتخابات على أنهما تفاهم على المماطلة والدوران في الفراغ.

ورغم التقارب بين الإخوان والسلطات في شرق ليبيا، خاصة مع القائد العام للجيش المشير خليفة حفتر، فإن المجلس الأعلى للدولة -وهو ممثل الإسلاميين في المحادثات- مازال يصر على منع ترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية للانتخابات الرئاسية، وهو شرط يقال إن الهدف منه هو تحييد حفتر عن الانتخابات في حين لا يمكن النظر إليه الآن إلا على أساس أنه عرقلة، خاصة وأن شخصيات عديدة تولت مناصب قيادية منذ سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي وهي تحمل جنسيات غير ليبية.

وباستثناء الولايات المتحدة لم تمارس أي دولة ضغوطا على البرلمان والمجلس الأعلى للدولة، وهو ما يؤكد غياب توافق دولي بشأن الانتخابات. وتبدو الضغوط السياسية الأميركية غير كافية في ظل النفوذ الأمني والعسكري الكبيرين لروسيا وتركيا.

وكان المبعوث الأميركي الخاص إلى ليبيا السفير ريتشارد نورلاند قد دعا الجمعة القادة السياسيين الليبيين إلى إعداد الإطار القانوني للانتخابات “دون تأخير”.

وتبدو روسيا غير متحمسة للانتخابات التي قد تأتي بحكومة تمارس ضغوطا ضد التواجد العسكري لمجموعة فاغنر في شرق وجنوب ليبيا، في حين ترى تركيا في عبدالحميد الدبيبة الحليف المثالي لها. ومن غير المستبعد أن يكون باتيلي قد تعرض لضغوط من قبل بعض الدول لعرقلة تنفيذ مقترح اللجنة رفيعة المستوى.

في المقابل ينظر محللون إلى مسايرة باتيلي لمجلسي النواب والأعلى للدولة على أنها صبر وفرصة أخيرة لهما أمام الليبيين والمجتمع الدولي، لافتين إلى أنه سيمر قريبا إلى تشكيل لجنة رفيعة المستوى للقيام بالمهمة لأن الفشل هو النتيجة الحتمية لاجتماعات لجنة 6+6.

وشدد باتيلي السبت على أهمية دور اللجان الليبية المكلفة بإعداد القوانين الانتخابية ومسؤولياتها في إصدار التشريعات اللازمة لإجراء انتخابات شاملة في البلاد.
جاء ذلك خلال استقبال باتيلي وفدا من لجنة 6+6 بمقر البعثة في طرابلس، بحسب بيان للبعثة الأممية في ليبيا.
ولجنة 6+6 تتكون من 6 أعضاء من مجلس النواب الليبي و6 آخرين من المجلس الأعلى للدولة للاتفاق على قوانين تجرى وفقها انتخابات عامة في البلاد.
وذكر بيان البعثة الأممية أن “باتيلي تبادل، بمعية الفريق الفني المكلف من البعثة، الآراء مع أعضاء لجنة 6+6 الحاضرين حول القضايا المتعلقة بإنجاز الإطار التشريعي للانتخابات”.
ووفق البيان “جدد باتيلي عرض البعثة لتقديم كل دعم ممكن لتمكين اللجنة من إنجاز مهامها في أقرب الآجال”.

وكان باتيلي قد قال في مارس الماضي إن اللجنة التي شكلتها الهيئتان التشريعيتان يتعين عليها الموافقة على قوانين الانتخابات في يونيو من أجل إجراء الانتخابات هذا العام.

وأضاف “بالطبع إذا لم يفعلوا ذلك، فسيكونون مسؤولين أمام الشعب الليبي والمجتمع الدولي والزعماء الإقليميين الذين يدعمونهم في هذه العملية”.

وإثر سؤاله عن الخيارات البديلة التي يفكر فيها إذا لم يتوصلوا إلى اتفاق، قال باتيلي “سنتحدث عن ذلك في وقته”.

العرب