عجز بغداد عن حل معضلة سنجار يبقي القضاء عرضة للتدخلات

عجز بغداد عن حل معضلة سنجار يبقي القضاء عرضة للتدخلات

بغداد – يقود عجز الحكومة العراقية عن تطبيع الأوضاع في سنجار وإخراج الميليشيات المسلحة إلى بقاء هذه الساحة مسرحا للتدخلات الخارجية. وتعاني منطقة سنجار الواقعة في محافظة نينوى شمال العراق من انتشار تشكيلات عسكرية بعضها مرتبط بالحشد الشعبي وبعضها الآخر بحزب العمال الكردستاني الذي يخوض صراعا مع تركيا.

ويرى متابعون أن حكومة محمد شياع السوداني غير قادرة عمليا على فرض سيطرتها على هذا القضاء، في ظل سطوة الجماعات الولائية، وإزاء ذلك لا تملك القدرة على التصدي للتدخلات الإقليمية ومنها التركية التي كثفت مؤخرا من هجماتها على القضاء. ولقي ثلاثة “مقاتلين” إيزيديين مرتبطين بحزب العمال الكردستاني مصرعهم وأصيب آخرون بجروح الثلاثاء إثر قصف نسب إلى تركيا في سنجار.

وأفاد بيان صادر عن جهاز مكافحة الإرهاب في إقليم كردستان أنه في تمام الساعة الخامسة صباحاً (2:00 بتوقيت غرينتش) “استهدفت طائرة مسيرة تابعة للجيش التركي مقراً لمقاتلي وحدات حماية سنجار في قرية تشومو خلف في قضاء سنجار”، ما أدى “إلى مقتل ثلاثة مقاتلين” و”إصابة ثلاثة آخرين بجروح”.

وهذا القصف هو الثاني خلال أسبوع الذي يستهدف المنطقة، حيث قتل ثلاثة مقاتلين آخرين في ضربات نسبت إلى تركيا كذلك في سنجار الثلاثاء الماضي. ويأتي ذلك قبل جولة انتخابية حاسمة في تركيا في 28 مايو بين الرئيس رجب طيب أردوغان ومنافسه كمال قليجدار أوغلو. وينتمي هؤلاء المقاتلون إلى وحدات حماية سنجار، وهي مجموعة مسلحة لمقاتلين إيزيديين مرتبطة بحزب العمال الكردستاني الذي تصنّفه أنقرة تنظيما “إرهابيا”.

◙ ثلاثة مقاتلين إيزيديين مرتبطين بحزب العمال لقوا مصرعهم وأصيب آخرون بجروح الثلاثاء إثر قصف تركي في سنجار

وفي انعكاس لتعقيد الوضع في تلك المنطقة من شمال العراق التي تتداخل فيها عدة أطراف، فإنّ وحدات حماية سنجار منضوية كذلك في الحشد الشعبي الموالي لإيران وقاتلت تنظيم الدولة الإسلامية إلى حين هزيمته في العام 2017. ونادرا ما يعلّق الجيش التركي على العمليات التي يشنّها في العراق، لكنه ينفذ بانتظام عمليات عسكرية برية وجوية ضد حزب العمال ومواقعه في شمال البلاد، سواء في إقليم كردستان الذي يحظى بالحكم الذاتي أو في منطقة سنجار الجبلية.

وتشنّ أنقرة التي تقيم منذ 25 عاماً قواعد عسكرية في شمال العراق عمليات عسكرية ضدّ حزب العمال المتمركز في مخيمات تدريب وقواعد خلفية له في شمال العراق الذي يتعرض مراراً للقصف جراء هذا النزاع.

وتُتهم بغداد وأربيل، عاصمة كردستان العراق، بالتغاضي عن التمادي التركي حفاظا على التحالف الإستراتيجي الذي يربطهما مع أنقرة، أحد الشركاء التجاريين الرئيسيين للبلاد. لكن الطرفين يحرصان إثر كل حادثة دامية على إصدار بيانات إدانة لانتهاك السيادة العراقية وتداعيات ذلك على المدنيين، فيما يراه متابعون مجرد “رفع عتب”.

وكانت تركيا قد حظرت في أبريل الرحلات الجوية من وإلى مطار السليمانية، ثاني مدن إقليم كردستان. وبعد أيام قليلة، اُتهمت أنقرة بشنّ قصف قرب المطار أثناء تواجد قوات أميركية رفقة زعيم قوات سوريا الديمقراطية (قسد).

وفي نهاية فبراير وبداية مارس، أسفرت عمليات قصف تركي في سنجار عن مقتل عناصر من “وحدات حماية سنجار”. ويدفع هذا الوضع الأمني إلى عزوف الآلاف من المواطنين الذين نزحوا من القضاء إبان اجتياح تنظيم داعش، عن العودة إلى ديارهم، على الرغم من التطمينات الحكومية.

العرب