رأس اجدير (ليبيا) – أعلن وزير الداخلية المكلف بحكومة الوحدة الوطنية عماد الطرابلسي الاتفاق مع السلطات التونسية على فتح معبر رأس اجدير بعد أن انتهت الاستعدادات الأمنية. وقال إنه ووزير الداخلية التونسي أصدرا التعليمات لكافة الجهات ذات الاختصاص لاستئناف العمل بالمنفذ، مشيرا إلى أن فتح المعبر سيدر بالخير على ليبيا وتونس، ويعيد الاستثمار والتعاون التجاري والاقتصادي البيني بين البلدين.
وشدد الطرابلسي على أن المنفذ لن يستخدم للجريمة والتهريب أو استغلال ثروات الشعبين الليبي والتونسي، مردفا أن “الاستعدادات جارية من قبل الجانب الليبي لإعادة فتح معبر رأس اجدير الحدودي، بعد الانتهاء من أعمال صيانة وتجهيز المرافق وفق الإجراءات المتخذة من قبل السلطات الليبية، للإعلان عن فتحه خلال الأيام القليلة المقبلة”.
وجاء الاتفاق بعد جملة من الاجتماعات التي عقدها الجانب الليبي مع ممثلي الاتحاد الأوروبي بخصوص تأمين المنطقة الحدودية المشتركة مع تونس.
والأربعاء الماضي، اتفقت لجنة مشتركة بين الجانب الليبي وبعثة الاتحاد الأوروبي (اليوبام)، على دعم قدرات السلطات الليبية في تأمين الحدود مع تونس وإدارتها.
وقالت البعثة خلال الاجتماع الأول للجنة المشكلة وفق مذكرة تفاهم وقعتها وزارة الخارجية بحكومة الوحدة الوطنية الليبية والبعثة الأوروبية في 9 أكتوبر 2023، بطرابلس، إن الجانبين استعرضا “الأنشطة التي نفذتها البعثة خلال المدة الماضية، وأكدا “أهمية دور البعثة في تقديم المشورة الفنية والإستراتيجية إلى السلطات الليبية المعنية بأمن الحدود وإدارتها”، كما تناولا خطتها للفترة من مايو 2024 إلى يونيو 2025 موعد نهاية تفويض البعثة، بحيث تتم مواءمتها مع احتياجات الجانب الليبي، واتفقا على “أن يركز تعاونهما في مرحلة أولى على تأمين منطقة العسة الحدودية ومعبر رأس اجدير الحدودي مع تونس، إلى جانب تقديم الدعم الفني واللوجستي إلى الحدود البحرية.
وبحسب مراقبين، فإن أهم الأولويات التي يمكن التركيز عليها حاليا، هي توحيد المؤسسة العسكرية، ومن ورائه المؤسسة الأمنية، وتشكيل سيطرة موحدة على الحدود وخاصة البرية منها التي تمتد على مسافة 989 كلم مع الجزائر، و1050 كلم مع تشاد، و342 كلم مع النيجر، و1115 كلم مع مصر، و382 كلم مع السودان، و461 كلم مع تونس.
وأعلن عماد الطرابلسي أن قوات الحكومة سيطرت على جزء كبير من الحدود مع تونس والجزائر وإنها ستنطلق إلى الحدود الجنوبية، وقال أمام تجمع لقوات الأمن بمطار طرابلس بحضور رئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة: “تم تأمين وتنظيم معبر رأس اجدير الحدودي وننسق مع تونس لإعادة فتحه قريبا”.
ولا يزال المعبر مغلقا منذ 18 مارس الماضي، بعد السيطرة عليه من قبل ميليشيات محلية وطرد القوات الحكومية منه بشكل وصفته السلطات بالمهين، والذي يجب ألا يتكرر مهما كانت الظروف، لاسيما مع الحديث عن تورط الميليشيات في تنظيم عمليات التهريب للوقود والبضائع بشكل أضر باقتصاد البلدين.
الاتفاق جاء بعد جملة من الاجتماعات التي عقدها الجانب الليبي مع ممثلي الاتحاد الأوروبي بخصوص تأمين المنطقة الحدودية المشتركة مع تونس
وكان المجلس الرئاسي شدّد في مناسبات عدة، على ضرورة تكثيف الجهود لتأمين الحدود بوصفها “أمنا قوميا”، خلال هذه المرحلة التي تعيشها دول الجوار، وأكد عضو المجلس موسى الكوني على أهمية العمل الذي يقوم به منتسبو الحرس “لمنع الخروقات التي تهدد الأمن القومي، ومساهمته في أمن واستقرار ليبيا”، مشيرا إلى أنه تم الاتفاق على “دعم حرس الحدود، وتذليل الصعوبات التي تعيق عمله، بالتنسيق مع وزارة الدفاع، والتأكيد على التعاون مع الدول التي سبقت ليبيا في هذا الشأن، للاستفادة من خبرتها في مجال حرس الحدود، وتأمينها لضمان استقرار البلاد”.
وتمّت خلال اجتماع مشترك، الاثنين في معبر رأس اجدير بين أعضاء اللجنة الأمنية المشتركة، مناقشة التعاون بين البلدين الشقيقين لتفعيل العمل بالمعبر بعد الانتهاء من أعمال الصيانة والتطوير، من الجانب الليبي لتسهيل حركة المسافرين والوقوف على الاحتياجات الفنية والتقنية التي يحتاجها المعبر، بحيث يستوعب أكبر عدد ممكن من حركة المسافرين.
وأكد المجتمعون ضرورة التقيّد بالإجراءات اللازمة وفقا للقوانين والتشريعات النافذة في البلدين لمكافحة ومنع التهريب بكافة أنواعه وتمّ الاتفاق على فتح أكثر عدد من الممّرات لتكون في أتم الجاهزية لاستقبال حركة المسافرين والبضائع بكُلّ سهولة.
ورجح رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان مصطفى عبدالكبير الثلاثاء، أن يتم فتح معبر رأس اجدير من الجانب الليبي، بعد استقبال الرئيس قيس سعيد لوزير داخلية غرب ليبيا.
واعتبر عبدالكبير أنّ “النقاط الخلافية مرتبطة بالاكتظاظ على مستوى المعبر ومشكل آلية تسجيل السيارات، بالإضافة إلى موضوع التشابه في الأسماء الذي مثّل معضلة للجانب الليبي، وظاهرة التهريب”. مشيرا إلى أنّ “موضوع التهريب والهجرة والأمن الحدودي كان أحد مواضيع التشاور في اللقاء التونسي – الليبي”.
موضوع التهريب والهجرة والأمن الحدودي كان أحد مواضيع التشاور في اللقاء التونسي – الليبي
وعرض الطرابلسي على الدبيبة، الخطوات التي اتخذتها وزارته في إعداد الخطة اللازمة لتأمين المعبر وتشغيله وفق الإجراءات الأمنية الكافية. كما عرض وزير الداخلية الليبي بهذه المناسبة نتائج اجتماعه الأخير مع نظيره التونسي كمال الفقي بشأن تنظيم العمل بين سلطات البلدين لتسهيل حركة المواطنين في منطقة المعبر. وشدد على ضرورة تجهيز رأس اجدير بما يساهم في راحة المسافرين وتوفير الظروف الملائمة لهم، مبرزا التنسيق الإيجابي مع وزارة الداخلية التونسية من أجل إعادة فتح المعبر.
وقالت داخلية حكومة الوحدة، إن اللجنة الأمنية لإعادة تفعيل العمل بمعبر رأس اجدير باشرت عملها من المعبر برئاسة رئيس جهاز المباحث الجنائية وعضوية مدير إدارة المرور والتراخيص ومدير المنفذ ورئيس رقابة الجوازات به، مشيرة إلى أن ذلك يأتي تفعيلا لقرار وزير الداخلية عماد الطرابلسي والقاضي بإعادة تفعيل المعبر، وأن اللجنة الأمنية لإعادة تفعيل العمل بمعبر رأس اجدير باشرت عملها من المعبر برئاسة رئيس جهاز المباحث الجنائية وعضوية مدير إدارة المرور والتراخيص ومدير المنفذ ورئيس رقابة الجوازات به، مؤكدة أن ذلك يأتي تفعيلا لقرار وزير الداخلية والقاضي بإعادة تفعيل المعبر.
وأكدت أن أعضاء اللجنة التقوا بأعضاء من إدارة شرطة الحدود بتونس بحضور القنصل الليبي بصفاقس بغية إعداد الترتيبات لانسياب حركة العبور بين البلدين وكذلك لوضع آلية لتسجيل المركبات الآلية العابرة ومعالجة أسباب ازدحام حركتي الدخول والخروج.
وأشارت إلى أن الجانبين اتفقا على استئناف العمل بالمنفذ بعد الانتهاء من أعمال الصيانة وفقاً للمعايير الدولية للمعابر البرية مع التقيد بالتشريعات النافذة للبلدين في مكافحة التهريب مؤكدة أنه تم أيضا الاتفاق على فتح عدة ممرات للمسافرين والبضائع.
وكان الرئيس التونسي استقبل بقصر قرطاج، اللواء عماد مصطفى الطرابلسي، وزير الداخلية الليبي المكلّف. وقال بيان صادر عن الرئاسة التونسية، إن اللقاء تناول العلاقات المتميّزة بين البلدين الشقيقين والعزم على مزيد تطويرها في كل المجالات، ولاسيّما في مجال تنسيق الجهود بخصوص ملف الهجرة غير النظامية ،وأنه تمّ التعرض خلال هذا اللقاء إلى العمل المشترك بين البلدين من أجل تذليل كل الصعوبات في أقرب الأوقات لإعادة فتح معبر رأس اجدير لا فقط لأهميته الاقتصادية والتجارية بل أيضا لتكريس الإيمان المشترك بأن الشعبين التونسي والليبي هما في الواقع شعب واحد، والعبور في هذا الاتجاه أو ذاك أمر طبيعي ويجب أن يتم في أفضل الظروف وهو ما تعمل على تحقيقه في تناغم تام كل من تونس وليبيا.
وفي الأثناء، اتجهت ليبيا للتعاون مع الاتحاد الأوروبي على تأمين حدودها المشتركة مع تونس بالتزامن مع استمرار إغلاق معبر رأس اجدير الحدودي بين البلدين منذ 18 مارس الماضي، فيما يرى مراقبون أن تأمين الحدود الليبية أصبح أولوية لدى عدد من العواصم الغربية وفي مقدمتها واشنطن وباريس وروما.
وبحسب أوساط ليبية مطلعة فإن الاهتمام الغربي بتأمين الحدود الليبية يعود إلى عدة أسباب من بينها صراع النفوذ مع روسيا، والخوف من تسلل العناصر الإرهابية مع استمرار تدفق موجات المهاجرين غير الشرعيين القادمين من دول جنوب الصحراء والباحثين عن منفذ نحو الضفة الشمالية للمتوسط، والخسائر الكبيرة التي تتكبدها ليبيا نتيجة كميات كبيرة من تهريب الوقود المدعم بما أثر سلبا على توازناتها المالية والاقتصادية.
العرب